روبوتات غزة تختلف

بأبسط الإمكانيات تحاول دعم معاناتهم

بمجرد أن تقرأ أو تستمع أو تشاهد عنوانًا يتحدث عن الروبوتات على التلفاز أو على مواقع التواصل الاجتماعي أو خلال تصفحك للإنترنت، يتبادر إلى ذهنك على الفور مشاهد من أفلام الخيال العلمي التي يظهر فيها روبوت خارق قادر على إنجاز مهمات كانت حتى وقت قريب مستحيلة دون تدخل البشر، لكن في قطاع غزة فإن الأمر مختلف.

فمفهوم الروبوت هنا ودواعي تصميمه تتوقف على أمرين: المتاح من إمكانيات، فإسرائيل تقف حائلًا دون دخول أي معدات أو مستلزمات، واحتياجات المجتمع ودعم معاناته من خلال تلك الروبوتات، لنجد عدة تصميمات ما بين المتطورة التي يصممها خريجي الجامعات مثل "مستر روبوت"، الذي صممه مدرس حاسوب وهو روبوت تعليمي لمساعدة طلبة المدارس، إلى البسيطة جدًا التي صُممت بأيدي طلبة المدارس أنفسهم.

تصميم تلك الأخيرة، يتلخص في تجميع معدات بسيطة من البيئة المحيطة، بقايا ألعاب الأطفال أو أجهزة كهربائية معطلة أو حتى صندوق خشبي مهمل، لتجد روبوت يسير على أربع عجلات كما هو حال الروبوت الذي صممه طالبان من غزة بهدف مساعدة المزارعين.

روبوت المزارعين الذكي

الشقيقان ملك (15 عامًا) وإبراهيم (13 عامًا) كانت زيارتهما المتكررة للأراضي الزراعية ومشاهدة عمل المزارعين في تلك الأراضي ملهمًا لهما للمضي في ابتكار روبوت يساعد المزارعين في زراعة البذور بطريقة بسيطة خالية من التعقيد.

الروبوت الذي أطلق عليه الشقيقان اسم روبوت البذور الذكي (AGRIBOT"، نجح في الحصول على الجائزة الكبرى في ركن أولمبياد البرمجة والذكاء الاصطناعي بالمعرض العلمي التقني لعام 2022 الذي أقيم بالقطاع مؤخرًا، والمعني بابتكارات وإنجازات طلاب المدراس.

اعتمد الشقيقان في تصنيع الروبوت على إعادة تدوير قطع من ألعاب قديمة، مثل العجلات والبراغي، وأدوات منزلية بسيطة، بينما تم شراء لوحة التحكم الإلكترونية.

ويعمل الروبوت على إحداث حفر صغيرة بشكل متناسق وبذر البذور التي يحملها على ظهره داخلها، في خطوط مستقيمة وبسرعة تصل من 5 إلى 20 ثانية بين الحفرة والأخرى حسب المسافة التي يتم تحديدها من التطبيق، والتي يمكن التحكم فيها ما بين 1سم إلى 20 سم، مما يوفر الوقت والأيادي العاملة، ويضمن نظام دقيق.

تقول ملك لمنصة "ساينتفك عرب": "الروبوت يتم التحكم فيه بواسطة تطبيق على الهاتف الجوال صممه شقيقها إبراهيم، حيث يتم إعطاء الروبوت الأمر من خلال التطبيق ليبدأ بخطوات الزراعة، فيحفر حفرة مناسبة قبل أن يضع البذرة داخلها من خلال مقدمته الأسطوانية، وهي عبارة عن علبة بهارات منزلية، ليسير بعدها إلى الأمام مغلقًا الحفرة".

أما مصدر الطاقة لهذا الروبوت فيعتمد على بطارية هاتف تمكنه من العمل لمدة 5 ساعات، كما يمكن توصيل لوح طاقة شمسية بالروبوت مما يحقق مصدر مستدام للطاقة.

حلم التطوير

أما إبراهيم الذي بدا متحمسًا للفكرة فقد أكد أن عملية صناعة الروبوت بشكله الحالي استغرقت نحو ثلاثة أشهر، لكنه يحلم بتطويره ليقوم بمهام أخرى للمزارعين كالحصاد ورش المياه والمبيدات الزراعية، كما بدءا العمل على تطوير نظام التحكم من نظام "البلوتوث" المستخدم حاليًا ليصبح من خلال الإنترنت عبر شريحة اتصال مثبتة عليه ليتم التحكم فيه عن بعد.

اقرأ أيضاً:  "نيوم".. نمط حياة مستدام على أرض سعودية

كما يسعى الشقيقان إلى تثبيت نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) على الروبوت، مما يسهل تحديد مناطق العمل ومساحة الأرض وحاجتها لعدد الحفر وتوزيعها.

والد الشقيقين؛ أبو الروس مهندس الإلكترونيات والتحكم في كلية فلسطين التقنية، ساعدهما في تصميم الروبوت، حيث يعمل في كل إجازة صيفية على تعليمهما كيفية الاستفادة من الإمكانيات الموجودة لتصميم الروبوتات، وهو ما شجعهما على تصميمه.

روبوت آخر "مُنقِذ"

الواقع الأمني المعقد في قطاع غزة وتكرار الصدام بين فصائل غزة وإسرائيل، ألهم ثلاثة طلاب آخرين لتصميم روبوت متخصص هذه المرة في عمليات الإنقاذ من تحت ركام المنازل المنهارة.

الروبوت الذي لا يتعدى قطره 20 سم هو عبارة عن صندوق صغير يسير على 3 عجلات يحمل فوقه لوحة إلكترونية تساعد على التحكم به عن بعد عن طريق خاصية "البلوتوث"، ويعمل من خلال  تطبيق مثبت على الهاتف الجوال، حيث تنقل الكاميرا المثبتة في مقدمته الصورة من تحت الركام للمتحكم، كما تنقل الصوت بهدف الوصول للمصابين تحت الأنقاض سواء من خلال الصورة أو سماع صوت الاستغاثة.

أحمد إبراهيم وأخته راما وصديقهم يوسف عقل، وثلاثتهم يدرسون في المرحلة الثانوية، اعتمدوا على استعمال أدوات من بقايا ألعاب وأدوات كهربائية ليصمموا "روبوت الإنقاذ".

يوضح أحمد لمنصة "ساينتفك عرب" أن الروبوت المزود بكاميرا مخصصة لأجهزة الكمبيوتر، يسير بين الأنقاض وبمجرد سماعه لأي صوت أو رصده صورة لإنسان أو حيوان، يصدر أصوات صافرات متواصلة، فيما تصل إشعارات على الهاتف الجوال الذي يستعمل لتحريكه، مما يمكن رجال الإنقاذ من الوصول إلى مكان وجوده.

مصدر طاقة الروبوت هي ببساطة بطارية "الساعة" حيث تكفي للعمل من 2 إلى 3 ساعات.

النموذج الذي صممه أحمد ورفاقه يمكن أن يتطور أكثر في حال تزويد الروبوت بمحركين آخرين إلى جانب المحرك الموجود فيه ما يمنحه قوة دفع أكبر لتجاوز الحواجز، أو تصميمه ليكون أصغر حجمًا مما يمكنه من الدخول إلى الأماكن الضيقة، ما يساعد في الوصول إلى مناطق يصعب على الإنسان الوصول إليها.

يتحدث يوسف عن الصعوبات التي واجهتهم أثناء تصنيع الروبوت في ظل عدم توفر غالبية المواد اللازمة لصناعته، والتي من أبرزها كاميرا دقيقة وصغيرة الحجم.

يوضح يوسف أن هذه المعوقات لم تمنعهم من الاستمرار في تصميم الروبوت بل أنهم باتوا يعملون على وضع تصميم جديد لشكل الروبوت ليصبح على شكل "أفعى"، ما يمنح الروبوت مزيدًا من المرونة ليتمكن من الوصول إلى أكثر المناطق ضيقًا.

ولكن حلم التطوير يبدو صعبًا، فأوضاع القطاع من ضعف في الإمكانيات ووقوف إسرائيل حائلًا دون دخول أي مستلزمات، بالإضافة إلى الافتقار للدعم الرسمي أو حتى من مؤسسات خاصة، كلها معوقات تقف حائلًا أمام تحقيق هذا الحلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share