حمية اللحم,حمية اللحوم,حمية اللاحم

حمية 'اللاحم': جرعة مكثفة من اللحوم

هل يمكننا الاعتماد على اللحوم كمصدر وحيد للغذاء؟

قد تكون حمية "اللاحم" (carnivore) الغذائية هي الخيار المناسب لمحبي اللحوم والمنتجات الحيوانية الأخرى، إذ أن كل ما يجب تناوله في هذه الحمية هو اللحوم والمنتجات الحيوانية مثل البيض والأسماك. 

على عكس حمية "الكيتو"، فإن تلك الحمية تتضمن الحد من تناول الكربوهيدرات نهائياً بينما تتضمن حمية "الكيتو" تناول كمية محددة منها يومياً، كما أن حمية "اللاحم" تنص على الامتناع عن تناول أي أغذية أخرى غير حيوانية مثل الخضروات والفواكه والحبوب.

رغم ذلك، لأن المنتجات الحيوانية فقيرة بالكربوهيدرات وغنية بالدهون فإن حمية "اللاحم" تعتبر حمية "مولّدة للكيتون". والكيتون هي مركبات تنتج من أيض الدهون في الكبد، ويستخدمها الجسم لإنتاج الطاقة في حال انخفض تركيز الجلوكوز. وهو ما يحدث عند التحول إلى حمية "اللاحم"، وقد يكون لذلك التحول آثار إيجابية عدة.

يمكن للحميات المولدة للكيتون أن تسهل فقد الوزن لمن يعانون من السمنة، تهبط معدلات الدهون الثلاثية في الدم بشكل كبير، ومن المعلوم أن ارتفاعها هو عامل خطر للأمراض القلبية. قد تكون الحمية خيارًا جيدًا لمرضى السكري، في دراسة شملت قرابة 100 متطوع يعانون من السكري من النوع الثاني، كان التحول لحمية مولدة للكيتون كافيًا لتوقف 90% منهم عن تناول العلاج. وتشير عدة دراسات إلى دورها في تحسين الحالة المزاجية، بل واستخدمت لعلاج بعض الاضطرابات النفسية الحادة مثل الاكتئاب والقلق المزمن وبعض حالات الصرع.

جذور الحمية

منذ أكثر من 2.5 مليون سنة، عاش أسلافنا في إفريقيا في بيئة دافئة ورطبة كانت فيها الكربوهيدرات المشتقة من الفاكهة والتوت مصدراً مهماً للطاقة. ومع ذلك، مع بداية العصر البليستوسيني قبل 2.5 مليون سنة، مرت الأرض بأكثر من 10 فترات جليدية (فترات من الانخفاض الشديد لدرجة الحرارة )، أدت تلك التغيرات المناخية  إلى جفاف الغابات الأفريقية الرطبة، وتحولها إلى أرض مفتوحة وسافانا، حينها تحوّل البشر الذين لم يتمكنوا من الاستفادة من الأراضي العشبية إلى تناول اللحوم بشكل متزايد.

حمية اللحم,حمية اللحوم,حمية اللاحم
لوحة من متحف نيروبي الوطني تبين أسلاف البشر (نوع هومو هابليس) وهم يستخدمون الأدوات الحجرية لتقطيع اللحم. Ninara/Wikimedia Commons

 في أفريقيا وأوراسيا، حلت الحيوانات التي كان يتم اصطيادها محل الأطعمة النباتية كمصدر رئيسي للغذاء، مما أدى إلى اتباع نظام غذائي منخفض الكربوهيدرات وعالي البروتين لمعظم العام. زيادة تناول اللحوم من الحيوانات البرية والبحرية كان من شأنه أن يوفر أيضًا كميات أكبر من أحماض أوميغا 3 الدهنية مثل حمض الدوكوساهيكسانويك الضروري لنمو الدماغ مما مهّد الطريق لتطوّر دماغ أكبر لدى نوعنا أي الإنسان العاقل.

اقرأ أيضاً:  كيف تؤثر الحروب على البشر؟

استمر صيد الحيوانات والأسماك لفترة طويلة بكونه نمط حياة خلال العصر الجليدي في العديد من مناطق الأرض، حتى في الفترات الدافئة نسبياً خلال العصر الجليدي، بقيت العديد من مناطق الأرض باردة ومارس سكّانها الصيد، فعلى سبيل المثال، كانت حمية شعوب الإسكيمو في المناطق القطبية من كندا وألاسكا وجرينلاند وروسيا خالية تقريباً من الكربوهيدرات سهلة الامتصاص، وفي المناطق التي كان الصيد فيها ممكناً، استهلك الصيادون كميات كبيرة من الأطعمة الحيوانية، ساهمت الحميات المحتوية على اللحوم في بقاء نجاتنا عبر التاريخ من خلال الاعتماد على الدهون بدلاً من الكربوهيدرات.

هل يمكننا الاعتماد على اللحوم فقط ؟

كتبت " آمبر هيرن " وهي باحثة بجامعة تورنتو الكندية ومؤلفة كتاب " كل اللحم، الكثير منه، والغني بالدهون" في مقالة مراجعة نشرت على دورية " Endocrinology, Diabetes and obesity" عام 2020 :" بالنظر إلى قواعد البيانات الخاصة بالأغذية، كالتي توفرها وزارة الزراعة الأمريكية، لا توجد أي مغذيات أساسية لا يمكن العثور عليها على الأقل في بعض المنتجات الحيوانية". 

إلا أنها تنوه إلى استثنائين رئيسيين وهما فيتامين ج ( Vitamin C) وأملاح الكالسيوم، حيث يصعب الحصول عليهما بمعدلات كافية من المصادر الحيوانية. وتشير "هيرن" أنه لا يوجد نظام غذائي مناسب للجميع، مشيرة أن الإرشادات الغذائية لفئة معينة قد تكون غير مناسبة لأفراد آخرين.

في ذلك الشأن، تبين دراسة نشرت حديثًا في دورية " Clinical Nutrition and Metabolic Care" إلى أن الحميات الغنية بالبروتين قد تكون خطيرة على الأفراد الذي يعانون من مشاكل مزمنة في الكلى، وذلك بسبب تراكم مخلفات سامة من أيض البروتينات.  بينما تشير مقالة مراجعة لقرابة 50 دراسة إلى وجود تأثير مضاد للأورام للحميات الكيتونية، منوهين إلى أن أغلب النتائج كانت من دراسات على الحيوانات، بينما تعد الدراسات التي تناولت ذلك التأثير في البشر قليلة.

يشير الباحثون إلى عدم توافّر بيانات طويلة الأمد لفعالية حمية "اللاحم" أو آثارها وفوائدها في الوقت الحالي، لكنهم يؤكدون على ضرورة الحصول على غذاء متوازن للجسم ويحوي كافة العناصر الرئيسية. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share