في مجهود لحل أزمة الإسراف في استخدام المضادات الحيوية، نشرت «المجلة الأوروبية للصحة العامة» يوم 14 سبتمبر /أيلول دراسة جديدة تقترح أن استخدام مكملات الـ«بروبيوتيك - probiotics» بغرض تقليل احتماليات الإصابة بعدوى حادة في الرضع والأطفال؛ قد يساهم في الحد من استخدام المضادات الحيوية.
كومة من البكتيريا
«البروبيوتيك - Probiotics» هي مجموعة من الميكروبات الحية يتم تناولها بالكميات المناسبة، وتضيف فائدة صحية للمستهلك، طبقًا لتعريف منظمة الصحة العالمية.
لماذا عليك أن تبتلع البكتيريا أو الفطريات؟
الإجابة هي أن ليست كل الميكروبات ضارة، فبعضها نافع والآخر ضار، والبروبيوتيك تمثل الجزء المفيد من الميكروبات التي يمكنها أن تقطن الجسد دون أن تسبب مشكلة. أشهرها الخميرة «yeast» التي يمكنها أن تخفف من أعراض الإسهال، أو «العصوية اللبنية - lactobacillus» التي قد تفيد في حالات اضطراب القولون. يتوفر البروبيوتيك إما في شكل مكملات غذائية، أو في الأطعمة المخمرة كالزبادي ومنتجات الألبان الأخرى(1). يقول «دانيال ميرنشتاين» أستاذ في قسم طب الأسرة في كلية الطب بجامعة جورج تاون:
لدينا بالفعل أدلة على أن تناول البروبيوتيك يقلل من احتمالية حدوث فترة وشدة بعض أنواع التهابات الجهاز التنفسي الحادة الشائعة، والجهاز الهضمي. السؤال هو ما إذا كان هذا مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بقلة استخدام المضادات الحيوية، ونرى أن هناك ارتباطًا.
قام القائمون على الدراسة بمراجعة منهجية لـ 17 تجربة عشوائية مضبوطة، بعد بحث 13 قاعدة بيانات إلكترونية. أجريت هذه التجارب على الأطفال من دول مختلفة بهدف قياس تأثير البروبيوتيك المتمثلة في 13 نوع مختلف من المكملات، وتراوح استخدامها بين 4 أيام إلى 9 شهور، في الوقاية من عدوى الجهاز التنفسي والهضمي والتهابات الأذن الوسطى الحادة.
وأوضحت نتائج 12 تجربة مجمعة أن احتماليات صرف المضادات الحيوية للأطفال ممن يتناولون مكملات البروبيوتك بشكل يومي قد قلت بنسبة 29%، وحينما حصرت النتائج على الخمس تجارب الأكثر دقة، ارتفعت النسبة لتصل إلى 53%.
حرب حيوية
تعمل البروبيوتيك، اعتمادًا على السلالات المستخدمة، بطرق عدة وتشمل:
1. تقوية جدار الأمعاء ووظيفتها.
2. التفاعل مع مكونات الجهاز المناعي -خاصة أن معظمها يتواجد في الجهاز الهضمي- إلى جانب الحفاظ على توازن الميكروبات داخل الجسم، وغيرها من الطرق التي تحتاج المزيد من الدراسة.
إن كانت البروبيوتيك قادرة على الوقاية من بعض أنواع العدوى أو التقليل من فترة ظهور الأعراض، فهذا يعني تردد أقل على العيادات، وبالتالي استهلاك أقل للمضادات الحيوية أو حتى الاستعواض عنها بالبروبيوتيك في الحالات التي يستطيع المريض تدبرها بنفسه.
وفي ظل تزايد أعداد البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية وبشكل يثير الفزع في الكثير من الأحيان، حيث تقدّر مراكز مكافحة الأمراض واتقائها (CDC) حالات العدوى المقاومة للمضادات الحيوية بحوالي 2 مليون حالة سنويًا في الولايات المتحدة، من بينهم 23000 حالة وفاة على الأقل، فقد تمثل البروبيوتيك بديلًا للتخفيف من حدة هذه المأساة.
خلاصة القول هي أننا نحتاج لبكتيريا جيدة تهزم البكتيريا السيئة التي عجزت المضادات الحيوية عن هزيمتها. وعلى الرغم من هذا، يجب الأخذ في عين الاعتبار أن لهذه الدراسة بعض القيود. فعلى سبيل المثال، معظم التجارب لم تذكر ما إن كانت المضادات الحيوية الموصوفة مختصة بالعدوى المذكورة في الدراسة، أم أن وصفها له أسباب أخرى؟
تقول المؤلف الرئيسي للدراسة «سارة كينغ» الحاصلة على دكتوراه من جامعة كامبريدج:
هناك حاجة إلى المزيد من الدراسات لتشمل جميع الأعمار، لا سيما كبار السن لمعرفة ما إذا كان استخدام البروبيوتيك بشكلٍ دائم مرتبط بانخفاض شامل في صرف المضادات الحيوية. لو كان الأمر صحيحًا، فمن المحتمل أن يكون لهذا تأثير كبير على استخدام البروبيوتيك في الطب العام والمستهلكين بشكل عام.
شاهد أيضاً اضطراب ما قبل الطمث الاكتئابي.