إعصار فلورنس, إعصار أمريكا, تغيرات مناخية, الطقس, ناسا, الولايات المتحدة الأمريكية, الأعاصير, كوارث طبيعية

إعصار «فلورنس»؛ الكابوس الذي تواجهه أمريكا

تواجه الولايات المتحدة الأمريكية غضب الطبيعة، حيث يجتاح الإعصار فلورنس الساحل الشرقي لها، ماذا نعرف عنه؟

لا أحد في منأى عن الخطر، يعيش البشر حياتهم على كوكب الأرض مترقبين دائماً لشيءٍ ما، شيء يهدد حياتهم، سواءً أكان مما عملته أيديهم، أم فقط غضب الطبيعة، أو كليهما معاً.

وعليه؛ تواجه الولايات المتحدة الأمريكية هذه الأيام قوة كارثة طبيعية ضخمة متمثلة في الإعصار «فلورنس»، كابوسها الذي يقترب من الساحل الشرقي. تشكل الإعصار في المحيط الأطلسي بعد ظهر يوم الثلاثاء الثاني عشر من سبتمبر/أيلول الجاري، ليصبح إعصارًا من الفئة الثالثة، حيث بلغ عرضه ما يزيد عن 550 كم، وبلغت سرعة الرياح فيه إلى أكثر من 255 كم/ساعة.

ومن زاوية أخرى، أظهرت العديد من صور الأقمار الصناعية، والصور الملتقطة من محطة الفضاء الدولية حجم هذا الوحش الطبيعي الذي يجوب الأطلسي، والذي تراجع للفئة الثانية اليوم مع اقترابه للساحل الأمريكي.

لكنه وعلى الرغم من هذا التراجع؛ فإن الرياح العاتية والأمطار الغزيرة المتوقع أن تصاحب ذاك الإعصار، قد تتسبب في حدوث فيضانات، ووقوع خسائر فادحة لملايين الأمريكيين القاطنين في مناطق الساحل الشرقي، خاصة ولاية كارولينا الشمالية.

صور لمركز الإعصار فلورنس، التقطها رائد الفضاء والجيوفيزيائي «ألكسندر جرست» على متن المحطة الدولية، حيث وصف المشهد قائلًا:

كونوا على استعداد في الساحل الشرقي، فهذا كابوس!

وفقاً لتقرير صادر من «هيئة الأعاصير الوطنية» الأمريكية، فإن الإعصار يتوقع أن يبدأ رحلته من ساحل «نورث وساوث كارولينا» ابتداءً من يوم الخميس (اليوم)، ثم يباشر بالتحرك عميقًا إلى داخل الساحل الأمريكي، ويستمر في فرض سيطرته وقوته المدمرة لعدة أيام في مناطق جورجيا، فيرجينيا، وماريلاند والعاصمة واشنطن.

وبطبيعة الحال، فرضت السلطات حالة الطوارئ في المناطق الواقعة في طريق الإعصار، وتأثرت حركة الملاحة الجوية على طول الساحل الشرقي، حيث ألغيت ما لا يقل عن 800 رحلة جوية من اليوم الخميس، وحتى يوم السبت.

كما أغلقت السلطات ساحل كارولينا، وعدم السماح بالمرور عبر الجسر الوحيد في المنطقة، وفرضت حظر التجول لمدة 24 ساعة، أما ما سيحدث أثناء اقتراب الرياح الشديدة من الشاطئ؛ فستحمل الرياح معها مياه المحيط إلى اليابسة، مسببة هطول غزير للأمطار سيؤدي إلى ارتفاع المياه لـ 100 سنتيمتر.

فيديو حراري لدوران الإعصار فلورنس.

في خطوة أولية تسبق العاصفة، أعلن حاكم ولاية كارولينا الشمالية، أنه تم إجلاء نحو 300 ألف شخص منها، ومع اقتراب العاصفة، من الممكن إجلاء أكثر من مليون شخص.

اقرأ أيضاً:  نوبل الفيزياء 2021: لمن منحونا فهمًا أعمق للتغير المناخي وتأثيرنا عليه

التحدي أمام إدارة ترامب

يعد الإعصار «فلورنس» أكبر الأعاصير التي تواجهها الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2018. وفي ذلك، أعلن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" أن إدارة البيت الأبيض ستعمل على توفير كل ما يلزم للحد من حجم الخسائر البشرية.

بدأت جميع المؤسسات وإدارة الطوارئ، والمؤسسات الحكومية والفدرالية بالاستعداد للإعصار أيضًا، لكن التحدي الذي تواجهه إدارة ترامب، هو هل ستنجح بالفعل في الحد من الخسائر، أم سيكون الأمر أشبه بالعام الماضي؟

ما حدث آنذاك هو أن هناك انتقادات حادة وجّهت لإدارة ترامب، ووكالة الطوارئ الفيدرالية بسبب بطء الإجراءات التي اتبعتها لمواجهة 3 أعاصير (إيرما، هارفي، ماريا)، وتعثّر إيصال الطعام والمياه العذبة للضحايا في جزر بورتوريكو!

وصف ترامب الإجراءات التي اتبعتها إدارته العام الماضي، بأنه عمل «عظيم»، على الرغم من وفاة أكثر من 2000 شخص في الكارثة، كما تشير العديد من الدراسات أن وفاة هذا العدد من الأشخاص كان بسبب القصور في الاستجابة لإعصار «ماريا» من قِبل المسؤولين في بورتوريكو، وكذلك الحكومة الفيدرالية.

وفي تقرير صدر في يوليو/تموز، ذكرت إدارة الطوارئ نفسها أنها فشلت في تقدير كم الإمدادات المطلوبة، ولم تتنبه جيدًا لصعوبات نقلها لموقع الكارثة.

وفي تقدم ملحوظ، في أبريل/نيسان الماضي، أنشأت الوكالة عددًا من الفرق الميدانية التابعة لها، حيث سيتم نشرها بشكلٍ دائم للعمل مع المسؤولين، وتقديم المساعدة والتدريب أثناء الكوارث. وفقًا للوكالة، فإن ولاية كارولينا الشمالية كانت أولى الولايات التي امتلكت هذه الفرق.

هل هناك علاقة بين الاحتباس الحراري والأعاصير؟

من أصل 33 إعصار مدمر ـمن الدرجة الخامسةـ حدثت خلال 94 عاماً الماضية، 11 منهم كانوا في الأربعة عشر سنة الأخيرة فقط، وفي عام 2017 وحده وصل عدد الأعاصير المدمرة-الدرجة الثالثة وما يعلوها- إلى 6 أعاصير، وما يقرب من 17 عاصفة قوية.

رغم أن العلاقة بين تغير المناخ والأعاصير تعد معقدة، إلا تأثيرات الأزمة المناخية ليست بمعزل عن الحدث، فمع ارتفاع درجة حرارة المحيطات تزداد الأعاصير قوة، كما أن ارتفاع رطوبة الجو نظراً لارتفاع الحرارة، تعني المزيد من الأمطار المحمولة مع الأعاصير، أي المزيد من الفيضانات المدمرة.

وفيما يخص فلورنس، فإن معدل الأمطار الذي يحتمل أن يلقيه الإعصار على الساحل الأمريكي ازداد بنسبة تفوق 50% بسبب أزمة التغير المناخي، وفقا ًلدراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة «ستوني بروك» بالتعاون مع مختبر «لورنس بيركلي الوطني» التابع لوزارة الطاقة الأمريكية، كما يتوقع أن حجم الإعصار قد ازداد بمعدل «80 كم» لنفس السبب.

إن فكرة تجنب ربط الكوارث المناخية الفردية بأزمة الاحتباس الحراري، هي فكرة قديمة وفقُا لعالم المناخ  «مايكل وينر»  أحد المشاركين في الدراسة، مضيفاً «لقد وصلنا إلى المرحلة التي يمكننا الجزم فيها بذلك، لم تعد أزمة المناخ مشكلة الأجيال القادمة، نحن الآن في قلب الكارثة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share