"نيوم".. نمط حياة مستدام على أرض سعودية

قد يواجه تحديات المشاريع واسعة النطاق

"نيوم"، قصة مدينة مستدامة بدأت عندما أعلن الأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية، إطلاقها في عام 2017 على هامش مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار"، أكبر مبادرة اقتصادية تناقش مستقبل الاستثمار العالمي.

أعلن ولي العهد السعودي آنذاك رؤيته لمدينة تحوي أكبر تجمع صناعي، وأخرى تمتد عشرات الأميال ليكون هدفها الأساسي هو دمج أحدث التقنيات المستدامة مع تحقيق رفاهية غير مسبوقة لساكنيها، وثالثة تمثل وجهة عالمية للسياحة خاصةً الجبلية؛ هذا هو التخطيط المبدئي لمدينة "نيوم" المستقبلية، لتكون بذلك بوابة نحو المستقبل الذي يدمج الطبيعة الخلابة وأحدث التقنيات التكنولوجية مع الالتزام بمبادئ الاستدامة في مدينة واحدة متكاملة.

ما هي مدينة نيوم ؟

بدايةً، جاءت التسمية من شقين؛ الشق الأول (NEO) مكون من ثلاثة أحرف من اللغة اليونانية تعني (جديد)، أما الشق الثاني فهو حرف (M) المعبر عن كلمة (المستقبل) من اللغة العربية.

هناك طموحات كبيرة لمستقبل نيوم، وتطلعات لتحويل أرض تبوك في صحراء السعودية إلى مدينة مثالية مستوحاة من الخيال.

"ذا لاين"

هي مدينة خطية يبلغ طولها 110 أميال وعرضها 200 متر داخل مشروع "نيوم". من المخطط أن تتسع "ذا لاين" لحوالي تسعة ملايين ساكن. ومن المتوقع أن تترواح تكلفة المشروع من 100 إلى 200 مليار دولار.

وفقًا لتخطيطات المشروع، ستكون جميع الخدمات الأساسية على بعد خمس دقائق سيرًا على الأقدام، لجميع ساكني المدينة. كما سيتم تشغيل كافة المرافق والمنشآت باستخدام الطاقة النظيفة المتجددة.

ومن المخطط لها أن تكون مدينة خالية تمامًا من السيارات، وعوضًا عن ذلك سيعتمد سكان المدينة بشكل أساسي على خط سكة حديد عالي السرعة. والهدف من ذلك هو الحفاظ على جودة الهواء في المدينة، وبالتالي الحفاظ على صحة سكانها.

"تروجينا"

هي أحد الأجزاء المخطط لها كجزء من مدينة نيوم. تم البدء بالعمل فيه بداية مارس الماضي، ومن المخطط الانتهاء منه في عام 2026. تمثل "تروجينا" أول وجهة للتزلج على الجليد في الهواء الطلق بشبه الجزيرة العربية، وفازت مؤخرًا باستضافة دورة الألعاب الآسيوية الشتوية عام 2029.

تقع "تروجينا" في جبال السروات، وهي أعلى سلسلة جبال في المملكة العربية السعودية، وتقع على بعد حوالي 31 ميل من ساحل خليج العقبة، مع ارتفاع يتراوح من 1494 إلى 2590 مترًا.

يتميز الموقع بانخفاض درجة حرارته بمقدار 10 درجات مئوية في المتوسط عن بقية مواقع مدينة "نيوم"، خاصة في فصل الشتاء حيث تصل درجات الحرارة إلى ما دون صفر درجة مئوية. ووفقًا للموقع الرسمي للمشروع، فإنه سيستضيف قرية تزلج لا تقتصر على موسم الشتاء فقط، بل تستمر طوال العام.

كما يحتوي المشروع أيضًا على مجموعة ضخمة من الشقق السكنية والشاليهات والقصور والفنادق.

"أوكساجون".. المدينة العائمة

مجمع صناعي عائم من المخطط بناؤه في شكل ثماني الأضلاع بعرض حوالي 7 كيلومترات. ومن المتوقع أن يكون أكبر هيكل عائم في العالم.

اقرأ أيضاً:  ميتا تشين | مؤسس باي بال يعتقد أن البيتكوين قد تصل إلى ٤ مليون دولار

تمثل "أوكساجون" المحرك الاقتصادي والصناعي لمدينة "نيوم" بأكملها، حيث تعتمد بشكل أساسي على الابتكار وتطبيق أحدث التقنيات الصناعية الصديقة للبيئة.

يقع المشروع على ساحل البحر الأحمر، ويتم تهيئته ليكون بمثابة ميناء دولي لاستقبال السفن والعبّارات المارة عبر البحر الأحمر.

علاوة على ذلك، من المقدر أن تضم المدينة أكثر من 90 ألف ساكن، وأن توفر حوالي 70 ألف وظيفة بحلول عام 2030.

التحديات

غالبًا ما تتضمن المشاريع الكبيرة في جميع أنحاء العالم مخاطر وتحديات مختلفة قد تؤدي إلى فشل المشروع إذا لم تتم إدارتها بشكل فعّال وعملي.

تشير دراسة حديثة بعنوان: "المخاطر والتحديات المرتبطة بمشروع نيوم في السعودية: منظور تسويقي"، إلى أن الأهداف والخطط الرئيسية لمدينة "نيوم"، مثل نظم النقل فائق السرعة، واستخدام خدمات الروبوتات والذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات، وتصميم مدينة لريادة الأعمال والابتكار، مع عدد سكان إجمالي يزيد على مليون نسمة، من المتوقع أن تواجه تحديات صعبة للغاية.

على سبيل المثال، فإن تطبيقات الخدمات الروبوتية التي تعتمد بشكل أساسي على تقنيات الذكاء الاصطناعي، قد تواجه مشكلة أن الأبحاث المتعلقة بهذا الشأن ما زالت تتقدم، لكنها قد لا تتقدم بالسرعة الكافية التي تتوافق مع الجدول الزمني القصير لإكمال مشروع "نيوم"، ما يتطلب تعاون بين الهيئات المصممة لخوارزميات الذكاء الاصطناعي مع هيئات إدارة المشروع. 

كذلك، فعلى الرغم من أن المدينة ستعتمد على الطاقة النظيفة بنسبة 100٪، إلا أن المشروع في المجمل قد يكون له بعض التأثيرات السلبية على البيئة، نتيجة بعض التطبيقات الموجهة لرفع سقف الرفاهية داخل المدينة؛ على سبيل المثال: إنشاء قمر اصطناعي لإضاءة السماء في الليل، وإضاءة رمال الشواطئ بمواد كيميائية اصطناعية، واستخدام تقنية "البذر السحابي" من أجل هطول الأمطار الاصطناعية.

ويظل أحد أبرز التحديات التي تواجه "نيوم"، هو التكلفة المادية التي تعد أحد أهم الجوانب الضرورية للمشاريع واسعة النطاق. وعلى الرغم من أن الحكومة السعودية قد خصصت 500 مليار دولار أمريكي للمشروع، إلا أنه بالنظر إلى تكاليف الاستثمار والجدول الزمني للمشروع، فمن الضروري الحصول على بعض التمويل من الاستثمارات الخارجية للالتزام بالخطة الزمنية.

ونظرًا لأن المملكة العربية السعودية تعتمد اعتمادًا كبيرًا على المغتربين في مختلف القطاعات خاصةً الصناعية، فإن ذلك يزيد المخاطر المتعلقة بثقافة العمل، حيث يتم توظيف العمال من مختلف الثقافات والجنسيات في هذه المشاريع.

على كل حال، نطمح ألا تقف هذه التحديات عائقًا في سبيل رؤية هذا المشروع الضخم يشق طريقه إلى النور خلال الأعوام القادمة، فمشروع "نيوم" يعد مثالًا يُحتذى به ونموذجًا للمدن المستقبلية التي تدمج أحدث التقنيات التكنولوجية بمبادئ الاستدامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share