تعد الحرب النووية، على رأس قائمة السيناريوهات المحتملة لنهاية العالم، فالعديد من البشر يعتقدون أن نهاية حياتنا وكوكبنا ستأتي كنتيجة لحرب عالمية ثالثة، تتنازع فيها القوى العظمى التي تمتلك الأسلحة النووية، ما يؤدي في النهاية لفناء البشرية وكل أشكال الحياة الأخرى على الأرض.
بعد الدمار الهائل الذي تسببت فيه الولايات المتحدة الأمريكية بإلقاء القنابل النووية على مدينتي هيروشيما وناجازاكي في اليابان خلال الحرب العالمية الثانية، انتاب العالم حالة ذعر من استخدام الأسلحة النووية مرة أخرى، لكن ومع اتفاقيات نزع السلاح النووي، انخفض هذا الشعور بالخوف تدريجيا على مستوى العالم.
ليتجدد هذا الخوف على مدار العقد الماضي، بسبب عدد من النزاعات بين الدول التي تمتلك أسلحة نووية، فمن ناحية هناك صراع سياسي بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، وعلى الناحية الأخرى تظهر النزاعات بين الهند وباكستان، فضلاً على الصراع الممتد بين الولايات المتحدة وروسيا منذ عقود مضت.
في الرابع والعشرين من فبراير الماضي، استيقظ العالم على كارثة غزو القوات الروسية للأراضي الأوكرانية، وبفضل ما تنذر به تطورات الأحداث على الصعيد العالمي، ازداد الخوف من احتمالات نشوب حرب عالمية ثالثة، تُستخدم فيها الأسلحة النووية بين روسيا -الأكثر امتلاكًا لهذه الأسلحة على مستوى العالم- من ناحية، والولايات المتحدة الأمريكية -ثاني أكثر الدول امتلاكًا لها- من الناحية الأخرى.
خطر الحرب النووية على البشر
رغم التقدم الملحوظ على صعيد نزع الأسلحة النووية على مستوى العالم منذ الحرب الباردة حتى الآن، إلا أن المخزون العالمي من الرؤوس الحربية النووية ما زال في مستوى عالٍ للغاية، حيث تمتلك 9 دول ما يقرب من 12700 رأس نووي، وفقًا لتقديرات اتحاد العلماء الأمريكيين (FAS) لمطلع عام 2022.
بدايةً، لا يمكن التنبؤ -بشكل دقيق- بحجم التأثير الذي سيحدثه إلقاء قنبلة نووية على مكان ما، فالأمر يعتمد على عدد من العوامل، بما في ذلك الطقس يوم سقوط القنبلة، ووقت انفجارها، والطبيعة الجغرافية للمكان الذي ستسقط عليه، وما إذا حدث الانفجار في الهواء، أو بعد سقوطها على الأرض.
لكن عمومًا، هناك بعض المراحل المتوقعة لانفجار قنبلة نووية، حيث يأتي الانفجار النووي على ست مراحل:
- وميض من الضوء
- موجة من الحرارة
- انبعاث إشعاع نووي
- كرة نارية
- انفجار في الهواء
- انحسار الإشعاع
تنطلق 35% تقريبًا من طاقة القنبلة النووية في شكل إشعاع حراري، ونظرًا لانتقال هذا الإشعاع بسرعة الضوء تقريبًا، فإن أول ما يتعرض له المحيطون بالانفجار هو وميض من الضوء مصاحب للحرارة. يُعد هذا الوميض كافيًا للإصابة بالعمى المؤقت، حيث يفقد المحيطون بالانفجار البصر لمدة قد تمتد لعدة دقائق بعد الانفجار.
إذا افترضنا أن القنبلة المستخدمة تزن نحو ميجا طن -كتلك الموجودة بترسانة أسلحة الولايات المتحدة- فإن الأشخاص على بعد 21 كيلومتر من موقع الانفجار سيصابون بالعمى المؤقت في حالة إلقاء القنبلة في نهار يوم صافٍ، بينما سيصاب الناس على بعد 85 كيلومتر بالعمى المؤقت في حالة إلقائها في ليلة صافية.
أما لأولئك الأقرب للانفجار، فستكون الحرارة هي المشكلة الأكبر، حيث يمكن أن يتسبب الانفجار في حروق من الدرجة الأولى للمتواجدين على بعد 11 كيلومتر تقريبًا، بينما سيتسبب في حروق من الدرجة الثانية على بعد 10 كيلومترات تقريبًا، وحروق من الدرجة الثالثة -النوع الذي يدمر أنسجة الجلد- على مسافة تصل إلى 8 كيلومترات. إذا غطت حروق الدرجة الثالثة ما يقرب من 24% من الجسم، فستكون مميتة إذا لم يتلق المصاب رعاية طبية على الفور.
أما بالنسبة لأولئك البعيدبن قليلًا عن مركز الانفجار، فهناك تأثيرات أخرى يجب مراعاتها، حيث يؤدي الانفجار النووي إلى إزاحة الهواء بعيدًا عن موقع الانفجار، ما يتسبب في تغييرات مفاجئة في ضغط الهواء، بحيث يمكنها هدم المباني وسحق الأشياء في طريقها.
من الناحية النظرية، يمكن لأجسام البشر تحمل هذا القدر من الضغط -180 طن متري- لكن في الأغلب ستتسبب سرعة الرياح في الإطاحة بالعديد من الأجسام الثقيلة التي تنزاح في طريقها، فضلًا على زيادة احتمالات سقوط المباني على الناس، ما يمكن أن يتسبب في هلاك عدد كبير من الناس.
في حالة النجاة من كل هذا، فلا يزال هناك خطر التسمم الإشعاعي، حيث يتعرض القريبون من موقع الانفجار لمستويات عالية من الإشعاع، وبينما تظهر آثار الحرارة على صورة حروق في غضون دقائق من الانفجار، يمكن أن تستغرق الآثار الصحية للإشعاع أيامًا أو عدة أسابيع قبل أن تظهر.
تتراوح تأثيرات الإشعاع من خفيفة مثل احمرار الجلد، إلى شديدة مثل الإصابة بالسرطان أو الوفاة، وذلك وفقًا لكمية الإشعاع التي امتصها الجسم، ونوع الإشعاع وطريقة التعرض، وطول مدة التعرض له.
كيف أستعد لمواجهة التداعيات إذا وقع انفجار نووي؟
عادةً ما تظهر بعد الشواهد قبل اندلاع الحرب، فإذا شعرت بالخطر، عليك الاستعداد لمواجهته قبل أن يحدث وذلك عن طريق:
- البحث عن ملجأ: تعرف إلى الأماكن الآمنة التي يمكن الاختباء بها إذا وقع انفجار نووي، إن لم يكن هناك ملجأ، فلتتعاون مع المحيطين بك لبناء أو حفر واحدًا.
- توفير المستلزمات الطبية الضرورية: حيث يفضل أن تبقى داخل الملجأ لمدة لا تقل عن 48 ساعة ويفضل أن تكون أطول، ولذلك أرح بالك بتوفير الاحتياجات الضرورية.
- تخزين الأطعمة غير القابلة للتلف: احصل على بعض المعلبات والأطعمة التي لا تفسد سريعًا، وتحتوي على الكربوهيدرات، لتشعرك بالشبع أنت ورفاقك، إذا ما اضطررتم إلى البقاء لفترة طويلة داخل المخبئ، مثل الأرز والقمح والسكر والعسل والمكرونة واللبن المجفف والفواكه والخضراوات المجففة.
- تخزين المياه: ضع في اعتبارك الاحتفاظ بالمياه في عبوات بلاستيكية مناسبة بعد تنظيفها بمحلول مبيض، بحيث توفر جالون مياه لكل شخص يوميًا.
- الحصول على وسائل اتصالات: بحيث تصبح قادرًا على الاطمئنان على الآخرين والاطلاع على جديد الأخبار والتصريحات والبيانات الحكومية، فقد تحتاج إلى راديو ببطاريات وهاتف محمول ذو بطارية قوية.
- أحصل على بعض الأدوات المهمة: قد تحتاج إلى عدد من الأدوات لمواجهة الطوارئ، مثل المصباح اليدوي والبطاريات وكذلك أقنعة الغاز والأغطية البلاستيكية وشريط لاصق، كذلك احرص على الحصول على أكياس قمامة كبيرة ومناديل مبللة للنظافة الشخصية.
- تعلم أساسيات الوقاية: أقرأ عن التعليمات الضرورية في حالة وقوع انفجار نووي، وتعلم كيفية تفادي الآثار السلبية القوية التي يمكن أن تحدث بعدها، وبذلك إذا وقع الانفجار، فستكون على علم بما يجب أن تفعله.
كيف نحمي أنفسنا وأحبائنا إذا وقع انفجار نووي؟
في حالة وقوع انفجار نووي، فإن الحكومة مسؤولة عن تفعيل خطة طوارئ، ونشرها بين المواطنين، ومع ذلك فإن منظمة الصحة العالمية توصي ببعض الخطوات التي يجب اتباعها في هذه الحالة؛ لتخفيف الآثار الناتجة عن الانفجار، ومنها:
يمتص الانفجار النووي آلاف الكيلوجرامات من الغبار والعوالق وبقايا الحطام، فتغطى جزيئاتها بالإشعاعات الناتجة عن الانشطار النووي، وبعد الانفجار تستقر هذه العوالق على بعد كيلومترات من موقع الانفجار، بحيث تبقى الجزيئات الخفيفة عالقة في الهواء، بينما تسقط الجزيئات الأثقل على الأرض، وهو ما يجب أن تحمي نفسك منه
يستغرق الأمر نحو 15 دقيقة من وقت الانفجار حتى تتحرك هذه الجزئيات في الهواء، في هذا الوقت عليك أن تختبئ وبسرعة في أحد الملاجئ أو المواقع تحت الأرض. إذا كنت داخل منزلك فابق بداخله -بعد التأكد من عدم تعرض المبنى لموجات الحرارة أو الضغط- وإذا استطعت النزول للطابق السفلي فذاك أفضل.
احرص على توفير كل المتطلبات الضرورية من طعام ومياه وأدوية قبل أن تدخل إلى الملجأ، ولكن لا تحضرهم من الخارج، فقط اعتمد على الموجود لديك داخل منزلك أو مكان عملك، فالطعام والمياه في هذه الحالة أكثر أمانًا وأقل تعرضًا للإشعاع من الموجودة بالخارج في أثناء الانفجار.
كذلك، احرص على أخذ كل المستلزمات الطبية والأدوية التي قد تحتاجها خلال مدة البقاء في الملجأ، حيث قد يصعب عليك البقاء خارجًا لمدة طويلة بحثًا عما تحتاج، أو قد لا تجد مكانًا لتبتاع منه ما تريد.
في النهاية، قد لا تكون الحرب وشيكة كما نتخيل، ونتمنى جميعًا ألا نحتاج لهذه المعلومات وألا نطبقها، ولكن لن تضر المعرفة إذا لم يحدث شيئًا نخشاه، ولكن الجهل بما قد يقع ولو بعد أعوام قد لا تحمد عقباه مطلقًا.