بعد الأحداث الصاخبة التي شهدتها مباراة مصر والسنغال ضمن التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2022 بقطر، وتوجيه أصابع الاتهام إلى الجماهير، لاستخدامهم أشعة "الليزر" في محاولة لتشتيت لاعبي الفرق الأخرى، اهتزت الصحف العالمية لتوضح تأثير استخدام أشعة "الليزر" على أداء اللاعبين بشكل ملحوظ في المباريات الهامة، ولتبرز أن تأثير تلك الأشعة لا يقتصر على تشتيت اللاعبين فحسب، بل قد يمتد ليشمل مخاطر بالغة على الصحة.
كيف تؤثر أشعة "الليزر" على الرؤية؟
بعد ساعات معدودة من انتهاء أحداث مباراة مصر والسنغال، نسبت العديد من الصحف العالمية عموم الفوضى في أرض الملعب إلى استخدام الجماهير لأشعة "الليزر"، حيث تعمدت الجماهير تشتيت لاعبو المنتخب المصري، بتصويب أشعة الليزر إلى أعينهم في أثناء المباراة، بسبب الهوس بالفوز بتلك المباراة والوصول إلى نهايات كأس العالم.
أشارت صحيفة "ديلي ميل" إلى أن استهداف اللاعبين بالعشرات من أشعة "الليزر" من قِبل الجماهير أدى إلى تضييع العديد من الفرص الحاسمة للفوز بتلك المباراة. كما أشارت صحيفة "ذا صن" إلى أن توجيه أشعة "الليزر" إلى اللاعبين خاصةً عند تسديد ركلات الجزاء، أدى إلى تشتت الرؤية لدى اللاعبين، ما أدى إلى صعوبة التصويب على المرمى بشكل صحيح.
لم تكن تلك الحادثة الأولى من نوعها عند الحديث عن تأثير أشعة"الليزر" على الرؤية، ففي عام 2018، نشرت صحيفة "نيو إنجلاند" الطبية تقريرًا يؤكد إصابة طفل يبلغ من العمر تسع سنوات بانخفاض حاد في قدرة عينه اليسرى على الرؤية، بعد التحديق في شعاع من الليزر.
تأثير أشعة "الليزر" على صحة العين
في محاولة لفهم أعمق لتأثير التعرض لأشعة "الليزر" على صحة العين وحدة الرؤية، نشرت الأكاديمية الأمريكية لطب العيون دراسة تقارن فحص قاع العين في مجموعة من المشاركين الذين تعرضت أعينهم لأشعة "الليزر" الزرقاء، لتظهر النتائج إصابات بالغة على مستوى شبكية العين، خاصةً في منطقة "البقعة الصفراء- Macula Lutea" المسؤولة عن الرؤية المركزية.
ومع أن نتائج الدراسة أظهرت تحسنًا تلقائيًا في 29% من المشاركين، إلّا أنها أظهرت احتياج الـ 71% الباقيين إلى تدخل علاجي للحفاظ على وظيفة العين من تلك الإصابات البالغة.
خلص الباحثون في تلك الدراسة إلى ضرورة الحد من استخدام أشعة "الليزر" لتأثيراتها البالغة على صحة العين، والتي قد تكون دائمة في كثير من الأحيان، كما حذرت من خطورة توافر أجهزة "الليزر" بشكل كبير، ما يتيح وصولها للكثير من الناس دون الإدراك الكافي لطرق استخدامها بشكل آمن.
كيف تسبب أشعة "الليزر" تلك الإصابات البالغة؟
تتميز أشعة "الليزر" بالعديد من الخصائص التي تمكنها من إحداث إصابات بالغة لكل ما يتعرض لها، ولعل أبرز هذه الخصائص هي:
توازي الحزم الضوئية (Collimation)
تتميز أشعة "الليزر" بقدرتها على قطع مسافات طويلة في حزم ضوئية ذات انفراجية محدودة، أي أنها تقطع تلك المسافات دون أن تتشتت الطاقة الصادرة عنها أو يتغير اتجاه الأشعة المكونة لتلك الحزم الضوئية، ما يمكن أشعة "الليزر" من إصابة الأهداف بدقة لامتناهية مهما بعدت، ولذلك يُستغل "الليزر" في العديد من التطبيقات، مثل أنظمة المساحة لقياس المسافات.
لكن على النقيض، فإن هذه الميزة الفريدة التي تفيد في تأدية الكثير من المهام، تتسبب أيضًا في إحداث الضرر وإصابة الأهداف البعيدة. كما حدث في عام 2012 بإصابة طيار في إحدى الرحلات الجوية في عينيه، بعد تعرضه لأشعة "الليزر" التي وُجهت لمقصورة القيادة في أثناء هبوط الطائرة. ومع أن أشعة "الليزر" كانت موجهة من مسافة 11 كم أو أكثر قليلًا من الهدف، إلّا أنها حسب صحيفة "ديلي ميل" تسببت في وقوع إصابات بالغة.
شدة أشعة "الليزر"
تتميز أشعة "الليزر" بالصغر اللامتناهي لحجم مقطعها العرضي، الذي لا يتعدى بضعة ميكرومترات مربعة، ما يركز كل الطاقة الضوئية المنبعثة من مصدر الضوء الأساسي في ذلك المقطع العرضي الصغير، الأمر الذي يميز أشعة "الليزر" بشدتها، ويجعلها تُستغل في العديد من المهام التي كان يصعب تأديتها من قبل، مثل الحفر على المواد الصلبة وتقطيعها، كما يجعلها تُستخدم في الكثير من الجراحات الدقيقة والتدخلات العلاجية، خاصةً في أمراض العين وأمراض الجلد.
توصيات هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) بشأن استخدام أجهزة "الليزر"
توصي هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) بضرورة اتخاذ بعض الاحتياطات الواجبة، قبل وأثناء استعمال أجهزة الليزر المباعة بالأسواق، ومنها:
- عدم توجيه أجهزة "الليزر" مباشرة تجاه أي شخص، حيث إن الطاقة الضوئية لأشعة "الليزر" تمثل خطورة كبيرة، ربما تكون أكثر خطورة من التحديق مباشرة في أشعة الشمس، وقد تتسبب في إصابات بالغة للعين، تصل إلى حد العمى.
- عدم استهداف أي سطح لامع أو مركبة أو طائرة بأجهزة "الليزر"، حيث قد يتسبب ذلك في حوادث مروعة.
- التأكد من وجود علامة الموافقة الخاصة بهيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) قبل شراء أي من أجهزة "الليزر".
- تجنب استخدام الأطفال لأجهزة "الليزر"، ومنع الترويج لهذه الأجهزة كألعاب للأطفال.
- تجنب شراء أجهزة "الليزر" التي تتجاوز قوتها (5 مللي وات)، أو الأجهزة التي لا يمكن تحديد قوتها من الملصق الخاص بها.
- ضرورة التوجه لأحد مقدمي الرعاية الصحية على الفور، بمجرد اشتباه إصابة العين بأشعة الليزر، للأطفال والبالغين على حد سواء.
أخيرًا، مع أن اكتشاف أشعة "الليزر" بخصائصها الفريدة ساهم بشكل كبير في تطور العديد من الصناعات، بل وإجراء الجراحات الدقيقة أيضًا، إلّا أن انتشاره بشكل واسع في صورة أجهزة في متناول الجميع، يمثل خطورة كبيرة على الصحة العامة، إذا لم يُراع استخدامه بشكل آمن، والالتزام بأحدث التوصيات لتفادي آثاره ومخاطره المختلفة.