اختتم موسم نوبل لعام 2018 اليوم الاثنين 8 أكتوبر، بالإعلان عن جائزة نوبل للاقتصاد، بفوز كُلًا من الاقتصاديين الأمريكيين «William D. Nordhaus - وليام د. نوردهاوس» و«Paul M. Romer - بول إم رومر»؛ لإعادة تشكيل فهم محددات النمو الاقتصادي طويلة الأجل.
فقد قام الباحثان الفائزان بجائزة هذا العام «نوردهاوس» و«رومر»، بتقديم مُساهمات هامة في معالجة الأسئلة المركزية حول مستقبل البشرية، توسيع نطاق التحليل الاقتصادي بشكل كبير من خلال بناء نماذج تشرح كيفية تفاعل اقتصاد السوق مع الطبيعة والمعرفة، وتوفر رؤى أساسية حول أسباب ونتائج الابتكار التكنولوجي وتغير المناخ.
حيث صمم الباحثان أساليب لمعالجة بعض من أهم الأسئلة الأساسية في وقتنا حول كيفية تحقيق النمو الاقتصادي طويل الأجل والمستدام، رغم أن الفائزان بالجائزة لهذا العام لا يقدمان إجابات قاطعة، لكن أساليبهما ونتائجهما سمحت إلى حد كبير بالإجابة عن سؤال:
كيف يمكننا تحقيق نمو اقتصادي عالمي مستدام؟
في الأساس، يتعامل الاقتصاد مع مشكلة إدارة الموارد النادرة والمحدودة. حيث تفرض الطبيعة القيود الرئيسية على النمو الاقتصادي، وتحدد معرفتنا بكيفية التعامل مع هذه القيود. ومن أهم القيود في وقتنا الحالي المعرفة والمناج.
تم منح نوردهاوس الجائزة لعمله بشأن آثار العوامل البيئية، بما في ذلك تغير المناخ. وتم منح الجائزة لرومر لعمله المُتعلق بأهمية موائمة التغيير التكنولوجي، بما يتضمنه من ابتكار.
نموذج رومر
https://www.facebook.com/nobelprize/photos/a.164901829102/10155920814024103/?type=3&theater
شددت أبحاث الاقتصاد الكلي السابقة على الابتكار التكنولوجي باعتباره المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي، ولكنها لم تضع نموذجًا لكيفية تحديد القرارات الاقتصادية وظروف السوق، مع خلق تكنولوجيات جديدة.
وهُنا حل «بول رومر» هذه المشكلة من خلال أعماله في دمج الابتكارات التكنولوجية في تحليل الاقتصاد الكلي على المدى الطويل، عبر توضيح كيف يمكن للمعرفة أن تعمل كمحرك للنمو الاقتصادي على المدى الطويل، بإظهار كيف تحكم القوى الاقتصادية استعداد الشركات لإنتاج أفكار وابتكارات جديدة.
ففي بحثه المنشور عام 1990، وضع الأساس لما يسمى الآن «Endogenous growth theory - نظرية النمو الداخلي»، وهي نظرية مفاهيمية وعملية على حد سواء؛ لأنها تشرح كيف تختلف الأفكار عن البضائع الأخرى وتتطلب شروطًا معينة لتزدهر في السوق، كما ولدت كميات هائلة من الأبحاث الجديدة في الأنظمة والسياسات التي تشجع الأفكار الجديدة والازدهار على المدى الطويل.
تغير المناخ
https://www.facebook.com/nobelprize/photos/a.164901829102/10155920749779103/?type=3&theater
وعلى الجانب الأخر، كان «وليام نوردهاوس» رائدًا في في دمج تغير المناخ في تحليل الاقتصاد الكلي على المدى الطويل، من خلال الأهتمام بالقضية الحيوية المتعلقة بتغير المناخ، باستخدام نماذج توضح أن صناع القرار السياسي يفشلون في قياس التأثير الحقيقي للاحترار العالمي.
عبر نموذجه الذي ينتشر على نطاق واسع، ويستخدم في محاكاة كيفية ارتباط تطور الاقتصاد بالمناخ، كما يتم استخدامه لفحص عواقب تدخلات سياسة المناخ، على سبيل المثال: ضرائب الكربون.
بدأ «نوردهاوس» العمل في هذا الموضوع، وفي منتصف التسعينات، أصبح أول شخص يضع نموذج تقييم متكامل، أي نموذج كمي يصف التفاعل العالمي بين الاقتصاد والمناخ، ويدمج نموذجه النظريات والنتائج التجريبية من الفيزياء والكيمياء والاقتصاد.
يُذكر إن العام الماضي، فاز الأميركي «Richard Thaler- ريتشارد ثالر» بالجائزة عن عمله الرائد في مجال الاقتصاد السلوكي، لإثبات أن الأفراد غير عقلانيين بشكل متوقع، وأنهم يتصرفون باستمرار بطرق تتحدى النظرية الاقتصادية.
ورسميًا، تحمل جائزة نوبل للاقتصاد اسم «جائزة بنك السويد في العلوم الاقتصادية في ذكرى ألفريد نوبل»، حيث لم تكن مدرجة ضمن الجوائز الأساسية التي ذكرت في وصية «ألفريد نوبل»، فقد أسسها ومولها البنك المركزي السويدي، ومنحت لأول مرة عام 1969، وتقدر قيمتها المالية بـ 9 ملايين كرون، وتخضع للقواعد نفسها مثل الجوائز الأخرى.