حكاية صورة I ماتت الحيتان فماتت فرائسها

جرح الصيد الجائر للحيتان لم يندمل بعد

إذا كنت قشريًا صغيرًا من الكريليات فإن اسوأ كوابيسك سيكون هبوط الماء بشكل مفاجئ نحو مسار مظلم ينتهي بموتك، فهكذا تنتهي حياة الكثير من الكريليات غذاءً للحيتان البالينية الضخمة.

تضم الحيتان البالينية بعض أضخم الأنواع التي عاشت على الأرض مثل الحوث الأزرق وحوت الزعنفة الظهرية، ويستمد اسمها من امتلاكها للبالين بدلًا من الأسنان، وهي صفائح من الكراتين (نفس المادة التي تكون أظافر أصابعنا) تستخدمها الحيتان كمرشحات للماء تعلق بها وجبتها المفضلة من الكريليات والقشريات الشبيهة بها.

يمكن للحوت الأزرق تناول 4 أطنان من الكريليات يوميًا، أو هكذا أعتقد العلماء لعشرات السنين.

أخبار مخيفة للكريليات 

تبين دراسة حديثة نشرت في دورية نيتشر Nature أن الحيتان الزرقاء وبعض الحيتان الحدباء تأكل قرابة 3 أضعاف ما عرف عنها سابقًا، توصل العلماء لتلك النتائج باستخدام أجهزة تتبع حديثة وضعت على أكثر من 300 حوت وسجلت حركتهم وسرعتهم وأصواتهم، بينما جرى تتبع فرائسهم من الكريليات بطيارات مسيرة.

ويوضح الباحثون في بيان صحفي أن الدراسات السابقة كانت محدودة بسبب صعوبة دراسة الحيتان الكبيرة التي تسكن لفترة طويلة في الأعماق. واستمدت أغلب النتائج القديمة من دراسات على حيتان ميتة أو من دراسة حيتان من أنواع صغيرة يسهل التعامل معها.

لا جنة للكريليات بدون قاتلها 

تخيل مجددًا أنك ذاك القشري الصغير، ثم فكر ماذا لو قام أحدهم بإبادة قاتلك بحيث يصبح على شفير الانقراض؟

هذا هو ما قام به البشر مع الحيتان، حيث قاموا بصيدها بشكل مضطرد منذ القرن الحادي عشر وصل إلى ذروته في بدايات القرن العشرين. مكنت التقنيات الحديثة حينها من الحراب المقذوفة والمتفجرة قتل مئات الحيتان يوميًا، منها الحيتان البالينية الضخمة مثل الزرقاء والحدباء التي انخفضت أعدادها من مئات الآلاف إلى قرابة ألف حوت فقط.

اقرأ أيضاً:  6 قنوات علمية على «يوتيوب» تناسب الصغار

أكلت لحومها واستخدمت زيوتها للإضاءة وفي استخدامات أخرى مثل صناعة المتفجرات في الحرب العالمية الأولى.

تبين الصورة عملت صيد لحوت باليني عام 2008 من قبل باخرة صيد يابانية بالمخالفة للاتفاقات الدولية.
Credit: Australian Customs and Border Protection Service

تقدر الدراسة الحديثة أن التعداد الطبيعي للحيتان (قبل الصيد الجائر) كان ليأكل 430 مليون طن من الكريليات سنويًا، يساوي ذلك ضعف عدد الكريليات التي تعيش على كوكبنا حاليًا.  فهل خلق قتل الحيتان جنة للكريليات؟

من المدهش أن الإجابة هي "لا"، تشير الدراسة إلى أن أعداد الكريليات -على عكس المتوقع- انخفضت مع انخفاض أعداد مفترسيها من الحيتان.

يفسر العلماء ذلك التناقض بالدور المحوري الذي تلعبه الحيتان في محطيها البيئي، حيث تقوم بهضم الكريليات وإلقاء فضلاتها الغنية بالحديد إلى القاع، تغذي تلك الفضلات كائنات دقيقة تعرف بالعوالق النباتية، تعد تلك العوالق غذاء رئيسيًا للكريليات وللكثير من أنواع الحياة البحرية.


"فكرة إنك إذا قمت بإزالة الحيتان الضخمة، يؤدي ذلك إلى عدد أقل من الأسماك والكريليات هو أمر مدهش." يقول جيرمي جولبوجن الباحث الرئيسي على الدراسة في بيان صحفي.

ويضيف "في ذلك تذكرة أن الأنظمة البيئية معقدة، ومترابطة بشكل مذهل، وعلينا أن نقوم بالمزيد من الجهد لفهمها".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
حوار مع شروق الأشقر حور احدث اكتشافاتها قطرانيميزسفروتس
طالع المزيد

قصة الجد "سفروت".. أحد الأجداد القدامي لفئران إفريقيا وأمريكا الجنوبية

"قطرانيميز سفروتس" أحدث اكتشافات باحثة الحفريات المصرية شروق الأشقر، وهو جد الفئران التي تعيش الآن في أفريقيا وأمريكا الجنوبية.
Total
0
Share