الموت هو لغز محير وأيضًا مخيف، عام 2013 كشفت دراسة علمية نشرت في دورية «PNAS»، أن أدمغة الجرذان أظهرت نشاطًا كهربيًا لفترة قصيرة فيما يشبه كونها واعية، حتى بعد توقف النشاط القلبي، وقبل عدة شهور رصدت فريق بحثي خلال دراسة أخرى نشرت في دورية «Annals of Neurology» في يناير/كانون الثاني الماضي، نشاطًا دماغيًا في أدمغة 9 مرضى بعد توقف القلب.
وفي حين قد لا ندرك بدقة، ماهية الحالة وطبيعة الوعي في لحظات الموت الأخيرة، إلا أن الحالة التي يؤول لها الجسد، بعد اختلال منظومة الحياة النشطة في كل الأعضاء بعد الموت، يمكن إدراكها، ويفهمها العلماء ومختصي الطب الشرعي، إلى حدٍ جيد.
انهيار من الداخل
بعد التوقف النشاط القلبي ومن ثم الدماغي، فإن خلايا الجسد التي تفتقر إلى التغذية والأكسجين، تموت تباعًا، تنخفض درجة حرارة الجسم بشكل تدريجي حتى توافق درجة حرارة محيطها، بينما تطلق الأنزيمات الداخلية من الخلايا، وتبدأ في هضم الجسد، التي تعد جزءًا منه. بذلك أيضًا توفر الكثير من المواد الغذائية للبكتيريا والفطريات، التي تتكاثر متغذية على جسدك للأيام والأسابيع التالية.
ساعات بعد الوفاة، يبدأ الجسم بالتخشب، وذلك لتراكم الكالسيوم في العضلات، والذي يعمل على انقباضها، وهو ما يستمر لقرابة 36 ساعة، ومن ثم تبدأ العضلات بالارتخاء، لتخرج الفضلات الباقية في الأمعاء عبر المستقيم، أو التي في المثانة عبر المجرى البولي، وفي حالات نادرة يمكن لضغط غازات البطن، أن يدفع بأجنة من بطن الأمهات الحوامل بعد الموت، فيما يعرف بـ«ولادة النعش - Coffin birth»، وهو ما لاحظه علماء الآثار في بعض البقايا الأثرية القديمة.
مع مرور الوقت، تسحب قوى الجاذبية الدم إلى بقع معينة لتظهر بلون داكن، بينما يتحول لون الجلد إلى لون شاحب، ومع انكماش الجلد الجاف، قد يبدو أن شعرك وأظافرك قد بدأت بالنمو، بينما في الواقع فإن الجسد ككل يتحلل.
تطلق البكتيريا قرابة 400 من المواد الكيميائية ذات الروائح المزعجة، بينما تهضم المكونات الرخوة من الجسد، لتكمل الحشرات والديدان ما تبقى، ويظل منك فقط، الأجزاء الصلبة أو العظام.
تتحلل بقايا البروتينات الموجودة بالعظام مع مرور الزمن، وتتفت الأجزاء الأخرى ، والتي قد تبنت منها حياة جديدة، تحوي المواد الغذائية التي خلفها جسدك في التربة.
