أنيميا الفول - عوز G6PD

إنفوجراف ◄ أنيميا الفول - عوز G6PD


على ضفاف البحر الأبيض المُتوسط، تنتشر الجزر حيث يزرع الفلاحون في اليونان وإيطاليا فول الفافا وهو فول ضخم، قد تنمو حبته إلي نبات يبلغ طوله ما يقارب من ثماني بوصات، يٌعتبر الفافا الغذاء الأساسي لمعظم السكان المحليين في الربيع والصيف، كما أن حبوبة تُجفف وتدخر لتؤكل في الشتاء. تشكل حبة الفافا بالنسبة لمعظم سكان إيطاليا واليونان الجزء الأهم في الطعام نظراً لطعمه المُستساغ وفائدته الغذائية.

فيثاغورس لطلابه: الفول ممنوع

لكن رغم كُل هذه الفائدة في عصور ماقبل الميلاد هناك من حط من قدر هذا النوع من الفول وهو الفيلسوف الإغريقي الشهير (فيثاغورس) حتى أنه نهى تلاميذه عنه؛ لكنه أبقى عن سبب النهي سراً في صدره. على مدى عقود طويلة بعد وفاة فيثاغورس لاحظ المدرسون في جزيرة سردينيا الإيطالية على تلامذتهم ملاحظات يمكن تلخيصها فيما يلي: أنه في شهر فبراير من كل عام، مع حلول الربيع، كان بعض التلامذة تخور قواهم وينخفض أداؤهم الدراسي إلى أدنى درجة دون سبب معروف، والبعض الآخر يشعر بالنُعاس طِيلة النهار والليل. كانت تلك الأعراض تلازم الطلاب من شهر فبراير إلى نهاية الشهر الخامس (مايو) من كل عام، ثم يبدأ الطلاب في التعافي والنشاط من جديد ومتابعة دراستهم بنشاط. أي مثلما كانوا يمرضون فجأة يتعافون فجأة، هكذا دون أي مقدمات

أما السًكان المحليين علي الجزيرة فكان منهم من يعاني من أعراض مُشابهة لتلك الأعراض التي يعاني منها الطلاب، ومنهم من كان يتعرض للوفاة بعد تبول كمية كبيرة من الدم. حتى وصل من يعانون من هذه الظاهرة في بعض الأحيان إلى خمسة وثلاثين في المائة من سكان الجزيرة. فما المشكلة يا ترى؟

أحد أشكال هذه الأنيميا شكل ذا طابع وراثي يظهر في أشخاص معينة عندما تبدأ خلايا الدم الحمراء في الانهيار داخل الأوعية الدموية، وإذا ما تصل تلك الخلايا المُنهارة الممُزقة إلى الكليتين فإن الكلي تُرشحها تمهيداُ لخروجها من الجسم على هيئة بول دموي، بسبب فقد كمية من الدم يشعر المريض بالنوم، وإذا كان الدمار شديداً في خلايا الدم يموت المريض على الفور. لهذا النوع من الأنيميا أسباب كثيرة؛ لكن بعد بعثة مارسيلو إلى سردينيا تم تحديد سبب النوع الوراثي منها. وقد أعلن مجموعة علماء من جامعة شيكاغو مبتعثين إلي الجزيرة إن المصابين من النوع الوراثي من المرض كلهم تقريبا ينقصهم إنزيم بعينه وهو إنزيم (G-6-PD).

أنيميا الفول
هل تعرف عوامل محفزة أخرى؟ هل تعرف أعراضها؟

هل تعرف عوامل محفزة أخرى؟

- تناول كمية من الفول
- مجرد التعرض لحبوب لقاح نبتة الفول المثمرة في الحقل
- تناول بعض أنواع الأدوية
- التعرض للعدوى
- التعرض للتلوث ببعض أنواع الكيماويات

اقرأ أيضاً:  حبوب منع الحمل للرجال| فاعلية بنسبة ٩٩ ٪ 

ملحوظة* يحتوى الفول وغيره من العوامل على مواد ليس بإمكان خلايا الدم الحمراء الفقيرة بإنزيم G6PD التعامل معها

هل تعرف أعراضها؟

(بول داكن اللون - إرهاق عام - ألم في البطن - حمى - تسارع نبض القلب - إعياء ونعاس - عدم القدرة على الوقوف - دوخة مستمرة - صعوبة التنفس - يرقان أو اصفرار الجلد والمنطقة البيضاء في العين - شحوب في الوجه)

وبكشف العلاقة بين الإنزيم والفول والمرض تم حل السؤال الذي حير المؤرخين والعلماء لقرون عِدة وهو: لماذا نهي فيثاغورث أتباعه وتلامذته من أكل الفول أو الاقتراب منه؟ وقد تسبب هذا الفول في قتل فيثاغورس في النهاية، ذلك أن معتقدات فيثاغورس الدينية كانت تُثير سخط بعض الناس، وذات يوم، كما يقال وجده جمهور من الناس بمفرده في منزل أحد أتباعه فطاردوه وجرى فيثاغورس هارباً حتي وصل إلي طرف حقل للفول. فرفض أن يعبر الحقل ثابتاً على مبدئه فأدركه الناس وقطعوا عنقه ربما لو كان عبر لكان نجح في الفرار.

اختبار موتالسكي 

وبعد حوالي عامين من اكتشاف العلاقة بين فول الفافا الانيميا التكسيرية تمكن أرنو موتالسكي في جامعة واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية من إنشاء اختبار دم أُطلق عليه اختبار موتالسكي، بواسطته تمكن موتالسكي من قياس مستوى إنزيم G-6-PD من حيث الزيادة والنقصان. يُعتبر هذا الاختبار هو الأكثر دقة في تحديد هذا الإنزيم لدى الأفراد المستهدفين أي أن غياب الإنزيم أصبح أداة للتنبؤ، ويعتبر إشارة واضحة إلى أن المرض قد يحدث ذات يوم. وبدأ موتالسكي وسنيزكالكو في التعاون سوياً على إجراء عملية مسح للطلاب في مدارس سردينيا. فأخذا يزوران المدارس يومًا بعد يوم، يسحبان عينات الدم من مئات الأصابع، ويختبران العينات في معملهما في سردينيا وبالتدريج تم تحديد وحصر الطلاب الذين يملكون إنزيم G-6-PD والذين يغيب أو ينقص لديهم هذا الإنزيم وتم تحذيرهم من تناول فول الفافا او حتى ملامسته أو شم رحيق أزهاره المُعبأة بحبوب اللقاح أثناء فصل الربيع، ونتيجة هذا الاختبار قلت حالات الانيميا التكسيرية بين طلاب مدارس سردينيا وكذلك قل الوخم. 

في النهاية تم تطوير اختبار موتالسكي لاحقًا، كما أصبحنا نستطيع قياس الإنزيم بدقة عن ذي قبل. وأصبح من المعروف الآن تِبعًا لقواعد بيانات الأمراض الحالية أن هناك +400 مليون فرد حول العالم يعانون من نقص إنزيم G-6-PD  منهم ثلاثة ملايين أمريكي، وأن الإصابة بالأنيميا التكسيرية ليس فقط بسبب تناول فول الفافا، بل أيضاً عن طريق الإفراط في تناول مضادات الملاريا، ومركبات السلفا، والأسبرين، وفيتامين K.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share