نحو صناعة أزياء مستدامة

خزانة ملابسك تؤثر على بيئتك

نحو موضة بيئية مستدامة

ماذا إن أخبرك أحدهم أن ارتداء ملابس مصنوعة من خيوط العنكبوت أو أوراق الأناناس، أو ربما من الفطريات، هي طريقك الأمثل لحماية البيئة من حولك من الأضرار الناجمة عن صناعة الأزياء؟

قد يبدو الأمر غريبًا وغير مألوف، وربما تنفر من تلك الاقتراحات. لكن ما أن تدرك تأثيرات صناعة الأزياء على البيئة من حولنا، أجزم أنك ستغير رأيك.

وفق برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن صناعة الأزياء هي ثاني أكبر مستهلك للماء، كما أنها مسؤولة عن 8% - 10% من إجمالي انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم، وهي نسبة تفوق ما ينتج عن الرحلات الجوية والشحن مجتمعين، ما يسهم بشكل كبير في تفاقم مشكلة الاحتباس الحراري.

غالبية الملابس التي نرتديها يوميًا مصنوعة من ألياف اصطناعية مثل: البوليستر والأكريليك والنايلون، التي تعتمد في دورة تصنيعها على مصادر الطاقة الناتجة عن الوقود الأحفوري؛ مثل البترول والفحم، الذي ينتج عنه نسب هائلة من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، مقارنةً بالألياف الطبيعية أو المعاد تدويرها. 

أيضًا تُستخدم العديد من المواد الكيميائية في صناعة الأزياء، سواء بغرض إضفاء نعومة إلى الأقمشة، أو لمقاومة الانكماش أو صنع الأصباغ المختلفة، مثل أصباغ الآزو، وإيثوكسيلات نونيل فينول، والفورمالديهايد، والفثالات، والمعادن الثقيلة، وكلها تتسبب في تأثيرات بيئية وصحية واسعة النطاق.

والأزمة تتفاقم، فالمستهلك العادي اليوم يشتري حوالي 60% من الملابس أكثر مما كان عليه قبل 15 عامًا.

نعم، لدينا اليوم أضعاف ملابس أجدادنا!

صناعة الأزياء - أزياء مستدامة

في العقود الماضية، توجهت أنظار العالم أجمع إلى ضرورة إيجاد حلول بديلة للحد من تأثيرات صناعة الأزياء على البيئة. وأطلقت الأمم المتحدة في عام 2019 تحالفًا للأزياء المستدامة، يسعى إلى وقف الممارسات المدمرة بيئيًا واجتماعيًا في مجال صناعة الأزياء، ويعمل على تحسين التعاون بين وكالات الأمم المتحدة من خلال تحليل جهودهم في جعل الموضة مستدامة، وذلك من خلال الاستفادة من كافة الموارد الطبيعية المتاحة دون الإضرار بالأنظمة البيئية الحيوية.

اقرأ أيضاً:  أسوان تحتضن المؤتمر الدولي الأول لمنتجات النخيل الثانوية

وتتوجه الشركات وبيوت الأزياء العالمية حاليا إلى استبدال الألياف الاصطناعية بتلك الطبيعية، مثل الكتان والقطن، أو الأقمشة المعاد تدويرها، والتي تضمن استهلاك كميات أقل من الوقود الأحفوري وتقليل نسب الغازات المنبعثة التي تضر البيئة.

ولعل أبرز البدائل المتاحة حاليًا هي الجلود النباتية، وعلى غرابة الأمر، إلّا أن الجلود النباتية حققت رواجًا كبيرًا في الأسواق خلال السنين الأخيرة بعد إشارة بعض الدراسات إلى إمكانية استخدامها كبديل للجلود الحيوانية. فبدلًا من الاعتماد على جلود الحيوانات وما تتضمنه من استخدام مواد كيميائية ضارة لمعالجة تلك الجلود في مراحل التصنيع المختلفة، أصبح البديل هو إنتاج مواد تشبه تمامًا تلك الجلود لكنها من أصول نباتية. 

على سبيل المثال، أوراق نبات الأناناس الخشنة التي كانت تُعامل من قبل كنفايات، أصبحت تُستخدم حاليًا في صناعة الأزياء.

كذلك تشير الدراسات إلى إمكانية استخدام المواد الثانوية الناتجة من معالجة قصب السكر في صناعة الأزياء. ففي السنين الأخيرة، توجهت كبرى الشركات لاستخدام القصب كبديل مستدام للمواد المستخدمة في صناعة الأحذية والسترات الرياضية.

ولكن يظل أغرب ما طرأ على صناعة الأزياء هو استخدام الفطريات في صناعة الجلود.

لكن لن تستطيع بدائل التصنيع وحدها حل الأزمة من خلال تحقيق رواج لها في الأسواق العالمية، وتظل الخطوة الأولى هي بناء الوعي والاستعداد للتغيير في سبيل الحد من تأثيرات صناعة الأزياء على البيئة.

ماذا نفعل للحد من التأثيرات؟

نصائح - ماذا تفعل للحد من التأثيرات البيئية لصناعة الأزياء

أخيرًا، فإن الأضرار الناجمة عن صناعة الأزياء تستلزم ضرورة التدخل سريعًا لإنقاذ البيئة من تلك الأضرار التي تهدد كافة أشكال الحياة على كوكب الأرض. ولحسن الحظ، تتوجه حاليًا أنظار كثير من الدول لتطوير الاستراتيجيات العالمية للسيطرة على تلك التأثيرات، لكن، يبقى التزامنا ببعض النصائح والإرشادات البسيطة عند اختيار الملابس وطرق التعامل معها هو العامل الأكثر تأثيرًا.
 
ولعل مقولة مهاتما غاندي، لخصت المشكلة حين قال: "لا جمال في أجود أنواع القماش إذا كان يصنع الجوع والتعاسة".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share