مع ازدياد معدل الإصابة بسرطان الثدي عالميًا، والذي يمثل حاليًا 12% من نسب أمراض السرطانا المُشخصة عالميًا كل عام، أصبح شبح الخوف يتمثل أمام الكثير من النساء اللاتي يقعن تحت براثن هذا الوحش الكاسر رغم تمتعهن بحياة صحية جيدة. فما هي القواسم المشتركة بين النساء حتي يصبن بسرطان الثدي؟
في هذا المقال نوضح للأمهات اللاتي يعانين الألم والوهن خلال فترات الحمل والرضاعة، أن هناك جانب مشرق لكل هذا باستثناء إنجاب طفل رائع.
ملحوظة: في عام 2012 تم تشخيص ما يقرب من 1.7 مليون حالة مصابة بسرطان الثدي، من بينهم571 ألف حالة انتهت بالوفاة.
علاقة الحمل والرضاعة الطبيعية بسرطان الثدي
رغم أن هناك العديد من العوامل التي تلعب دورًا في الإصابة بسرطان الثدي، إلا أن الدراسات أظهرت أن خطر إصابة المرأة بسرطان الثدي مرتبط بتعرضها للهرمونات التي تنتجها المبايض (الاستروجين والبروجستيرون)، والمسئولة عن تحفيز نمو خلايا الثدي، وبالتالي هناك ارتباط وثيق بين زيادة مدة ومستويات التعرض لهرمونات المبايض وزيادة خطر الاصابة بسرطان الثدي. تتضمن هذه العوامل كل من الحيض المبكر، وتأخر انقطاع الطمث، وكذلك تأخر الحمل أوعدم الإنجاب؛ مما يسمح بتعرض أنسجة الثدي لمستويات عالية من الهرمونات لفترات أطول من الوقت.
على الجانب الآخر، يرتبط الحمل والرضاعة الطبيعية اللذان يخفّضان من عدد دورات الحيض، وبالتالي تقليل التأثير التراكمي للهرمونات الداخلية - بانخفاض خطر الإصابة بسرطان الثدي.
ضف إلى ذلك أن للحمل والرضاعة الطبيعية تأثيرات مباشرة على خلايا الثدي، مما يؤدي إلى تمايزها أو نضوجها بحيث يمكنها إنتاج الحليب، ويفترض بعض الباحثين أن هذه الخلايا المتمايزة أكثر مقاومة للتحول إلى خلايا سرطانية من الخلايا التي لم تخضع للتمايز.
وفيما يلي عوامل مرتبطة بالحمل تخفض خطر الإصابة بسرطان الثدي:
1. الحمل المبكر
السيدات اللائي يتمتعن بفترة حمل كاملة (9 أشهر) في سنٍ مبكرة يقل خطر تعرضهن للإصابة بسرطان الثدي في وقت لاحق من الحياة. على سبيل المثال، فالنساء اللائي تعرضن لحمل كامل المدة قبل سن ال20 عام؛ ينخفض خطر الإصابة بسرطان الثدي إلى حوالي النصف عن غيرهم من النساء اللائي لم يحملن حملًا كاملًا إلا بعد ال 30.
2. زيادة عدد الولادات
لعل خطر الإصابة بسرطان الثدي يتناقص مع عدد الأطفال المولودة؛ فالنساء اللائي أنجبن 5 أطفال أو أكثر لديهم نصف خطر الإصابة بسرطان الثدي من النساء اللائي لم ينجبن. كما أظهرت الأبحاث أن النساء اللائي تعرضن لحمل كامل المدة؛ تقل فيهن نسب الإصابة بسرطان المبيض وسرطان بطانة الرحم أيضًا، وتنخفض النسب مع كل حمل إضافي.
3. زيادة مدة الرضاعة الطبيعية
يرتبط الإرضاع من الثدي لفترة أطول (على الأقل سنة) بانخفاض مخاطر الإصابة بسرطان الثدي.
علاجات الخصوبة وخطر حدوث سرطان الثدي أو سرطانات أخرى
النساء اللائي يجدن صعوبة في الحمل أو الحمل لفترة كاملة قد يخضعن لعلاج الخصوبة، الذي يشمل الجراحة أو الأدوية لتحفيز عملية التبويض.
تشتمل بعض التقنيات المساعدة على الإنجاب وتحفيز المبيض على تغير مؤقت في مستويات هرمون الاستروجين والبروجستيرون في جسم المرأة. على سبيل المثال، تتلقى النساء الخاضغات للتخصيب الخارجي مراحل متعددة من العلاج الهرموني لقمع الإباضة أولًا حتى تصبح البويضات النامية جاهزة، ثم تحفيز نمو عدة بويضات، وأخيرًا تعزيز نضوجها؛ وقد أثار استخدام الهرمونات الخارجية مخاوف بشأن زيادة مخاطر الإصابة بالسرطان، خاصةً السرطانات المرتبطة بمستويات مرتفعة من هذه الهرمونات.
لذا، بحثت العديد من الدراسات الترابطات المحتملة بين استخدام أدوية الخصوبة أو التلقيح الصناعي ومخاطر سرطان الثدي وسرطان المفاصل وبطانة الرحم، ولكن يصعب تفسير نتائج هذه الدراسات لأن العقم نفسه مرتبط بزيادة مخاطر هذه السرطانات (النساء المصابات بالعقم أكثر عرضة لخطر هذه السرطانات حتى لو لم يستخدمن أدوية الخصوبة). كما أن هذه السرطانات نادرة نسبيًا وتميل إلى التطور بعد سنوات من علاج العقم، مما يجعل من الصعب ربط حدوثها بالاستخدام السابق لعقاقير الخصوبة. على أي حال كانت النتائج كالتالي:
1. سرطان الثدي: الجزء الأكبر من الأدلة يتوافق مع عدم زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي المرتبط باستخدام أدوية الخصوبة أو التلقيح الاصطناعي.
2. سرطان المبيض: هناك بعض الشكوك حول ما إذا كان علاج العقم هو أحد عوامل الخطر لسرطان المبيض. لكن 2013؛ وجدت مراجعة منهجية من 25 دراسة شملت أكثر من 180 ألف امرأة، أنه بشكل عام لا يوجد دليل قوي على زيادة خطر الاصابة بسرطان المبيض للنساء المعالجة بأدوية الخصوبة، ولم يكن لدى النساء اللاتي خضعن لعمليات التلقيح الصناعي زيادة في خطر الإصابة بأورام خبيثة في المبيض سوى في دراسة واحدة.
3. سرطان بطانة الرحم: بشكل عام، لا يبدو أن استخدام أدوية الخصوبة أو التلقيح الصناعي يزيد من خطر الإصابة بسرطان بطانة الرحم.
في النهاية، ومع تطور الرعاية الصحية بالمرأة، لابد من المتابعة والحرص على إجراء الفحص الدوري للثدي للاطمئنان أولًا وللكشف الباكر إذا ما حدث سرطان الثدي.