أخيرًا، وبعد تأجيل لقرابة 14 عام، أكدت وكالة ناسا الفضائية موعد إطلاق تلسكوب جيمس ويب الفضائي المنتظر بحلول 25 ديسمبر القادم"غدًا". إنه حدث يتطلع إليه العالم بشغف كبير، فهو أكبر وأقوى تلسكوب فضائي تم بناؤه على الإطلاق، والذي سيمكن العلماء من القيام بمجموعة واسعة من التحقيقات في علم الفلك ودراسة كل مرحلة من مراحل التاريخ الكوني - من داخل نظامنا الشمسي إلى أبعد المجرات التي يمكن ملاحظتها في الكون المبكر. هل تتخيلون ما يمكننا اكتشافه من خلاله!
في ظل هذه الأجواء الحماسية، وبينما نحن على وشك أن نشهد حدثًا فريدًا ربما لا يتكرر في العمر مرتين، نشارك معكم بعض الحقائق حول هذا التلسكوب المميز.
نقطة البداية
تم تطوير جيمس ويب (JWST) من قِبل وكالة الفضاء الأمريكية ناسا بالتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية ووكالة الفضاء الكندية ليكون خليفًا لتلسكوب هابل الفضائي الذي أُطلق عام 1990. وسُمى بهذا الاسم تيمنًا بـ جيمس ويب -مدير وكالة ناسا وقت برنامج أبولو الذي وضع رواد الفضاء على سطح القمر.
عام 1989 شارك كل من معهد علوم تلسكوب الفضاء (STScI) ووكالة ناسا في استضافة ورشة لتطوير جيل جديد من تليسكوبات الفضاء، حيث ناقش المهندسون وعلماء الفلك القدرات العلمية والتقنية لتلسكوب يتبع تلسكوب هابل الفضائي ليخطو بنا خطوة أبعد، وأدت المناقشات من تلك الورشة إلى التوصية الرسمية في عام 1996.
التوصية الرسمية
أشارت التوصية الرسمية بأن التلسكوب يجب أن يعمل على التقاط الأشعة تحت الحمراء والتي تمتاز بطول موجي يمكن لعلماء الفلك رصده وتمييز الغيوم والأجرام السماوية القديمة -والبعيدة عن حدود رصد هابل- التي تصدر هذه الأشعة، كما أوصوا بأن يتم تزويده بمرآة أساسية أكبر من 4 أمتار، لرفع مستوى دقته وحساسيته، ليبدأ بناء التلسكوب في عام 2004.
سلسلة تأجيلات، تنتهي أخيرًا
كان من المقرر إطلاقه عام 2007 بكلفة بناء 500 مليون دولار، لكنه دخل في سلسلة من التأجيلات التي منحته وقتًا كافيًا ليتم تزويده بأفضل وأحدث الإمكانيات ما جعل كلفته تتخطى 10 مليار دولار، لينطلق غدًا في مهمة غير مسبوقة ربما تستغرق من 8 لـ 10 سنوات.
مهمة واعدة
لقدرته على مراقبة الكون ورصد أشعة غير مرئية للعين البشرية، وهي الأشعة تحت الحمراء، يصبح جيمس ويب أشبه بتك الكاميرات التي يستخدمها رجال الإطفاء لرؤية ضحايا الحريق عبر الدخان كي يتمكنوا من إنقاذهم. سيستخدم التلسكوب كاميرات مشابهة كي نرى من خلال الغبار الكوني، مما قد يؤدي لاكتشافات مثيرة حول تشكل النجوم والكواكب.
سيسمح جيمس ويب بإلقاء نظرة على شكل كوننا بعد حوالي 200 مليون سنة من الانفجار العظيم، كما سيكون قادرًا على التقاط صور لأوائل المجرات التي تشكلت قبل ما يقارب 13.5 مليار عام، مما يتيح لنا معرفة كيف تغيرت المجرات الأولى بمرور الزمن، ويمكننا من مراقبة الأجسام في نظامنا الشمسي، وخارجه.
الأمر المثير أننا سنتمكن من النظر داخل سحب الغبار الكوني لمعرفة أين تتشكل النجوم والكواكب الجديدة وفحص الغلاف الجوي للكواكب التي تدور حول نجوم أخرى، والتي من المحتمل أن تكون صالحة للحياة، من يعرف ماذا يمكننا أن نجد!
تصميم رائد
يؤكد تصميم جيمس ويب على إمكانية التقاط نطاق من الأشعة القريبة إلى منتصف تحت الحمراء، رغم أن بإمكانه رصد الضوء المرئي البرتقالي والأحمر أيضًا للعديد من الأسباب، على رأسها:
- تتحول الانبعاثات المرئية للأجرام المبتعدة عنا إلى الأشعة تحت الحمراء بمرور الوقت.
- الكواكب والأجرام القديمة الباردة والحطام تُبعث بشكل أكبر في الأشعة تحت الحمراء.
- كان من الصعب دراسة هذا النطاق من الأرض بواسطة تليسكوبات الفضاء الموجودة حاليًا ومنها هابل.
كبر حجم وقابلية للطوي
لعل أول ما يمكن ملاحظته في هذا التلسكوب أنه كبير الحجم؛ فبارتفاع مبنى من 3 طوابق ومساحة ملعب تنس، كان لابد أن يبدع العلماء في تصميمه ليُطوي بأسلوب يشبه الأوريغامي كي يتمكنوا من إدخاله في الصاروخ لإطلاقه في الفضاء.
مرايا مطلية بالذهب
أما عن العنصر البصري -والذي يعزى إليه كبر حجم التلسكوب- فهو عبارة عن مرآة أساسية يبلغ قطرها 6.5 متر، مكونة من 18 مرآة متحدة من البيريليوم المطلي بالذهب لعكس الأشعة تحت الحمراء بشكل جيد. تُعد هذه أكبر مرآة فلكية تم إرسالها للفضاء، وهو ما يعطيها قدرة على الوصول لنطاقات كونية أوسع والتقاط الأشعة تحت الحمراء في مساحة تصل لـ 31.5 متر مربع، وهي مساحة تجميع أكبر بست مرات من تلسكوب هابل بمرآته التي يبلغ قطرها 2.4 متر. غير أنه يتمتع بـحساسية تفوق هابل بمئة مرة.
Credit: NASA/Chris Gunn صورة توضح مرآة جيمس ويب الأساسية المكونة من 18 مرآة سداسية الأضلاع مطلية بالذهب.
الدرع الكبير
بعد الإطلاق سوف ينفتح التلسكوب كاشفًا عن درع كبير مكون من خمس طبقات من الكابتون والمغلف بالألومنيوم والسيلكون، تعمل على حجب أشعة الشمس ومنع وصول الحرارة الزائدة لكاميرات التلسكوب وبقية الأجهزة على متنه، وإبقاء حرارته في المستوى اللازم لأداء مهمته دون تدخل خارجي.
ملحوظة: يعمل التلسكوب عند درجة حرارة منخفضة للغاية (-223 درجة مئوية) وذلك من أجل رصد الأشعة تحت الحمراء بوضوح.
لماذا نرسل تلسكوبًا إلى الفضاء في مدار بعيد عن الأرض؟
سيدور تلسكوب جيمس ويب حول الشمس بمنطقة لاغرانج بين الشمس والأرض مستقرة الجاذبية، في مدار يبعد 1.5 مليون كيلومتر من الأرض، أي حوالي أربعة أضعاف المسافة بيننا وبين القمر، بينما تلسكوب هابل الفضائي يقع على ارتفاع 547 كم فقط من الأرض، ولعل السبب في بعد المدار عن الأرض، هو تجنب الحرارة والإشعاع القادمين من الأرض والقمر.
بشكلٍ عام وجود التلسكوبات في بعد مناسب خارج الغلاف الجوي للأرض أمرًا بغاية الأهمية، ذلك أن الضوء القادم من أي جسم في الفضاء باتجاه الأرض يتعرض للتشوه أثناء عبوره الغلاف الجوي ما يؤثر على دقة الأشعة التي يتلقاها التلسكوب، لذا أفضل طريقة لتخطي هذا العائق هي وضع التلسكوب في الفضاء.
البث المباشر
- من المخطط أن يتم إطلاق التلسكوب على صاروخ أريان 5 المُقدم من وكالة الفضاء الأوروبية، 25 ديسمبر (7:20صباحًا بتوقيت شرق الولايات المتحدة)
- سينطلق من ميناء الفضاء الأوروبي في كورو، بمدينة غويانا الفرنسية
- الوقت المتوقع للمهمة هو من 5 إلى 10 سنوات
يمكنكم متابعة البث المباشر من خلال الروابط التالية، لا تفوتوا هذا الحدث 😉🌟
- يوتيوب
- تويتر
- فيسبوك
اقرأ أيضاً طبقات الأرض.
رائع جداً يا سمر