تمتلك بعض قناديل البحر القدرة على الضيائية الحيوية.بلغة أبسط، يمكنها أن تتألق بأضواء «زرقاء - خضراء» في ظلمة المحيط، وهو ما قد يجذب لها وجبة من الطعام، أو قد يغير مستقبل علوم الحياة، ليكشف أسرار العالم الداخلي للخلية.
منحت جائزة نوبل في الكيمياء عام 2008، لثلاثة علماء تمكنوا من عزل واستخدام البروتين المضيء المستخرج من قناديل البحر في تتبع الحياة السرية للخلية، حيث يضيء باللون الأخضر عند تحفيزه بالأشعة فوق البنفسجية، لتموت الخلايا فيما بعد تحت تأثير الأشعة الضارة.
قد يتغير ذلك بعدما أوضحت دراسة حديثة نشرت في دورية «نيتشر ميثودس - Nature methods» أنه من الممكن تطوير بروتينات فلورية، يتم تحفيزها باستخدام طيف من الضوء الأخضر أو البرتقالي، مما يمكن العلماء من دراسة أسرار الخلايا بينما تظل حية.
البروتين الفلوري الأخضر
في ستينيات القرن الماضي نجح عالم الأحياء البحرية الياباني «أسامو شيمومورا»، في عزل البروتين المسؤول عن خاصية الإضاءة تلك من خلايا قنديل البحر، وهو ما عرف بـ«البروتين الفلوري الأخضر - GFP».
ومع تطور تقنيات الهندسة الوراثية خلال العقود التي تلت اكتشاف «شيمومورا»، أصبح من الممكن تحسين عمل ذاك البروتين وإدماجه الجين في جينات الخلايا البشرية أو الحيوانية.
وفور تحفيزها بالأشعة فوق البنفسجية، يضيء ذلك البروتين الدليل ليبلغ عن موقع الجزيء المتطلب تتبعه في الخلية، أو لتحديد معدل نشاط الجينات، كاشفًا العالم السري للخلية.
إلا أن استخدام الأشعة البنفسجية يضر بالحالة الفسيولوجية العامة للخلية، أو يقتلها تمامًا، وهو ما حد من فرصة اكتشاف المزيد عن نشاط مكونات الخلية، بينما تظل الحية.
تصوير نانوي
قام الفريق البحثي من مؤسسة العلوم الروسية بالتعاون مع باحثين من المعهد الملكي للتكنولوجيا بالسويد، وكلية طب ألبرت آينشتاين بالولايات المتحدة الأمريكية، بإخداث طفرات موجهة وعشوائية في الجين الخاص بالبروتين المضيء، باستخدام تقنية «عملية البلمرة المتسلسلة - PCR» .
ثم تم انتقاء البروتينات التي حازت طفرات مكنتها من تحسس الضوء الأخضر والبرتقالي، بحيث يمكن تحفيزها دون إحداث ضرر للخلية.
يستطيع العلماء الآن من فحص مواقع جزيئات بحجم عدة نانومترات -واحد من بليون من المتر- من خلال مجاهر معقدة تطلق أشعة من الطيف الأزرق على البروتينات الفلورية لتحفز وتضيء، ومع إمكانية توفير بروتينات فلورية تحفز بطيف أخضر أو برتقالي، ستزداد إمكانية تصوير نشاط الخلية على فترة أطول بينما تزال على قيد الحياة.
يقول «ألكسندر ميشين» الباحث الرئيسي بالدراسة الأخيرة، لقد استخدمانها لمراقبة التغير في هيكل الخلية على مدار فترة طويلة. مع ذلك، تكمن الآثار الجانبية للبروتينات المُطورة في قلة سطوع البروتين، إلا أن الباحثين يحاولون إحداث طفرات عشوائية إضافية تحاول التغلب على الآثار الجانبية دون التعرض للميزات التي تم الحصول عليها.