الجاذبية

القوى الكونية الأربعة: الجاذبية

من تحريك أكبر الأجسام في الكون إلى التأثير على المكونات متناهية الصغر داخل نواة الذرة، تجعل هذه القوى عالمنا يبدو على ما هو عليه.

تستيقظ صباحاً فتقاومك إحدى تلك القوى وأنت تقوم من فراشك، ليزداد إحساسك بالكسل. تحاول القفز من فوق حاجز مرتفع فتمنعك، ليصبح مصيرك السقوط أرضًا. تضغط على جرس الباب فتعمل أخرى على تحريك العصى التي تقرع الجرس، وهي نفسها تحميك من الأشعة الضارة القادمة من الشمس.

إن سألت نفسك من قبل كيف تتكتل البروتونات بداخل نواة الذرة بدون أن تنفُر من بعضها البعض مع أن لها نفس الشُحنة، فالإجابة ستكون إحدى هذه القوى، وبدون أيٍ منها لن تشع الشمس الضوء والحرارة اللازمان للبقاء على قيد الحياة.

من تحريك أكبر الأجسام في الكون إلى التأثير على المكونات متناهية الصغر داخل نواة الذرة، تجعل هذه القوى عالمنا يبدو على ما هو عليه. فما هي إذًا؟ وكيف تؤثر على عالمنا؟

تعرف باسم القوى الأساسية الأربعة ­­The Four Fundamental Forces، وتشمل قوة الجاذبية، والقوة الكهرومغناطيسية، والقوة النووية القوية، والقوة النووية الضعيفة.

تعمل هذه القوى على مستويات مختلفة من المادة وتتفاوت في مقدار قوتها، وقد يفاجئكم معرفة أيهم الأقوى وأيهم الأضعف، فاليوم على سبيل المثال سنتكلم على أكثرها شهرة، وكذلك أضعفها قوة، وتلك هي قوة الجاذبية!

تُحرك الأجسام الضخمة ولكنها الأضعف

الجاذبية، هي القوة التي تجذب أي كتلتين بعضهما ببعض، بما في ذلك الكواكب ببعضها وبالنجوم، وكذلك أنت والكرسي الذي تجلس عليه الآن. هي سبب دوران الكواكب حول الشمس، وبوجودها تكونت النجوم بداخل التجمعات الغازية الأولية للكون التي تُعرف بالسدم.

الثقب الأسود أسود لأن له قوة جاذبية قوية إلى درجة أنها تجذب الضوء نفسه فلا نراه. يحدث المد والجزر للمسطحات المائية على الأرض بفعل جاذبية القمر. وللأسف، لا يمكننا التحليق في الهواء، بسبب جاذبية الأرض.

إن الجاذبية هي القوة المهيمنة على نطاق الأجسام الكبيرة، هي المسؤولة عن البنية العملاقة للكون، ولكن مع ذلك، هي أضعف القوى الأساسية الأربعة، فهي أضعف من القوة التي تليها مثلا، -القوة الكهرومغناطيسية-، بـ1036 مرة.

اقرأ أيضاً:  الجرافين: من رؤوس أقلام الرصاص إلى دراسة أدمغتنا

ورغم تعرُّضنا لهذه القوة طوال الوقت في حياتنا، فإن تصورنا عنها لم يكتمل بعد، فمنذ أن سقطت التفاحة على رأس نيوتن-كما يُعتقد- مرورًا بأبحاث آينشتاين وما تلاها، تغير فهمنا كثيرًا عن ظاهرة الجاذبية.

الجاذبية بين الماضي والحاضر

فسّر نيوتن الجاذبية على أنها قوة تجذب أي جسمين ببعضهم البعض، تتناسب هذه القوة مع حاصل ضرب كتلة الجسمين وتتناسب عكسيًا مع مربع المسافة بينهما.

مما يعني أنه كلما ابتعد الجسمين عن بعضهما، كلما ضعفت قوة الجذب. فبالنسبة لنيوتن كان الزمن مطلقًا، غير متغير، وكانت الجاذبية قوة مثل أي قوة ديناميكية تؤثر على المكان فقط.

غيّر ألبرت آينشتاين هذا المفهوم بنظرية «النسبية العامة»، حيث أظهر فيها الزمان على أنه متغير، بل وأنه مرتبط بالمكان أيضًا، فأصبح هنالك تفسير مختلف لبنية الكون وللجاذبية نفسها.

تنص نظرية النسبية العامة على أن الكون هو عبارة عن نسيج من الزمان والمكان يعرف بـ «الزمكان»، وأن الجاذبية ما هي إلا انحناء في هذا النسيج بسبب كتلة الأجسام.

لتتخيل الأمر، يمكنك مشاهدة هذا الفيديو حيث يوضح «دان بيرنز» لطلابه نظرية النسبية العامة، باستخدام ملائة مطاطة، وكرات معدنية وقطعة رخام.

هذا بالتحديد ما يحدث مع الأجرام السماوية في الفضاء، فالكواكب، بما في ذلك الأرض، واقعة في الإنحناء الذي تسببه الشمس في نسيج الزمكان، فيما يعرف بالجاذبية.

هذه هي الأولى من القوى الأساسية الأربعة. في كل مقال من المقالات الثلاثة القادمة سنتناول قوة أخرى من هذه القوى التي تجعل عالمنا يبدو على ما هو عليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share