"كل شيء كخدمة".. نموذج الخدمات الأكثر استدامة 

كان من بين نتائج ظهور التقنيات السحابية وتقنية إنترنت الأشياء، انتشار نماذج أعمال حديثة، منها نموذج "كل شيء كخدمة"Everything as a Service (XaaS) ، وهو نموذج عمل يحول العلاقة بين العميل والمورد من النموذج التقليدى لحيازة المنتجات، إلى نموذج استخدام الخدمات المرتبطة بالمنتجات دون تحمل أعباء ملكيتها.

ويرتكز هذا التحول حول فكرة أن المجتمع ينتقل من مجتمع "يركز على المنتجات والعملاء"، إلى مجتمع "يركز على الخدمات"، وتبعًا لهذا المفهوم، تصبح الشركات الموردة "ميسرة للقيمة"، فهي لا توفر المنتج فحسب، بل تسهل وتقدم قيمة في الاستخدام كذلك.

لقد أصبح نموذج "كل شيء يقدم للعملاء كخدمة"، هو النموذج المفضل للشركات، وينتشر بشكل متزايد بفضل المنصات الرئيسية مثل: "أوبر" للنقل التشاركي، و"نتفليكس" لبث الفيديو، و"جوجل" للخدمات السحابية. 

في هذا المقال سنتناول تعريفًا لهذا النموذج وبعضًا من فوائده، مع التركيز على نموذج "البرمجيات كخدمة" Software as a Service أوSaaS.

الفرق بين نموذج عمل "كخدمة" ونموذج عمل "الشراء والتأجير التشغيلي"

نموذج ملكية المنتج يختلف عن نموذج "كخدمة"؛ فالمعاملات التقليدية تقوم على أساس شراء  العميل للمنتج، وبعد ذلك يلتزم المورد فقط بالضمان الذي يتطلبه القانون أو يحدد رسومًا إضافية على خدمات المتابعة، أما فى نموذج "كخدمة" فإن المورد يلتزم بإدارة استخدام العملاء للمنتج كسهولة الوصول إليه وصيانته وتحديثه.

كذلك فإن نموذج الإيجار التشغيلي يختلف عن نموذج "كخدمة"، خاصة في مدة العقد؛ فبمقتضى عقد الإيجار التشغيلي، يوافق العميل على استخدام المنتج لفترة يتم الاتفاق عليها مسبقًا، وإذا قرر العميل التوقف عن استخدام المنتج يتعين عليه دفع ما تبقى من الفترة  بالكامل، أو تطبق عليه غرامة. في المقابل، فإن عقد نموذج "كخدمة" مرن للغاية وغالبًا ما يكون شهريًا.

وبالإضافة إلى الاختلافات التعاقدية، فإن نموذج "كخدمة" يعتبر حلًا أكثر استدامة من الناحية البيئية، نظرا لأن العميل يدفع فقط مقابل الاستخدام، ويعاد المنتج مرة أخرى إلى المورد ويظل جزءًا من حلقة مغلقة يتم فيها إصلاح المنتج، إذا لزم الأمر، وتجديده وشحنه إلى مستخدم جديد، وهكذا.

ونتيجة لذلك، فإن هذا التوجه العالمي يقلل من عدد المنتجات المطلوب تصنيعها، حيث سيتم إعادة استخدامها حتى نهاية عمرها القابل للاستخدام و-في كثير من الأحيان- إعادة تدويرها بعد ذلك، وهذا يقلل من التأثير البيئي للمورد، ويؤدي إلى عملية تصنيع أكثر استدامة.

على سبيل المثال، تتبنى شركة تصنيع السيارات "لينك آند كو" في أوروبا منذ عام 2020، نموذج "السيارة كخدمة" باشتراك شهري قدره 500 يورو شهريًا باستثناء الوقود، وتلتزم الشركة بالصيانة والتأمين وضريبة الطرق، كما توفر لعملائها الفرصة لمشاركة سيارتهم الخاصة، وهذا يقلل من عدد السيارات التي يجب إنتاجها، وبالتالي التأثير السلبي على البيئة، كما يتيح للعملاء خفض رسومهم الشهرية لأنهم يتلقون تعويضًا عند إقراض سياراتهم.

اقرأ أيضاً:  على خُطى سنوب دوج… ويجز يدخل عالم الويب٣
مميزات نموذج "كل شئ كخدمة"

نموذج "البرمجيات كخدمة" 

هو أحد نماذج عمل "كل شيء كخدمة"، وهو عبارة عن طريقة لتقديم البرمجيات عبر الإنترنت كخدمات للعملاء باستخدام التطبيقات السحابية، ومن الأمثلة الشائعة البريد الإلكترونى "جي ميل" أو جوجل ميل، ويقوم المورد بتوفير هذه الخدمة السحابية المتكاملة للعملاء مقابل الدفع عند كل استخدام أو دفع قيمة ثابتة شهريًا.

وهذا النموذج يسمى أيضا "استخدام البرمجيات عند الطلب" أو "البرمجيات المستضافة مركزيًا على الويب"، وبدلًا من أن يقوم كل عميل بتثبيت البرنامج على جهازه الشخصي، يمكنه الدخول على البرمجيات المخزنة على السحابة من خلال الإنترنت، ومن ثم التخلص من الإدارة المعقدة للبرمجيات.

وتعمل التطبيقات على خوادم مورد الخدمة، الذى يدير عملية صيانة البرمجيات وتحديثها مركزيا، وإتاحة الدخول الآمن إلى التطبيق، وجودة الأداء.

خصائص نموذج "البرمجيات كخدمة" 

يحمى هذا النموذج خصوصية كل عميل مع توفير خدمة موثوقة وآمنة على نطاق واسع، فجميع العملاء يستخدمون نفس الأنظمة والتقنيات دون القلق بشأن وصول أي شخص إلى معلوماتهم الشخصية دون إذن لتوفر عدد من الخصائص:

أولًا، بنية متعددة العملاء: حيث يستخدم جميع العملاء التطبيقات القائمة على بنية تحتية واحدة مشتركة وقاعدة تعليمات برمجية يتم صيانتها مركزيًا، ونظرًا لأن عملاء هذا النموذج جميعهم على نفس البنية التحتية وقاعدة التعليمات البرمجية، يمكن للموردين الابتكار بسرعة أكبر وتوفير وقت التطوير القيم الذي تم إنفاقه سابقًا في الحفاظ على العديد من إصدارات التعليمات البرمجية القديمة.

ثانيًا، سهولة تخصيص طريقة التعامل مع كل عميل على حدة: حيث يستطيع كل مستخدم تخصيص التطبيقات بسهولة لتناسب عملياته دون التأثير على البنية التحتية المشتركة. ونظرًا للطريقة التي يتم بها تصميم النموذج، فإن هذه التخصيصات فريدة من نوعها لكل شركة أو مستخدم ويتم الحفاظ عليها دائمًا من خلال التحديثات. وهذا يعني أن موردي هذا النموذج يمكنهم إجراء تحديثات في كثير من الأحيان، مع مخاطر أقل للعملاء وتكلفة اعتماد أقل بكثير.

ثالثًا، سهولة الوصول للبرامج: تحسين الوصول إلى البيانات من أي جهاز متصل بالشبكة مع تسهيل إدارة الامتيازات ومراقبة استخدام البيانات وضمان رؤية الجميع لنفس المعلومات في نفس الوقت.

رابعًا، سهولة تخصيص شبكة العميل تبعًا لاحتياجاته: بمجرد النقر على علامة التطبيق على واجهة الويب لتطبيقات SaaS النموذجية.

التوجهات المستقبلية لنماذج "البرمجيات كخدمة"

تجاوز نموذج "البرمجيات كخدمة" مرحلة البرامج المستقلة، وتقوم المؤسسات حاليًا بتطوير منصات متكاملة قابلة لإضافة تطبيقات متعددة، ويطلق على هذا التطور "الموجة الثالثة" في اعتماد البرمجيات.

الخلاصة: أثبت نموذج "كل شيء يقدم للعملاء كخدمة" XaaS أنه نموذج مناسب في الأعمال التجارية، أما في الأحوال التي تتعلق بأمن الدولة، فمن الضروري امتلاك المنتج ضمانة لتحقيق سيادة الدولة على مصادرها.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share