علوم, جرافين, تركيب الجرافين, مستشعرات

الجرافين: من رؤوس أقلام الرصاص إلى دراسة أدمغتنا

بالتأكيد قمت باستخدام أقلام الرصاص من قبل، أليس كذلك؟ ماذا إن أخبرتك أنها تحتوي على مادة «الجرافين - Graphene»، واحدة من أثمن المواد في العالم؟

بالتأكيد قمت باستخدام أقلام الرصاص من قبل، أليس كذلك؟ ماذا إن أخبرتك أنها تحتوي على مادة «الجرافين - Graphene»، واحدة من أثمن المواد في العالم؟ والمفاجأة، أنه يمكنك صنعها يدويًا بالمنزل، وسوف أخبرك كيف في نهاية المقال! لكن قبل أن تقفز إلى صنع مادة لا تعلم ما هي أو فيما تُستخدم، دعنا نتعرف على بعض المعلومات حولها، وحول أحد الأبحاث التي أشعلت الأخبار عنها في الفترة الأخيرة.

الجرافين

علوم, جرافين, تركيب الجرافين
تركيب مادة الجرافين/
CC BY 4.0 /
magicalhobo/sketchport

تُعتبر أحد أرق المواد في العالم، حيث تعادل سماكتها ذرة كربون واحدة مُرتبة على هيئة بلورية سداسية، مما يجعلها تشبه في شكلها خلايا النحل. وبرغم أن سمكها قليل لهذا الحد، إلا أنها واحدة من أقوى المواد التي صنعها البشر. فلديها كفاءة عالية في توصيل الكهرباء والحرارة، كما أنها تتميز بالمرونة والقدرة على التمدد والمط.

سُميت بهذا الاسم نسبة إلى «الجرافيت» وهي المادة الكربونية الموجودة في أقلام الرصاص، وببساطة، تعد مادة الجرافين عبارة عن طبقة رقيقة جدًا من الجرافيت، وكما ذكرنا (ذات سُمك ذرة كربون واحدة) أي ثنائية الأبعاد.

نتيجة خواصها المذهلة، بدأ العالم في استخدامها في عدد لا نهائي من الأبحاث والصناعات المختلفة، بدايةً من الأبحاث الهندسية المتعلقة بتعزيز قوة مواد البناء، وتنقية المياه، وتقوية المعدات، وصولًا إلى الأبحاث الطبية التي تهدف إلى علاج   الأمراض، واستكشاف المزيد عن الجسد البشري.

مستشعرات الجرافين يمكنها سماع همسات دماغك

علوم, جرافين, تركيب الجرافين, مستشعرات
جهاز استشعار طوره باحثون من شركة «Graene Flagship»، يسجل نشاط الدماغ عند ترددات منخفضة للغاية، ويمكن أن يؤدي إلى علاجات جديدة لحالات الصرع — مصدر الصورة: ICFO /Ernesto Vidal

لعقود طويلة، استخدم العلماء ما يُسمى «المصفوفات القطبية - Electrode Arrays» لدراسة الأدمغة من خلال تسجيل النشاط الكهربائي بها، ورسم خرائط عصبية في مناطق الدماغ المختلفة لفهم كيفية عملها؛ لكن حتى الآن لم تستطع تلك المصفوفات اكتشاف نشاط الدماغ عند ترددات معينة، وهو ما جعل الأمر مُقيّدًا.

هنا تظهر واحدة من أبرز التطوّرات العلمية المعتمدة على مستشعرات الجرافين، حيث نجح باحثون من شركة «Graene Flagship» في تطوير جهاز استشعار من الجرافين يمكنه تسجيل النشاط الكهربائي في الدماغ عند ترددات منخفضة للغاية وعلى مساحات كبيرة داخلها، مما يؤدي إلى تحرير ثروة المعلومات المجهولة الموجودة أسفل تردد 0.1 هرتز، والتي يعجز العلماء عن دراستها بسبب القيود التقنية الحالية.

هذه التكنولوجيا الجديدة تبتعد تمامًا عن المصفوفات القطبية، حيث تستخدم بنية مبتكرة لتضخيم إشارات الدماغ بالمستشعرات قبل إرسالها إلى جهاز استقبال، ويعتبر استخدام الجرافين لبناء هذه البنية الجديدة، أحد الخيارات المذهلة التي توصل إليها العلماء، فهو مادة قليلة السُمك ومرنة بما يكفي لاستخدامها على مساحات كبيرة من القشرة الدماغية دون أن يرفضها الجسم، أو تتدخل حتى في وظيفة الدماغ الطبيعية.

والنتيجة؟

رسم خرائط لم يسبق لها مثيل لنشاط الدماغ منخفض التردد، مما يساعد الباحثين في معرفة المزيد عن نوبات الصرع والسكتات الدماغية، وذلك يعني أن تلك التكنولوجيا سوف تقدم لأطباء الأعصاب رؤى غير مسبوقة حول مكان وكيفية بدء نوبات الصرع ونهايتها، وهو ما سيتيح الوصول إلى مقاربات جديدة للتشخيص والعلاج.

اقرأ أيضاً:  ممارسة الرياضة في رمضان| أنسب التمارين وأفضل الأوقات

تطبيقات مستقبلية مثيرة لمستشعرات الجرافين

يشرح «خوسيه أنطونيو جاريدو»، أحد القائمين على هذه الدراسة بالقول؛ «أنه وبخلاف الصرع، فإن هذا التخطيط الدقيق والتفاعل مع الدماغ يحتوي على تطبيقات أخرى مثيرة، وعلى العكس من المصفوفات القطبية، فإن تكنولوجيا الترانزستور القائمة على الجرافين ستعزز تنفيذ استراتيجيات جديدة يمكنها أن تزيد بشكل كبير من الأماكن التي نحصل على المعلومات منها في الدماغ، مما يؤدي إلى تطوير جيل جديد من الحواسيب المعتمدة على الأوامر الدماغية مباشرة، وهذا العمل هو مثال ساطع على الكيفية التي تستطيع بها تلك التقنية المرنة تقديم قدرات تتجاوز ما يمكن تحقيقه اليوم، وتفتح إمكانيات هائلة لاستكشاف الدماغ عند الترددات المجهولة للنشاط العصبي».

وأضاف «أندريا سي فيراري»، وهو مسؤول العلوم والتكنولوجيا في الشركة القائمة على البحث:

الجرافين والمواد ذات الصلة لها فرص كبيرة لتطوير التطبيقات الطبية الحيوية، وتلك الدراسة هي دليل واضح على أن استخدامها يمكن أن يحقق تقدمًا غير مسبوق لدراسة عمليات الدماغ.

الجدير بالذكر، أن هذه التكنولوجيا الجديدة سوف تكون واحدة من أبرز التطورات التي سيتم عرضها والحديث عنها في مؤتمر «Mobile World Congress» القادم في برشلونة 25 - 28 فبراير/شباط 2019، حيث سيعرض المعرض أحدث الابتكارات على الجرافين والمواد ذات الصلة بها.

الآن، كيف تصنع بعض الجرافين في غرفتك؟

حسنًا، للجرافين طرق تصنيع عديدة، وهي مُكلفة وصعبة للغاية، حيث أن تصنيع كمية تكفي لتغطية رأس عود ثقاب واحد، سوف تُكلف ما يزيد عن 1000 دولار!

لكن لا تقلق، ربما يمكنك صنع البعض منه في غرفتك، وبما أنك ستعتمد على طريقة بدائية الآن، فسوف تحصل على بعض الجرافين البدائي أيضًا، ولك أن تعلم أن تلك الطريقة هي ذاتها التي تم بها أكتشاف الجرافين عام 2004، من قِبل عالمان في جامعة مانشستر، ليحصدا على إثرها جائزة نوبل في الفيزياء عام 2010.

الآن، قم بجلب قلم رصاص، وورقة، وشريط لاصق شفاف، أنقش على الورقة بشكل طفيف للغاية باستخدام القلم بحيث تصنع طبقة من الجرافيت عليها.

قم بلصق قطعة من الشريط اللاصق على النقش ثم انزعها، وهكذا تكون قد قمت بتكوين طبقة أرق من الجرافيت على الشريط، بعد ذلك، قم بلصق قطعة أخرى من الشريط اللاصق على القطعة الأولى التي تم تكوين طبقة الجرافيت عليها وانزعها أيضًا، ثم استمر في هذا الفعل مع كل قطعة جديدة.

إن كنت تمتلك الصبر الكافي، سوف تحصل على الجرافين في النهاية، ولك أن تعلم أن طبقة سمكها 0.762 ملم من الجرافيت، تحتوي على 3 مليون طبقة من الجرافين.

سوف تلاحظ أنه كلما نزعت شريطة لاصقة من الأخرى، أن طبقة الجرافيت أصبحت أرق وأرق، من المفترض أن ينتهي المطاف بك في النهاية للحصول على الجرافين، قد يكون هذا الأسلوب ممل قليلًا، لكنه فاز بجائزة نوبل بعد كل ذلك!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share