البكتيريا

البكتيريا والحروب المقدسة

كان ومازال سعي البكتيريا، وجميع الكائنات نحو الغذاء هو الباعث علي التطور. فندرة الغذاء دفعت أنواع من البكتيريا لتعيش في مجتمعات يعاد فيها تدوير الغذاء حتي العدم! فمثلا إذا اقتاتت بكتيريا ما علي الجلوكوز فأحالته الي حمض اللاكتيك، تعيش أخري علي تكسير ذلك الحمض الي ثاني أكسيد الكربون، ثم يقوم نوع ثالث بتثبيت ثاني أكسيد الكربون وتحويله الي ميثان، وهكذا تعلمت البكتيريا أن تتعاون لتقتصد، فأفضي ذلك التعاون الي إبداعات دفعت عجلة التطور إلي خلايا أكثر تعقيدًا وكفاءة.

والحقيقة أن هناك أدلة علمية متنامية ترجح بأن معظم القفزات التطورية الهامة في عالم البكتيريا والتي أفضت للخلايا ذات العضيات المتخصصة والأنوية المغلفة والحامية للمادة الوراثية قد حدثت عبر التعاون لا التناحر. واليوم لا يبدوا أننا تعلمنا من البكتيريا ما ينفعنا، ففي عالم البشر تتحكم رذيلة الافتراس التوسعي، في مقابل افتراس الضرورة عند ضواري الحيوان أو التدوير التكاملي عند المستعمرات البكتيرية ، في مصائر الشعوب والأمم!

من الناحية السياسية والاجتماعية، نموذج الافتراس التوسعي أفرز حالة تنظر الي التناحر وتوازنات الرعب باعتبارها الدافع نحو التقدم، حيث يجادل العسكريون وصقور الساسة والمتحالفين معهم من معتنقي الاقتصادية الداروينية بأن الحروب العظمي هي المخرج من حالات الركود الاقتصادي عن طريق خلق فرص عمل في صناعة السلاح وما يغذيها، وهي الدافع الأصلي لتطوير تكنولوجيات متقدمة. ولم يكن مهمًا أبدا إذا كان شق هذا الطريق يتم عبر دماء الملايين من الضحايا أو أن يتم تعبيده بجماجمهم!

وبالمناسبة لا يختلف الأمر كثيراً عند مستغلي شراك الحروب المقدسة وجهاديين الطلب الذين يطمعون في بسط نفوذهم سعيًا وراء الدنيا علي ظهور مطايا الدين! إننا هنا لم نستوعب مفاهيم التوازنات البيئية ووحدة البيئة الحاضنة والتي تضع الكائنات في سلسلة موصولة كل حلقاتها مهمة وجوهرية للبقاء.

اقرأ أيضاً:  النفايات تحل أزمة المحروقات.. هل سمعت بالوقود الحيوي؟

باختصار، إن حالة التآكل المتطردة في الأرزاق تضع البشرية امام اختبار حقيقي له حلين: إما عالم إنساني يتطور ويتقدم علي أسس تم وضعها نظريا واختبرت عمليا في منظومة البحث العلمي بسياسات الانفتاح المعرفي والشفافية وأخلاقياتها غير الطبقية ، وإما عالم دون-حيواني يتطور ولا يتقدم ويحمل بذور فناءه وعوامل نهايته من الأحقاد والخواء والتفاوت الصارخ والمتعاظم بين الناس .

اختيارنا سيحسم سؤال مهم عن معني وقيمة البشر، بل وعن كونهم مخيرين في سعيهم الارتقائي أم مسيرين ومحكومين بقوانين دارون البائسة.

شاهد أيضاً أنواع الإنسان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share