في بداية شهر أغسطس الماضي عاش الجزائريون حالة من الهلع والخوف إثر انتشار حالات توعك صحية ظهرت في عدة محافظات، والتي تبين بعد إجراء الفحوصات والتشخيصات اللازمة أن السبب ورائها هو وباء الكوليرا.
الوباء الذي أعلن قطيعته للبلاد منذ ما يزيد عن 20 عاماً، عاد ليسجل حالتي وفاة و56 إصابة تقريباً عبر ست ولايات حسب البيان الرسمي لوزارة الصحة الجزائرية.
وأضافت الوزارة باحتمال أن يكون مصدر الوباء هو منبع مائي بري في محافظة "بليدة" جنوب العاصمة، وعليه تم اتخاذ عدة تدابير وقائية للحد من انتشار المرض، ووفقاً لبيان حديث من الوزارة، فأن عدد الحالات المشتبه بإصابتها والتي تم استشفائها شهدت انخفاضاً ملموساً بمعدل يقارب 6 حالات يوميا.
جفاف
البكتيريا المسببة للكوليرا تسمى« Vibrio cholerae»، و تتم الإصابة عن طريق شرب الماء أو تناوم أطعمة ملوثة. تستوطن البكتيريا الغشاء المخاطي المعوي وتتكاثر، وتبدأ بإفراز السموم التي تؤدي إلى خلل في السوائل الجسدية، وذلك ما ينتج عنه حالة الإسهال الحاد.
ينتقل المرض كذلك عن طريق المياه الملوثة بالبراز البشري، عادة ما تزداد حدة المرض من 3 إلى 6 أيام الأولى بعد الإصابة، وبدون رعاية طبية، فقد تسفر حالة الجفاف الحادة إلى فشل كلوي، أو فقدان الوعي، وفي حالات حادة قد تسبب بالوفاة.
ويستند علاج الكوليرا في الأساس على إعادة ترطيب وإماهة الجسم كخطوة أولية وذلك يكون عن طريق شرب المريض مياه غنية بالأملاح المعدنية أو عن طريق الإماهة الوريدية بتركيب مصل كمحلول "لاكتات"، ويترافق ذلك مع الالتزام بجدول من المضادات الحيوية.
إغلاق الحدود أمام الوباء
لم تقتصر الأزمة الجزائرية على الجانب الصحي، بل لها أثرها كذلك على الحالة الاقتصادية، حيث انخفضت أسعار الخضر والفواكه وذلك نتيجة تراجع الاقبال عليها بسبب انتشار أخبار أولية على تلوث الخضر بالوباء، خاصة البطيخ.
فوق ذلك فإن صادرات البلاد قد تأثرت أيضًا، فقد قامت بعض الدول الأوروبية بإعادة بعض صادرات الجزائر من الخضر والفواكه بسبب عدم احترامها لمعايير الكمية المحددة من المبيدات ولخوفها من انتقال الوباء لأراضيها.
ظهور وباء الكوليرا في الجزائر أثار تحركات وزارة الصحة بالمملكة المغربية، واضطرها لاتخاذ تدابير استباقية لتجنب أي احتمال لتفشي المرض في ربوع المملكة.
وقالت الوزارة أنها اتخذت التدابير الوقائية من خلال تعزيز أجهزة المراقبة الوبائية على التهاب المعدة والأمعاء الحاد ومراقبة الأمراض المنقولة بالغذاء واستنفار إجراءات الرقابة الصحية على مستوى الحدود، لا سيما في المطارات التي تخدم المسافرين من بلدان يشتبه بتفشي المرض فيها.
وتشمل هذه التدابير أيضًا تقديم الدعم لمختبرات المستشفيات في مجال البحث في علوم الأحياءِ المجهريّة، ونشر مخزون من الأدوية والمعدات اللازمة لعلاج حالات المرض، مع تزويد المواطنين بخط ساخن للإبلاغ في حال ظهور أي أعراض شبيهة بالمرض.