مواد العزل الحراري الأكثر شيوعًا

منزلك المعزول حراريًا.. دافيء شتاءًا بارد صيفًا


إحساس دافيء في الشتاء وبارد في الصيف، هو بالضبط المطلوب من تقنيات العزل الحراري للحفاظ على المنزل بدرجة حرارة مرغوبة، مستقلًا عن المناخ الخارجي ومعزولًا عنه.

مفهوم العزل الحراري ليس حديثًا، فهو ببساطة نظام يحد من التبادل الحراري، ليحتوي الحرارة داخل المباني في المناطق الباردة، ويمنع دخولها في المناطق الحارة. وأدرك البشر منذ عقود أهمية نظم العزل الحراري في المباني السكنية خاصة، للحد من تكاليف الطاقة المتمثلة في أنظمة التدفئة والتبريد، وكذلك للوصول إلى حالة الارتياح الحراري التي قد لا توفرها تلك الأنظمة الاصطناعية.

تاريخ العزل الحراري

ما قبل التاريخ، اعتمد البشر في مساكنهم المؤقتة على منتجات نباتية مثل: القصب والكتان والقش، أو حيوانية مثل الجلود والفراء، حيث يمكن لهذه المواد خلق فجوة هوائية لتقليل التبادل الحراري. وبمرور الوقت، ظهرت المنازل المصنوعة من الطين والحجر، ومع الكثافة العالية لهذه المواد يتأخر الانتقال الحراري، ما يؤدي إلى تغير درجة الحرارة الداخلية ببطء.

مع التطور، ظهرت المباني الخرسانية المسلحة التي لا تصد حرارة أو برودة، كما أنها أصبحت ثالث أكبر مستهلك للوقود الأحفوري بعد قطاعي الزراعة والصناعة، لذا أصبحت الحاجه ملحة لتطوير نظم العزل الحراري.

يعتبر تسرب الهواء وعدم كفاية العزل من الأسباب الرئيسية لإهدار الطاقة في معظم المنازل الحديثة، وهو ما يحدث نتيجة لحركة الهواء من الخارج إلى الداخل أو لإحداث توازن في الحرارة أو الضغط. ويتسبب في تكاليف غير ضرورية، وبيئة أقل راحة، وقد تصحبه مخاطر صحية. في حين تؤدي مكافحته عبر استخدام مواد العزل الجيدة إلى تقليل تكاليف استهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى 40%.

أنواع العزل الحراري الحديثة

مواد العزل الحديثة هي مواد تقلل عملية الانتقال الحراري من خارج المبنى إلى داخله أو العكس، وخاصة عند التفاوت الكبير في درجات الحرارة بينهما. وتطبق هذه المواد على غلاف المبنى الخارجي بالكامل والذي يشمل السقف العلوي والجدران الخارجية والنوافذ والقباب والأبواب الخارجية من خلال ملء الجدران أو التجاويف الموجودة بالمباني، ما يكسب المبنى خصائص عزل حرارية ممتازة، وأحيانًا خصائص أخرى مثل المتانة والقدرة على مقاومة الحرائق، أو حتى عزل الصوت.

الصوف الزجاجي - مواد العزل الحراري

يوجد العديد من أنواع العوازل الحرارية، من أهم تلك الأنواع وأكثرها شيوعًا، الصوف الزجاجي ويطلق عليه أيضًا "الفيبر جلاس" ويتكون من ألياف زجاجية دقيقة للغاية، يتم تشكيلها على صورة ألواح بإضافة مواد رابطة وقد تغلف تلك الألواح برقائق الألومنيوم العاكسة أو رقائق البولي إيثيلين أو الورق المقوى المقاوم للاشتعال.

ويُعد الصوف الزجاجي واحد من أكثر مواد العزل انتشارًا وصداقة للبيئة. يتم استخدامه بشكل شائع في العديد من أشكال العزل المختلفة: البطانية (اللفائف)، والحشو السائب، ويتوفر أيضًا كألواح صلبة.

الصوف الصخري (المعدني) -  عزل حراري للمباني

يأتي بعد ذلك، الصوف الصخري أو المعدني ويشبه الصوف الزجاجي لكنه مصنوع من معادن مرنة طبيعية أو اصطناعية.

عازل السليلوز - عزل حراري للمباني

وهناك أيضًا العوازل العضوية وأشهرها السليلوز والبولي ستايرين، ويتكون عازل السليلوز من المنتجات الورقية المعاد تدويرها، وبصورة أساسية ورق الصحف. وقد اُستخدم لفترات طويلة بسبب مصدره المستدام وفعاليته من حيث التكلفة مقارنة بالبدائل الأخرى.

اقرأ أيضاً:  حليب الصراصير ذو الطعم الخطير؛ هل تغزو صراصير المحيط الهادئ الأسواق بحليبها؟
عازل البولي ستايرين - مواد العزل الحراري

أما البولي ستايرين، فيستخدم بشكل شائع لصنع لوح رغوي. فهو نوع من عوازل التعبئة الرخوة المكونة من حبيبات صغيرة من تلك المادة.

أسهمت تلك المواد في جعل المنازل موفرة للطاقة، بسبب مساهمتها في تخفيض الطاقة المستهلكة للتبريد والتدفئة، ومع تعدد أنواع العوازل والأنظمة فإن كل منطقة ودولة تسعى إلى تطوير تلك الأنظمة وتجربتها لتحدي مناسبتها لأجواء المنطقة، وهناك دليل للمباني الموفرة للطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يضم أنواع العزل الحراري المختلفة المناسبة للمنطقة، وكذلك أفضل التصاميم للمباني الموفرة للطاقة.
وبالرغم من كونها أنظمة فعالة في خفض استهلاك الطاقة والوصول إلى الارتياح الحراري، إلا أن لتلك الأنظمة مخاطر وعيوب، كما أن أمامها معوقات تحد من تطبيقها على نطاق واسع.

المعوقات

يشكك الكثيرون في الطرق الحديثة للعزل الحراري ويفضلون مضاعفة استخدام الطاقة من باب الاعتياد ومقاومة التغيير.

كذلك تعتبر قلة اليد العاملة الخبيرة والقادرة على تطبيق هذه الأنظمة بالسرعة والجودة المطلوبين، وتكلفة تصنيع المواد العازلة، عائقًا لدى البعض بغض النظر عن أهمية تلك الأنظمة ودورها المتكامل في خفض استهلاك الطاقة.

ونضيف إلى كل هذا عدم توفر السيولة والدعم الحكومي المناسبين، ما أدى إلى تراجع الطلب عليها.

المخاطر والعيوب

كأي تقنية جديدة لا يخلو الأمر من بعض المخاطر، فمعظم المواد العازلة خطيرة وسامة خاصة عند التعرض لها لفترات طويلة، كذلك إن لم يتم تركيبها بطرق آمنة. إذ يمكن أن يسبب العزل غير الآمن آثارًا خطيرة طويلة الأمد.

على سبيل المثال، الألياف الزجاجية تعتمد على مادة الميثانال "الفورمالدهايد" كأحد العناصر الهامة في تركيبها وهي مادة صنفتها وكالة حماية البيئة على أنها "مادة مسرطنة محتملة للإنسان". أيضًا قد يتسبب الصوف الزجاجي عند الاتصال المباشر به خلال عمليات التصنيع أو عند استخدامه في الأبنية إلى تهيج الجلد والحساسية.

أما الصوف الصخري والذي يُستخدم في تصنيعه الأسبستوس وهو مادة مقاومة للحرارة والتآكل. فإن التعرض لهذه المادة هو السبب الرئيسي لورم المتوسطة الجنبي (أحد أنواع السرطان العنيفة)، حيث ثبت تعرض حوالي 8 من كل 10 أشخاص مصابين بهذا المرض للأسبستوس. ويصيب هذا المرض الأنسجة المحيطة بالرئة ما يؤدي إلى أعراض ضيق في التنفس ومضاعفات أخرى خطيرة.

أما السليلوز، فإن خلط الأوراق المعاد تدويرها بمادة حمض البوريك -للاعتقاد بأنها مادة مثبطة للحرائق-، يتسبب في تصاعد أبخرة سامة، ويسبب استنشاقه تهيّج الأغشية المخاطية في العين والأنف والحنجرة، ويسبب الصداع والغثيان والإسهال والطفح الجلدي وآلام البطن.

ومع كل تلك العيوب، يظل العزل الحراري جزءًا من أنظمة البيوت الموفرة للطاقة والتي تسعى الدول إلى تذليل مخاطرها وعقباتها لتطبيقها على نطاق واسع، أملًا في التخفيف من آثار تقلبات الطقس المختلفة ولخفض استهلاك الطاقة، لذا فإدراكنا لهذه الحقيقية يجب أن يكون دافعًا وحافزًا للتماشي مع مقتضيات العصر الحالي ولإيجاد حلول أكثر كفاءة لمشكلاتنا المستجدة. فالاحتباس الحراري المتسارع، وأزمات الطاقة التي تظهر كل يوم يشيران إلى أنّ الحلول القديمة والتقليدية قد لا تكون نافعة وفعّالة كالسابق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
طالع المزيد

المهمة الصعبة لإحصاء الكربون

لإبطاء أو وقف ظاهرة الاحتباس الحراري، يتفق العالم على وجوب خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، لكن مراقبة إنتاج كل دولة من غازات الدفيئة ليس بالأمر السهل دائمًا.
Total
0
Share