التنبؤ بإصابة "ميسي" بعد انتقاله إلى النادي الباريسي

هل يمكننا توقع إصابة ميسي قبل حدوثها؟

يتراوح عدد الإصابات بين لاعبي كرة القدم بين 2.5  إلى 9.4 إصابة لكل  1000 ساعة من الإجهاد البدني. تلك الإصابات قد تصل تكلفتها إلى  300 مليون دولار في موسم واحد. لذلك فإن كل الأندية حريصة على إجراء فحوصات طبية دقيقة واختبارات معقدة للتنبؤ احتمالية إصابة لاعبيها الجدد، وأفضل لاعب في العالم قد لا يكون استتثناءً.

باكيًا ودع اللاعب الأرجنتيني "ليونيل ميسي" محبيه في مؤتمر صحفي أقيم يوم الأحد الماضي بملعب الكامب نو مقر نادي برشلونة الإسباني، سافر بعده إلى العاصمة الفرنسية باريس لإتمام صفقة مع نادي باريس سان جيرمان، ليبدأ بذلك فصلًا جديدًا في مسيرته الحافلة.

خلالها حطم ميسي أرقامًا قياسية،  فهو أكثر من حصد الألقاب مع ناد برشلونة طيلة تاريخه، و الأول عالميًا من حيث عدد الجوائز الدولية، واكثر اللاعبين تهديفًا في عام واحد أو مع نادٍ واحد.

ويمتد تأثير ميسي خارج المربع الأخضر، فلشعبيته تأثير في زيادة عدد دارسي اللغة الإسبانية، وهو محور اهتمام بعض باحثي الرياضة الذي درسوا مهاراته الحركية  وأسلوبه في تسجيل الأهداف.

رغم ذلك، لم يكن لمن يصنفه الكثيرون كأفضل لاعب كرة قدم في التاريخ أن يتم عقده مع النادي الجديد دون المرور بفحص طبي، وهو ما أثار اهتمام رواد التواصل الاجتماعي حول طبيعة الاختبار الطبي وأهدافه، خاصة بعد نشر نادي باريس سان جيرمان لقطات تشويقية لجماهيره تظهر ميسي خلال الفحص الطبي.

تنبؤ بالإصابة

 يقول "محمد المصري" وهو أخصائي العلاج الطبيعي بمنتخب مصر للسلاح ونادي مصر للتأمين في حديثه لمجلة ساينتفيك عرب:" تود كل الأندية أن تضمن العائد من صفقاتها مع اللاعبين من خلال التأكد من جاهزيتهم واحتمال تعرضهم للإصابة". وبلغت صفقة انتقال "ميسي" إلى باريس سان جاريمان قرابة 41 مليون دولار أمريكي في السنة بحسب مصادر متعددة.

سابقًا منع الفحص الطبي  اللاعب الفرنسي "لويك ريمي" من الانتقال إلى نادي ليفربول، كما أدى إلى تأجيل انتقال الهولندي فان نيسلروي (وهو مهاجم هداف) إلى نادي مانشتر يوناتيد الإنجليزي عام 2000.

يشمل الاختبار فحوصَا طبية مثل تحاليل الدم و اختبارات القلب والرئتين مع مراجعة التاريخ المرضي  إلى جانب فحوص لياقة متخصصة يشرف عليها أخصائيو العلاج الطبيعي بحسب المصري.

أولًا: قدر أكبر من الطاقة

في المقطع الذي نشرته صفحات نادي باريس سان جيرمان، ظهر ميسي وهو يرتدي قناعًا بينما يركض على جهاز المشي. يعرف هذا الاختبار بالحد الأقصى لاستهلاك الأكسجين VO2 Max . يقيس القناع نسب الأكسجين وثاني أكسيد الكربون في الشهيق والزفير مع زيادة المجهود البدني عبر زيادة سرعة جهاز المشي.

"المزيد من الأكسجين يعني المزيد من الطاقة للعضلات، وقدرة تحمل أكبر للمجهود البدني" على حد قول المصري. مع زيادة المجهود البدني في ظل عدم توافر إمداد كافي من الأكسجين تتحول العضلات إلى إنتاج الطاقة عبر عمليات لا تعتمد على الأكسجين، تؤدي تلك العلميات إلى تراكم حمض اللاكتيك في العضلات، وهو ما يؤد إلى الإجهاد او الشد العضلي.

ثانيًا: الكفاءة العضلية

بطبيعة الحال، يعتمد لاعبو كرة الدم على عضلات أطرافهم السفلية (أقدامهم) لأداء أغلب المهام من ركل الكرة إلى القفز أو الركض. لذلك يتوقع متخصصو العلاج الطبيعي أن يكون ميسي خضع لفحصٍ يعرف باختبار التماثل الحركي Isokinetic test. وتستخدم فيه أجهزة متخصصة لقياس  اتزان العضلات و تناساق نشاطها حول الورك أو الكاحل أو الركبة. يقول المصري أن نتائج الاختبار قد تبين نقاط الضعف التي قد تؤدي للإصابة، وقد يتم على أساسها تحديد خطة تدريبية لتقوية العضلات.

اقرأ أيضاً:  الليزر | المتهم الأول في فوضى تصفيات كأس العالم

قد يتم اختبار كفاءة العضلات من خلال تعريضها لمحفز كهربي ومن ثم قياس رد الفعل الانقباضي للعضلة، وهو أحد الاختبارات الشائعة لتحديد مدى إجهاد العضلات.

ثالثًا: دينامية الحركة

من المتوقع أن يكون "ميسي" قد أجرى بعض التمرينات  أمام الفريق الطبي مثل القرفصاء والضغط والطعن بالقدم، يراقب الفريق أي خلل في الاتزان او التماثل خلال إجرائه تلك التمارين والتي قد تكشف عن نقاط ضعف أو خلل وظيفي.

يعرف هذا الاختبار بفحص الحركة الوظيفية، ويعد من أكثر الاختبارات شيوعًا لتوقع احتمالات الإصابة بين أندية الكرة في الدوريات الممتازة حول العالم بحسب دراسة نشرت عام 2014 في دورية Sports medicine .

ميسي اجتاز الاختبارات، هل يعني ذلك أنه بعيد عن الإصابة؟

بحلول يوم الثلاثاء أعلن عن اجتياز "ميسي" للفحص الطبي، وبذلك كام بإمكانه إكمال إجراءات انتقاله بنجاح. رغم ذلك فإن احتمالات إصابته تظل قائمة، وذلك بسبب تعقيد أسباب حدوث الإصابات في الملاعب، ومحدودية الفحوص الطبية في بعض الجوانب، وضيق الوقت المتاح لإجراء بعض الفحوص.

يقول "فرايز فيليب" وهو محاضر في  العلاج الطبيعي بجامعة كيل البريطانية :" في بعض الأحيان ، يكون لدى النادي والفريق الطبي الوقت الكافي لإجراء جميع الفحوصات المطلوبة ثم اتخاذ القرار. لكن في موسم الانتقالات قد يكون أمام الفرق الطبية بضعة أيام أو ساعات فقط".

وتبين أبحاث فيلييب ضعف قدرة بعض الاختبارات مثل فحص الحركة الوظيفية في التنبؤ بالإصابات، وعدم دقة بعض القياسات التي يمكن من خلالها توقع إصابات الركبة الشديدة مثل إصابات الرباط الصليبي الأمامي.

من ناحية أخرى، بعد أيام قليلة من عدم اجتيازه للفحص الطبي لنادي مانشتر يونايتيد أصيب فان نستلروي في ركبته خلال التمرين مع نادي آيندهوفن الهولندي، ويشير الباحثون أنه الفحوص الطبية رغم ضعف قدرتها التنبؤية هي أساسية على الأقل في توقع تطور الإصابة وسبل علاجها.

أجهزة تتبع على أقدام ميسي

بحلول يوم الخميس بدأ ميسي مرانه بالرداء الأسود الجديد تحت مرأى كاميرات الإعلام ليشاهده محبوه حول العالم، ما لم يلحظه المشجعون هو جهاز صغير مثبت تحت قميصه المشدود يقوم بقياس سرعته وضربات قلبه وتسارع ركضه والمسافة التي يقطعها خلال التمرين، تلك البيانات يمكنها التنبؤ بأداء "ميسي"، واحتمالية تعرضه للإصابة قبل حدوثها بأيام أو أسابيع.

يعرف الجهاز باسم جهاز آبكس للتمرين Apex training device وهو جهاز تتبع حاصل على موافقة الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، وتعاقد عليه نادي باريس سان جيرمان مع الشركة الإيرلندية التي تصنعه العام الماضي.

خلال العقد الماضي ازداد استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بإصابات اللاعبين ومساعدة المدربين في وضع التكتيكات الفعالة لهزيمة الخصم، تلك الخوازرميات قد تتوقع 50% من الإصابات بدقة تصل إلى 80%.

لسوء الحظ أغلب تلك البيانات غير متاحة إلا للشركات المالكة، لكن من المعلوم أن ميسي أصيب خلال مسيرته الكروية قرابة 30 مرة غيبته عن أكثر من 100 مباراة مع ناديه السابق، إلا أنه عاد بعدها لإمتاع جماهيره كما المعتاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share