فى الخامس عشر من أكتوبر/ تشرين الأول 2018 غيب الموت بول ألين عن عمر يناهز الخامسة والستين بعد صراع مع مرض سرطان الغدد الليمفاوية الذى أصابه قبل تسع سنوات.
تقابل بول ألين مع بيل جيتس عام 1968 فى مدرسة ليك سايد الثانوية الخاصة بولاية واشنطن، حيث درسا مبادئ الحاسب الآلى. كانت الحاسبات الآلية فى ذلك الوقت كبيرة الحجم، غالية الثمن، ويقتصر استخدامها على الشركات الكبرى والجامعات، ونجحت إدارة مدرسة ليك سايد فى شراء فترة زمنية تستخدم فيها الحاسب الآلى لشركة جنرال اليكتريك، لتدريب التلاميذ على الحوسبة الآلية، وقد أحدثت الآلة هوسا لديهما فلزما غرفة الحاسب ليلا ونهارا، وكان من الصعب إبعادهما عنها، كانا يكتبان البرامج، ويطالعان المراجع وكل ما يتعلق بالحساب الآلى بنهم شديد، وكانت هذه هى المرحلة التى تم فيها تطوير مهاراتهما فى البرمجيات، والتى أدت إلى ولادة شركة ميكروسوفت بعد ذلك بعدة سنوات.
كان أول عمل فعلى أوكل اليهما عبارة عن تصميم برنامج لحساب مرتبات العاملين فى إحدى الشركات، وبعد ذلك قام بيل وآلين ببناء عداد رقمى لقياس حركة المرور، وحصلا على مقابل مادى 20 ألف دولار، كذلك أعدا برنامجا لإعداد جداول الحصص آليا فى الصيف التالى.
فى خريف عام 1973 التحق بول ألين بجامعة ولاية واشنطن بمدينة سياتل، بينما التحق بيل جيتس بجامعة هارفارد فى مدينة بوسطن، وخلال العطلة الصيفية بدأ جيتس وآلن التفكير فى إنشاء شركة لبرمجة الحاسبات،
وحانت الفرصة عندما طالعا عدد يناير 1975 من مجلة الإليكترونيات، كان الموضوع الرئيسي الذى يتصدر الغلاف هو مجموعة مكونات لحاسب آلى لإستخدامات الهواه يضاهى الحواسب التجارية. أما صورة الغلاف فكانت لآلة صغيرة على شكل صندوق تسمى الحاسب «آلتير 8800». أدرك الشابان بثاقب نظرهما أن سوق الحاسبات الصغيرة على الأبواب، وأن هناك حاجة إلى برمجة هذه الحاسبات، ومن ثم فإن الفرصة الكبرى قد أصبحت فى متناولهما.
اتصل جيتس بالشركة المنتجة للمكونات وأخبرها بنجاحه مع آلين فى تطوير نوع من كود البيسيك لتشغيل الحاسب آلتير8800، واهتمت الشركة بالأمر وطلبت منهما عمل بيان عملى لتشغيل الحاسب، وخلال ثمانية أسابيع من العمل نجح بول آلين أولا فى محاكاة الحاسب الذى لم يكن قد رآه بعد، ثم نجح بيل جيتس فى كتابة كود التشغيل باستخدام الحاسب الآلى لجامعة هارفارد، وطار بول آلن إلى ولاية نيو مكسيكو حيث مقر الشركة، و كان التوفيق حليفهما فقد نجح الكود فى تشغيل الحاسب فى التجربة الأولى، وعقدت الشركة معهما صفقة لشراء حقوق استخدام الكود، وكانت هذه لحظة حاسمة فى تاريخ نجاح بيل جيتس وبول آلن، وأدركا أن صناعة البرمجة قد بدأت فكونا شركة ميكروسوفت، وتركا الدراسة الجامعية ليتفرغا لإدارة الشركة.
حقق جهاز آلتير8000 مبيعات بلغت أربعة آلاف جهاز خلال الشهور الثلاثة الأولى، وكانت أكثر التوقعات تفاؤلا لا تصل إلى عدة مئات، ويعتبر هذا الجهاز الشرارة التى أطلقت سوق الحاسبات المكتبية والشخصية، وفرض جيتس على عملاء الشركة شراء برامج التشغيل مع الأجهزة ضمانًا للحصول على خدمة صيانة وتحديثات البرامج، ولم يكن ذلك مألوفا فى ذلك الوقت، إلا أن ثبات بيل جيتس على هذا المبدأ أدى إلى حفظ حقوق البرمجة فى كل صفقة مبيعات.
فى عام 1980 حصلت شركة ميكروسوفت على حق حصرى لترخيص نظام التشغيل «DOS 86» من شركة سياتل لمنتجات الحاسب، وقامت بتعديله ليناسب الحاسب الشخصى «IBM PC» وقدمته لشركة IBM بإسم «PC-DOS» ، فى هذا الوقت قامت شركات أخرى عديدة بإستنساخ حاسبات متوافقة مع حاسب PC IBM ، ووافقت ميكروسوفت على الترخيص لهذه الشركات بإستخدام نظام التشغيل وأطلقت عليه اسم MS-DOS، وهنا تحولت ميكروسوفت إلى لاعب كبير فى سوق نظم التشغيل والتطبيقات البرمجية.
وخلال السنوات الأولى من الثمانينات أدخلت ميكروسوفت نظام النوافذ المبنى على فكرة شركة زيروكس والتى تم تطويرها بواسطة شركة آبل، وقد لاقى نظام النوافذ نجاحا تجاريا واسعا فبيع منه أكثر من عشرة آلاف نسخة فى العامين الأولين لإصداره، بذلك اصبحت ميكروسوفت الشركة الأكبر فى مجال البرمجة.
بعد أن تحول كل من ألين وجيتس إلى ملياردير وهو على مشارف الثلاثين ترك ألين شركة ميكروسوفت عام 1983 وأنشأ مؤسسة فولكان لإدارة الأصول المالية عام 1986 .
يأتى بول ألين فى المرتبة 44 لترتيب مجلة فوربس لأغنى أغنياء العالم بثروة تقدر ب 20.5 مليار دولار، وهو متبرع رئيسى لتمويل المكتبات والجامعات والبحث التعلمى فى مدينة سياتل بولاية واشنطن.
وفى نعى شركة ميكروسوفت لبول ألين كتبت المديرة التنفيذية ساتيا ناديلا: «إن مساهمات بول ألين فى الشركة وفى الصناعة وفى المجتمع لا غنى عنها ولا يمكن إنكارها، وأنه كمؤسس لشركة ميكروسوفت على طريقته الهادئة والمستمرة قد غير العالم بفضل ابتكاراته السحرية من منتجات وخبرات وأعمال مؤسسية».