في سيناريو مفجع على مدار 4.6 بليون عام مضوا؛ شهد كوكبنا 5 انقراضات جماعية عظيمة كادت تنهي الحياة على كوكبنا..
على مدار 4.6 مليار عام - فيما يعادل عمر أرضنا كما يزعم العلماء - شهد الجانب الحيوي على هذه الأرض 5 انقراضات جماعية عظيمة، كانت فيهم الأرض مقبرة مكشوفة لمعظم ساكنيها، إلا أن هناك جزءًا صغيرًا من المحظوظين الذين افلتوا ليشهدوا هذا الفناء العظيم. يكملون المسير ويعمّرون الأرض من جديد ويعملون على إحياء الجانب الحيوي على كوكبنا مرة أخرى بتنوعه المبهر وانتشاره الواسع. لكن هل كادت أن تنتهي الحياة بشكل كامل وتهدد هذه الانقراضات نشأتنا؟
الانقراض الأوردوفيشي السيليوري
قبل 444 مليون عام في العصر الأوردوفيشي؛ حدث انقراض جماعي عظيم على مرحلتين بينهما مئات الآلاف من السنين، اختفى على إثره حوالي 86% من الحياة البحرية وهي نسبة ضخمة بالنسبة للأحياء في تلك الفترة، نتيجة لتكوّن غطاء جليدي عملاق في نصف الكرة الجنوبي؛ مما أدى إلى تغير المناخ وهبوط في مستوى سطح البحر، وإفساد التركيب الكيميائي لمياة المحيطات. صُنف هذا الانقراض كثالث أكبر انقراض شهدته الأرض وحتى الآن يُعتبر أول الإنقراضات.
الانقراض الديفوني المتأخر
في العصر الديفوني المتأخر قبل 359 مليون عام حدث انقراض لأكثر من 75% من الأنواع الحية في ثاني الانقراضات على التوالي. يعتقد العلماء أنها كانت سلسلة من الانقراضات على مدار ملايين السنين وليس حدثًا واحدًا، وقد تلقّت الشعاب المرجانية ضربة قاسية في هذا الانقراض، ولم تعد إلى مجدها السابق إلا بعد 100 مليون عام. اعتقد العلماء أن سبب هذا الانقراض هو نقص غاز الأكسجين في قاع البحار مما قضى على كل ما هو حي ما عدا البكتيريا.
انقراض العصر البرمي
مرّ ما يقارب 110 مليون عام وما لبس الكوكب في استرداد عافيته إلا وتلقى انقراضًا لم يشهده من قبل ولا من بعد في ثالث الانقراضات وأكبرها على الإطلاق، إنه انقراض العصر البرمي حيث سُحقت تقريبًا كل الكائنات التي عاشت على وجه الأرض، واختفى ما يقارب 96% من التنوع الحيوي عليها، وكان ذلك قبل 248 مليون عام من الآن.
تنحدر كل أشكال الحياة على سطح الأرض حاليًا من الـ 4% المتبقيين من هذا الانقراض، وكان أكثر المتضررين هم الأحياء البحرية والحشرات. في سيناريو مُحزن اصطدم جسم غريب بالأرض تحررت بسببه كميات ضخمة من غاز الميثان السام، مع هبوط في مستوى الأكسجين ومستوى البحر إلى جانب إثارة البراكين، وهذا ما أدى إلي هذا الموت المفجع في هذا الوقت. ماذا لو لم يبقى من هذا الانقراض شئ على الإطلاق؟
انقراض العصر الترياسي – الجوراسي
في حين تحتاج من الوقت ما يكفي لالتقاط أنفاسها وإفساح رقعة آمنة للـ 4% الذين أفلتوا من هذا الانقراض، لكن في تراجيدية مُحزنة لم تتهاون الطبيعة مع كوكبنا؛ ففي آخر 18 مليون عام في الحقبة الترياسية وعلى ثلاث مراحل، حدث الانقراض الجماعي في العصر الترياسي-الجوراسي والذي مضى عليه ما يقارب الـ 200 مليون عام. قد يرجع سببه إلى تغير المناخ أو الثورات البركانية أو اصطدام جسم فضائي. لم يتأكد العلماء بعد، مع ذلك قدّر العلماء حجم هذا الانقراض بحوالي 50% من مجموع الأنواع في هذا الوقت، فقد انقرضت العديد من الزواحف البحرية وبعض الكائنات المكوّنة للمستعمرات وبعض البرمائيات الكبيرة، وأعدادًا ضخمة من الرخويات ورأسيات الأرجل.
انقراض العصر الطباشيري الثلاثي
أخيرًا في عصر الديناصورات التي حكمت الأرض ما يقرب الـ 160 مليون عام في العصر الطباشيري، لكن يبدو أن الطبيعة لم ترض بعد على ساكني الأرض، فقد نفّست الأرض عما بداخلها، مُخرجةً من جوفها ما يكفي لصهر ما تحمله على ظهرها؛ فالبراكين في ذلك الوقت - تحديدًا قبل 65 مليون عام - أخذت تثور بشكل لم يحدث من قبل، على جانب آخر كان هناك نيزك يتحرك نحو الأرض مهددًا كل ما يقابله، إذ قدر العلماء أثر اصطدام هذا النيزك بالأرض بما يعادل ملايين القنابل الذرية، وفي صخب لا يتحمله بشر انتهت حياة تلك الديناصورات الضخمة أسياد الكوكب في وقتها، والزواحف الطائرة وكذلك بعض أنواع الصدفيات تحديدًا الـ(Ammonites)، وبعض النباتات الزهرية فيما يُسمى بانقراض العصر الطباشيري الثلاثي.
هل حدثت انقراضات أخرى ؟ ربما..
في منتصف أغسطس الماضي، قام بعض علماء الجيولوجيا في جامعة ستانفورد بنشر ورقةٍ بحثية في مدونة PNAS - Proceedings of the National Academy of SciencesK ، حيث يكشف لنا جزء من هذا البحث ازدهار الحياة قبل مليارات السنين عندما بدأ ظهور الأكسجين في غلافنا الجوي. لكن بعد مئات الملايين من السنين، انخفض معدل الأكسجين مما أدى إلى حدوث انقراض جماعي من المُحتمل أن يكون أكبر من انقراض الديناصورات.
إذ كشفت أدلة من صخور كندية تشكلت قبل مليارات السنين عن خسارة هائلة في الأرواح، فقدت فيها الأرض ما يقرب من ثلاثة أرباع أحيائها. هذا الانقراض حدث منذ حوالي ملياري سنة، حيث عاشت الكائنات الدقيقة التي شكلت الغلاف الجوي للأرض وكان لها الفضل في النهاية على الحيوانات الكبيرة بعد أن مهدت الطريق لها لأرضٍ مليئة بالأكسجين، لكن تلك الكائنات الدقيقة كانت ضحية هذا الانقراض. ويعتقد العلماء أن هذا الانقراض يُعتبر أول الانقراضات التى حدثت للأرض وأنه يمكن أن يكون ضمن الانقراضات الجماعية العظيمة.
وأخيرًا،
على الرغم من أن الأرض لاقت دمارًا كبيرًا منذ نشئتها، إلا أن الطبيعة هي المجرم الوحيد حول تلك الانقراضات، أما اليوم فالمجرم هو نفسه الضحية حيث أننا نقوم اليوم بتدمير الكوكب بأم أيدينا، ولن ينتج عن هذا إلا انقراض جماعي سابع!.