بفضل التقدّم الكبير في تطور وسائل النقل والتقنيات البرمجية المرتبطة بها في معظم أنحاء العالم، باتت صعوبة إيجاد وسيلة نقل - خصوصًا في أوقات الذروة - أمرًا من الماضي، خاصة بعد الانتشار الكبير لشركات سيارات الأجرة التي تُطلب من خلال تطبيقات خاصة بها، مثل شركة «Uber, Lyft, Kareem» وغيرها من الشركات حول العالم.
لكن ماذا لو أرادت بعض من هذه الشركات أن تقفز لمستوى آخر من خلال تطوير خدماتها بجعلها أكثر أمانًا ورفاهية في الرحلات؟
في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017، أعلن فريق مشروع يدعى «وايمو - Waymo» - بقسم السيارات ذاتية القيادة التابعة للشركة الأم Alphabet - عن سيارات ذاتية القيادة بالكامل، لكنها لا تزال في طور الاختبارات التجريبية على الطرق العامة حتى الآن.
أُجريت هذه الاختبارات التجريبية من منتصف أكتوبر/تشرين الأول لنفس العام على طرق مدينة تشاندلر بضواحي فينيكس الأمريكية، دون وجود سائق خلف عجلة القيادة، فقط موظّف من Waymo يقبع في المقعد الخلفي لكرسي القيادة، وذلك لمتابعة ورصد نتائج تلك الاختبارات.
تم تجهيز السيارات بأجهزة استشعار قويّة تمكّنها من الرؤية بزاوية 360 درجة أثناء تجوالها، وهي ميزة لا تتوفر لدى أي إنسان عندما يجلس خلف عجلة القيادة مباشرة، كما يوجد أيضًا ليزر قصير المدى يمكّن السيارة من الرؤية على بعد مسافة 300 متر. لكن حتى الآن لا تملك هذه السيارات حريّة القيادة في كل الأماكن، فهي مدرجة جغرافيًا ضمن مساحة محدودة، إلا أنه مع كسب المزيد من البيانات والخبرة في القيادة، ستتوسّع رقعة القيادة الجغرافية أكثر.
رحلة التأسيس
بدأت رحلة Waymo لأول مرة في عام 2009 باسم «مشروع السيارة ذاتية القيادة»، والذي كانت تديره شركة Google في السابق بسريّة تامة تحت قيادة «سيباستيان ثرون» أحد المشاركين في اختراع أداة «Google street view» - حيث استخدمت في البدء سيارات «Toyota Prius» في مشروع القيادة الذاتيّة، وتم اختبارها على مدى 10 مسارات غير متقطّعة طولها الإجمالي 100 ميل.
وبحلول عام 2012 قام فريق المشروع بإضافة سيارة جديدة من موديل «Lexus Rx450h» إلى أسطول سياراتها، كما أعلن الفريق أنّ سياراتهم قطعت مسافة أكثر من 300,000 ميل قيادة ذاتية منذ بدء الاختبارات التجريبية.
قامت Google نفسها بعمل نموذج سيارة جديدة تم إطلاقها في الطرق عام 2015 تحت اسم «Firefly»، حيث تم تصميمها دون عجلة القيادة ودوّاسة السرعة - كتفسير منطقي لمستقبل تصميم السيارة الذاتية - وتم اختبارها على الطرق العامة في أحياء مدينة أوستن بولاية تكساس الأمريكية، لكن هذه المرة دون وجود سائق اختبار خلف مقعد القيادة.
هيكلة جديدة
عام 2016 تمت إعادة هيكلة مشروع «السيارة ذاتية القيادة» وأُطلق عليه اسم «Waymo» في إشارة إلى عبارة «a new way forward in mobility»، كما تم اتباعه للشركة الأم «Alphabet» بدلاً من Google التي أصبحت أيضًا شركة فرعية.
أضافت Waymo سيارة «Chrysler Pacifica» الهجين الصغيرة إلى أسطول سياراتها عام 2017، حيث أكدت الشركة أن بإمكانها قطع مسافة 25 مليار ميل من المحاكاة والقيادة الذاتية.
وفي عام 2018 أطلقت الشركة برنامجًا للنقل العام محصور في منطقة فينيكس فقط، حيث يركز على توصيل الأشخاص إلى محطات الحافلات ومحطات القطارات الكهربائية، أما بالنسبة للتوسّع الجغرافي، فقد مُنحت Waymo أول تصريح في ولاية كاليفورنيا الأمريكية لبدء عملية الاختبارات التجريبية من دون سائق على الطرق العامة.
من وجهة نظر الشركة، فإن السيارات ذاتية القيادة بالكامل ستحسن تجربة التنقل للجميع بجعلها أكثر أمانًا مع إتاحة الوقت للركاب للقيام بأشياء أخرى، بدلًا من تضييع الوقت خلف عجلة القيادة.
تطبيق برمجي خاص
وفرت Waymo للعملاء إمكانية استدعاء سياراتها عبر تطبيق برمجي لنقلهم إلى الأماكن التي يودون الذهاب إليها، ويبدو أن تطبيق Waymo مشابه تمامًا لخدمة تطبيق سيارات الأجرة التابعة لـ Uber؛ بدءًا من تحديد الموقع الجغرافي لطلب السيارة وصولًا إلى نقطة موقع استلام السيارة. كما يوفّر التطبيق أيضًا للعملاء في نهاية أيّ رحلة إمكانية التقييم لتحديد مستوى جودة الخدمة.
سيكون التطبيق متاحًا في نظامي ios وAndroid، لكنّه لن يظهر في متاجر التطبيقات التابعة لشركة Apple أو Google في الوقت الحالي - نظرًا لعدم انتهاء الاختبارات التجريبية - حتى تصبح الخدمة متوفرة على نطاق أوسع بكثير.
وأخيرًا..
من المتوقّع أن تقوم Waymo بإطلاق سياراتها رسميًا في الطرق العامة وإتاحتها للعملاء بحلول عام 2020. يقول «جون كرافتشيك»، الرئيس التنفيذي للشركة:
سيتم نشر أنظمة القيادة الذاتية عبر العديد من وسائل النقل مثل، السيارات المملوكة شخصيًا والسيارات التجارية التي تقدّم خدمات الأجرة للعملاء.
من المؤكد أن إنجازات Waymo على صعيد السيارات ذاتية القيادة ستكون دافعًا للعديد من شركات السيارات الأخرى للدخول في هذا المجال، حيث تصبح فيه السيارة قادرة على قيادة نفسها في أي بيئة أو حالة طريق دون أيّ تدخل بشري، ما يبشّر بمستقبل مشرق في التقدم التقني لوسائل النقل العامة والخاصة.