الصوف الزجاجي,الصوف الصخري

5 تطبيقات هامة للصوف الزجاجي

عبر التاريخ، عرف صانعو الزجاج مادة الألياف الزجاجية، لكن لم يتمكن أحد على الإطلاق من تصنيع هذه الألياف إلا بحلول أواخر القرن التاسع عشر، بعد اختراع الآلات التي يمكنها التعامل مع المواد الدقيقة. ففي عام 1893 عرض "إدوارد ليبي" -الأب الروحي للصناعة الزجاج في أوهايو- فستانًا يضم أليافًا زجاجية بقطر وملمس ألياف الحرير في المعرض الكولومبي العالمي. 

في عام 1933، تمكن المهندس والمخترع الأمريكي "جيمس سلايتير" من اختراع الصوف الزجاجي، وهو أحد المنتجات التي تندرج تحت بند الألياف الزجاجية، وأحد أشهر المواد المستخدمة في العزل الحراري للمنازل حتى وقتنا الحالي. في هذا المقال نتعرف أكثر إلى الصوف الزجاجي وأهم استخداماته. 

ما المقصود بالصوف الزجاجي؟

إن الصوف الزجاجي المعروف تجاريًا باسم "الفايبر جلاس" هو مادة عازلة مصنوعة من الزجاج المعاد تدويره والحجر الجيري ورماد الصودا والرمل، بحيث تنتج ألياف زجاجية مرتبة باستخدام مادة رابطة في نسيج مشابه للصوف. يعد الصوف الزجاجي أحد منتجات الزجاج المصهور بالأفران عند درجة حرارة حوالي 1450 درجة مئوية، حيث تُنسج الألياف من الزجاج المذاب. 

تعتمد عملية تصنيع الصوف الزجاجي على غزل الزجاج المصهور باستخدام رؤوس الغزل عالية السرعة، ما يشبه العملية المستخدمة لإنتاج حلوى القطن (cotton candy). في أثناء غزل الألياف الزجاجية يُحقن عامل الربط، بحيث ينتج الصوف الزجاجي في شكل لفائف أو ألواح لها خصائص حرارية وميكانيكية مختلفة، كما يمكن كذلك إنتاجه في صورة مواد يمكن رشها أو وضعها على المكان أو السطح المراد عزله. 

الصوف الزجاجي,الصوف الصخري

العزل الحراري للصوف الزجاجي

تُعرف الموصلية الحرارية بأنها كمية الحرارة (بالواط) المنقولة عبر مساحة مربعة من مادة بسمك معين (بالمتر) بسبب اختلاف درجة الحرارة. كلما انخفضت الموصلية الحرارية للمادة، زادت قدرتها على مقاومة انتقال الحرارة خلالها، وعليه زادت فاعليتها في العزل الحراري. تتراوح قيمة التوصيل الحراري النموذجية للصوف الزجاجي بين 0.023 : 0.040 واط/ م. كلفن. 

عمومًا، يعتمد العزل الحراري بشكل أساسي على الموصلية الحرارية المنخفضة جدًا للغازات، حيث تمتلك الغازات خصائص توصيل حراري رديئة مقارنة بالسوائل والمواد الصلبة، وعليه فهي تشكل مادة عزل جيدة إذا أصبح احتجازها ممكنًا، بحيث تصبح المادة بشكل يشبه الرغوة المحتوية على غازات بداخلها. 

يعد الهواء والغازات الأخرى عوازل جيدة، لكن الفائدة الرئيسية لها تكمن في عدم قدرة الحرارة على الانتقال بداخلها، لذلك تعمل العديد من المواد العازلة وعلى رأسها الصوف الزجاجي ببساطة عن طريق وجود عدد كبير من الجيوب المملوءة بالغاز داخل نسيجها، ما يمنع انتقال الحرارة على نطاق واسع عبر أليافها. كذلك، يؤدي التناوب بين جيوب الغاز والجزيئات الصلبة إلى وجوب انتقال الحرارة عبر العديد من الوجهات، ما يؤدي إلى انخفاض سريع في معامل انتقال الحرارة. 

تطبيقات الصوف الزجاجي

نظرًا للخصائص المتعددة للصوف الزجاجي، فإنه يستخدم على نطاق واسع في الكثير من الأغراض المتعلقة بالإنشاءات، حيث يتخذ الصوف الزجاجي عددًا من الأشكال خلال عملية التصنيع، ما يسمح بدخوله في العديد من التطبيقات والاستخدامات. 

  1. الصوف الزجاجي المرن

يمكن للصوف الزجاجي أن يتخذ شكلًا مرنًا، بحيث يسمح باستخدامه في ملئ الجدران الجافة (جدران الجبس) أو التجاويف الموجودة بالمباني، ما يجعل هذه الحوائط والتجاويف تتمتع بخصائص حرارية ممتازة بالإضافة لقدرتها على مقاومة الحرائق، كما يجعلها متينة للغاية.

  1. ألواح الصوف الزجاجي

تستخدم هذه المنتجات على نطاق واسع في الصناعة، حيث تدخل في أنظمة الحفاظ على درجات الحرارة الخارجية للمباني السكنية، بالإضافة لأنظمة وقنوات التكييف المركزي وبعض المجالات الأخرى.

  1. أنابيب الصوف الزجاجي

هي منتجات من الصوف الزجاجي تتخذ شكل الأنابيب المصنوعة من لباد الصوف الصخري الفائق مع إضافة عامل تدعيم من راتينج الفينول، بحيث يستطيع التصلب وإتخاذ شكل الأنبوب بالتعرض للضغط والتسخين. تُستخدم هذه المنتجات في الحفاظ على الحرارة والبرودة في أنابيب كيماويات البترول، بالإضافة لصناعات الطاقة الحرارية.

  1. لباد الصوف الزجاجي
اقرأ أيضاً:  انفوجراف ◄ النباتات المقاومة لآثار التغيرات المناخية

يستخدم الصوف الزجاجي عالي الأداء في جدران وأسقف المباني الإدارية والمباني العامة، بحيث يحقق تأثيرًا ملحوظًا في استهلاك الطاقة وتقليل الضوضاء، بسبب قدرته الفائقة على عزل الحرارة والصوت، بالإضافة لسهولة تركيبها. 

  1. بطانية الصوف الزجاجي

أحد أشهر أشكال الصوف الزجاجي هي المعروفة باسم البطانية، وهي لفائف من الصوف الزجاجي تتمتع بالمتانة والقدرة على تغطية المساحات الكبيرة بصورة مثالية، ما يجعلها تستخدم في الكثير من المباني التجارية والصالات الرياضية وغرف التبريد بالإضافة للمباني الترفيهية مثل قاعات السينما، بحيث توفر عزلاً حراريًا وصوتيًا جيدًا للغاية. 

المخاطر الصحية لاستخدام الصوف الزجاجي

عند الحديث عن العزل، تتردد العديد من الشائعات بخصوص استخدام مادة الصوف الزجاجي في العزل الحراري والصوتي، ويرجع ذلك في الأغلب إلى ارتباط بعض مواد العزل التي كانت تستخدم في السابق مثل مادة الأسبستوس، بمخاطر صحية حقيقية على رأسها الإصابة بسرطان الرئة، ولكن هذا لا يعني أن ما ينطبق على هذه المادة يمكن أن يشمل كل مواد العزل على اختلافها.

بعض المفاهيم الخاطئة عن الصوف الزجاجي 

  • الصوف الزجاجي مادة مشعة ويحتوي على الأسبستوس

على عكس الأسبستوس الممنوع استخدامه دوليًا بسبب المخاطر الصحية المرتبطة به، فإن الصوف الزجاجي ليس ممنوعًا في أي بلد، فهو أحد أكثر مواد العزل شيوعًا، والأكثر مبيعًا في العديد من الدول حول العالم بما في ذلك ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

كذلك، لا يمكن اعتبار الصوف الزجاجي مشعًا، لأنه بصرف  النظر عن الرمل الداخل في تصنيعه، الذي يحتوي نسبة منخفضة جدًا من النشاط الإشعاعي، فإنه لا يحتوي على أي مادة مشعة أخرى، وبذلك، فهو يمثل نسبة صغيرة جدًا من إجمالي النشاط الإشعاعي الذي نتلقاه من المصادر الطبيعية، ولا يرتبط به أي مخاطر صحية من هذه الناحية. 

  • الصوف الزجاجي يمثل خطرًا على الصحة

عند الحديث عن المخاطر الصحية المحتملة لعزل الصوف الزجاجي، يشير الأشخاص الذين يتعاملون مع هذه المادة بشكل مباشر إلى الحكة التي يمكن أن تحدث عندما يتلامس الجلد مع الألياف والغبار الناتج عن عملية تثبيت ألواح الصوف الزجاجي، ومع ذلك يجب التأكيد على أن مثل هذه التفاعلات التحسسية المتسببة في التهاب الجلد، يمكن معالجتها بسهولة بغسل الجلد بالماء الجاري. 

حيث أن تهيج الجلد في هذه الحالة ناتج عن احتكاك الجلد بغبار التثبيت، وليس له علاقة مباشرة بمكونات الصوف الزجاجي، لذلك ينصح الخبراء بارتداء القفازات الواقية وأقنعة الوجه عند التعامل مع الصوف الزجاجي، وبذلك يمكن تجنب المخاوف المرتبطة بتهيج الجلد. كذلك، أثبتت العديد من الدراسات أن مادة الصوف الزجاجي آمنة تمامًا، لاستخدامها في العزل، ولا ترتبط بمخاطر صحية كغيرها. 

  • عزل الصوف الزجاجي خطر على البيئة

يعتقد البعض أن للصوف الزجاجي تأثير بيئي سلبي، حيث يستهلك إنتاجه في الكثير من الأحيان كمية كبيرة من الطاقة، ما يعني حرق المزيد من الوقود الأحفوري وإطلاق المزيد من الغازات السامة في الغلاف الجوي، ومع ذلك فمن المهم عند النظر إلى التأثير البيئي لهذا النوع من العزل، أن نأخذ في الاعتبار دورة الحياة الكاملة لمادة العزل، بدايةً من عملية التصنيع وحتى نهاية العمر الافتراضي لها. 

على الرغم من استخدام قدر معين من الطاقة لإنتاج الصوف الزجاجي، فبمجرد تركيبها، توفر كمية كبيرة من الطاقة طوال فترة عملها، وعليه فهي تحافظ على التوازن البيئي المطلوب في النهاية، ففي حالة تركيب العازل بشكل صحيح، فإنه يساعد في توفير طاقة أكثر من تلك المستخدمة في إنتاجه، ما يجعله وسيلة موفرة للطاقة في المنازل، ولذلك تدخل في إنشاء المباني الخضراء بصورة كبيرة. 

في النهاية، للصوف الزجاجي عدة استخدامات تجعله أحد أكثر المواد المستخدمة في العزل الحراري وعزل الصوت، لما له من مميزات تجعله خيارًا مثاليًا للكثيرين، بالإضافة لمساهمته في توفير الطاقة في المنازل والمباني المستخدم فيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share