قد يكون من المدهش معرفة أن ما نرتديه من الماس هو في حقيقته رواسب بحرية قديمة مدفونة يتم طبخها وإعدادها تحت سطح الارض. فطبقًا لأحدث الأبحاث، والذى يُنسب لجامعة ماكويري بأستراليا "الأملاح التي يتم احتباسها داخل الماس تثبت كونها في الأساس من رواسب بحرية قديمة، وأن معظم الألماس على الأرض صُنع بتلك الطريقة"
فماذا يحدث؟
تلك الرواسب من الممكن أن تتسرب لأعماق الأرض بفضل إعادة التدوير المستمر لسطح كوكبنا فيما يُعرف بمناطق الانغماس، حيث تتم مجموعة من التفاعلات المعقدة ما بين 62 إلى 124 ميل تحت السطح؛ ذلك أن هذه الرواسب وصخور الأرض العميقة تُطهى فى درجات حرارة مرتفعة، ويبدو أن مفتاح هذه التفاعلات هو رواسب المحيط.
وبعد سلسلة من التجارب المشابهة لتلك التي تحدث على بعد 200 كيلو متر تحت الأرض، أثبت دكتور مايكل فورستر، وبروفيسور ستيفن فولي، بالإضافة لدكتور أولييفيه ألارد، مع بقية الزملاء فى جامعة يوهانس جوتنبرج في ألمانيا: أن مياه البحر في رواسب القاع تتفاعل بطريقة معينة لإنتاج توازن الأملاح في الماس.
والدراسة التي نُشرت في مجلة science advance تحل مسألة طويلة الأمد حول كيفية تشكل الماس، فلقد قال مايكل:”هناك نظرية مفادها أن الأملاح المُختزنة في الماس هي من مياه البحر المالحة لكن لم تكن محلًا للاختبار، ولقد أوضحت تجاربنا أنها من رواسب بحرية ولتكوين الماس لابد من وجود سوائل ملحية حوله. لكي تحدث تلك العملية لابد لشريحة كبيرة من رواسب قاع البحر أن تنزلق لعمق أكثر من 200 كيلو متر تحت سطح الأرض في مناطق الانغماس، حيث تنزلق صحيفة تكتونية أسفل الأخرى سريعًا؛ ذلك أن الرواسب يجب أن تنضغط لأكثر من 4 جيجا باسكال (40 ألف ضعف الضغط الجوى) قبل أن تبدأ بالذوبان في درجة حرارة حوالي 800 درجة مئوية موجودة فى ذلك الجزء من الوشاح.
اختبار النظرية
لاختبار تلك الفكرة قام فريقين من جامعة يوهانس جوتنبرج وجامعة جوته بمجموعة من التجارب تحت ضغط عالي ودرجات حرارة مرتفعة لعينات من رواسب البحر في وعاء به صخرة البريدوتيت - النوع الأكثر شيوعًا من الصخور فى ذلك الجزء من الوشاح - حيث يتشكل الماس مع إعطاء العينات الوقت اللازم للتفاعل مع بعضهم البعض في ضغط يترواح من 4 إلى 6 جيجا باسكال، ودرجات حرارة من 800 إلى 1100 درجة سلزية، وهو ما يحاكي الظروف في أعماق تتراوح ما بين 120 لـ 180 كيلو متر تحت سطح البحر.
النتائج؟
كانت النتيجة أن وجدوا أملاح من الصوديوم والبوتاسيوم تتشكل بتوازن يطابق تلك الكميات الصغيرة الموجودة في الماس.
يقول مايكل: "لقد أثبتنا أن العمليات التي تؤدي إلى تكوّن الماس يحركها إعادة تدوير الرواسب البحرية والمحيطية، ونتج عن تجاربنا تكوين المعادن الضرورية لتكوين ضخور الكمبرليت التي تنقل الماس" - الكمبرليت هي صخور بركانية تتكون على عمق 150 - 200 كيلو متر تحت سطح الارض، ويقذف بها البركان خارجًا مصاحبة معها الماس - ويلاحظ توماس ستشيل عالم الماس بجامعة ألبرتا أن هذه الآلية قد لا تفسر الماس القديم الذي تشكل منذ بلايين السنين على الأرض عندما كان كوكبنا الصغير أكثر حرارة، كما يضيف "هذا بالتاكيد تفسير جيد ومثير للاهتمام بالنسبة للماس الأكثر حداثة" وتؤكد كارين سميت عالمة جيولوجيا الماس معهد الأحجار الكريمة الأمريكية: أن ليس كل الماس يتشكل بنفس الطريقة، فبعض الماس يحوي البورون الذي يضفي ألوانًا رائعة كما هو موضح في اللون الأزرق السماوي الشهير لماس الأمل، وأنهت كلامها بأن الماس ليس جميلًا فحسب إنما يخبرنا أيضًا الكثير عن الأرض“.