تقنية أيونات الصوديوم الثورية قد تقلب الطاولة على بطاريات الليثيوم

قد يربكك سماع اسم الصوديوم بدلًا من الليثيوم، عند ذكر بطاريات الهواتف والحواسيب المحمولة، فهاتفك وحاسوبك المحمول يحملان في هذه اللحظة بطاريات أيون الليثيوم، لكن الصوديوم هو المنشود مستقبلًا!

ظهرت بطارية أيون الصوديوم كعنوان للاستدامة، وهي نوع من أنواع البطاريات القابلة للشحن مثلها مثل بطارية أيون الليثيوم.

إذن ما الفرق؟

 أنعش ظهور بطاريات الليثيوم أنظمة تخزين الطاقة بشكل كبير، نظرًا لكثافة الطاقة العالية (الطاقة القصوى التي تختزنها مقارنة بحجمها)، ودورة حياتها الطويلة، وأفضليتها البيئية النسبية عن سابقتها.

إلا أن كل ذلك أدى إلى ارتفاع سريع في أسعار المواد الخام وموارد الليثيوم، كما تسارعت الوتيرة بسبب الطلب المتزايد على السيارات الكهربائية والحاجة إلى تخزين الطاقة على نطاق واسع. 

ومع ظهور تلك السلبيات لبطاريات الليثيوم، برزت بطاريات أيون الصوديوم واستطاعت جذب الكثير من الاهتمام، والسبب هو وفرة عنصر الصوديوم في الطبيعة، فهو سادس أكثر العناصر وفرة على وجه الأرض، ويشكل حوالي 2.6% من القشرة الأرضية، بينما يشكّل الليثيوم 0.0007% فقط من القشرة الأرضية، ما يعني خفض التكلفة على نحو كبير.

ولكن تتمثل مشكلات بطاريات الصوديوم حاليًا في أنها تتمتع بكثافة طاقة أقل نسبيًا.

خطوة لحل المشكلة

وفي محاولة لتطوير آداء تقنية أيونات الصوديوم لتخزين الطاقة، قادت دراسة حديثة إلى الصيغة الأساسية لمادة قد توفر سعة تخزين عالية للطاقة تناسب بطاريات الصوديوم. حيث حدد فريق بحثي مشترك من جامعة سكولتك في روسيا وجامعة موسكو الحكومية (لومونوسوف)، الهيكل البلوري الأنسب. وتمكنوا من تصنيعه عبر التبادل الأيوني منخفض الحرارة ليصبح بين أيديهم بخصائصه الفائقة التي أكدتها التجربة.

المادة الجديدة عبارة عن مسحوق من فلوريد فوسفات الصوديوم – الفاناديوم، بهيكل بلوري خاص يوفر سعة تخزين طاقة عالية عند استخدامها في كاثود البطارية. ووفقًا للباحثين، تضمن مادة الكاثود الجديدة كثافة طاقة بطارية أفضل بنسبة 10 إلى 15% من أفضل المنافسين الحاليين. 

فلوريد فوسفات الصوديوم – فاناديوم هي ذاتها المادة المستخدمة في صناعة البطاريات المنافسة مؤخرًا، ولكن ما يجعلهما مختلفين هو كيفية ترتيب تلك الذرات في الفراغ، وبأي نسب تحتويها في المركب.

وليس هذا الظهور الأول لبطاريات الصوديوم تجاريًا، فقد تمكنت شركتي "كاتل" الصينية و"ريلاينس إندستريز" الهندية، بعد الاستحواذ على شركة "فاراديون" البريطانية المتخصصة في صناعة أيونات الصوديوم، من إخراج التكنولوجيا من المختبر إلى الإنتاج الفعلي. وقدمت نماذج بطاريات أيونات الصوديوم توافقًا بيئيًا مميزًا، وأمانًا محسّنًا، وتكاليف أفضل للمواد الخام مقارنة بنظيرتها المصنوعة من الليثيوم، كما قدمت أداءًا قويًا وتحسينات مستمرة في الكثافة ومعدل الدورة مما يجعل كيميائها مثيرة ومرنة بشكل خاص.

وترى شركة "كاتل" رؤية مختلفة لبطاريات أيونات الصوديوم وأنها ستكون تقنية تكميلية لأيونات الليثيوم، وليست تقنية تنافسية. إذ تشترك تقنيتا البطاريات كثيرًا من حيث الهيكل ومبادئ العمل ويمكنهما في كثير من الأحيان استخدام نفس خطوط التصنيع والمعدات. 

اقرأ أيضاً:  على خُطى سنوب دوج… ويجز يدخل عالم الويب٣

لذلك، تقوم الشركة ببساطة بدمج طلبات تصنيع أيونات الصوديوم الخاصة بها في البنية التحتية الحالية لبطاريات الليثيوم. وطرحت بالفعل نظام بطاريات خاص بها يستخدم الخلايا القائمة على الصوديوم والليثيوم معًا في سيارة كهربائية واحدة، مما يساعد على الاستفادة من مزايا كل منهما وفتح مساحة أكبر لسيناريوهات التطبيق لأنظمة بطاريات الصوديوم والليثيوم مستقبلًا.

صراع على سوق السيارات الكهربائية قد يقلب الموازين

وعلى صعيد المنافسة المتوقعة، يجدر الإشارة إلى أن بطاريات الليثيوم قد شهدت معدل نمو سنوي بنسبة 25٪ من 2015 إلى 2018، مدفوعةً بشكل أساسي بارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية.

ومع توقع ارتفاع عدد المركبات الكهربائية إلى 3 مليارات بحلول عام 2050، فإن تزويد الأسطول العالمي بالكهرباء يمكن أن يؤدي إلى ضغط كبير على إمدادات الليثيوم مما قد يقلب الموازين على بطاريات الليثيوم.

معدل الطلب على بطاريات الليثيوم للسيارات الكهربائية

ويتوقع الباحثون بقاء العرض والطلب على بطاريات الليثيوم في توازن خلال العقد المقبل في جميع السيناريوهات، وسيتجاوز العرض الطلب حتى منتصف القرن، ولكن من تلك النقطة فصاعدًا، سيبدأ العد التنازلي وستتسارع وتيرة النقص وسنشهد نفاذ الليثيوم بالكامل بعد سنوات قليلة من عام 2100. 

الصوديوم مستقبل البطاريات وليس الليثيوم

كل ما سبق قد يصب في مصلحة بطاريات أيونات الصوديوم التي لا تزال في مهدها، ولكنها تمكنت من أن تصبح بديلاً لتقنيات الليثيوم قابلاً للتطبيق. ويبقى الأمر معتمدًا على مدى استعداد الشركات للاستثمار في هذه التقنية الواعدة، حيث يمكن لتقنيات البطاريات البديلة التي تستخدم مواد خام أقل ندرة أو متوفرة بالفعل مثل الصوديوم أن تخفف الضغط المتزايد على سلاسل توريد الليثيوم. 

الصوديوم أكثر وفرة بكثير من الليثيوم، وهناك عمليًا إمداد غير محدود منه، مع تكلفة إجمالية للاستخراج والتنقية أقل بكثير. لذا، يرجح أن تصبح أيونات الصوديوم أرخص بنسبة تتراوح بين 20٪ و40٪. ويبقى التحدي كامنًا في توسيع نطاق تلك التكنولوجيا.

تاريخ البطاريات

على المدى القصير، ستكون تكلفة تصنيع بطاريات أيونات الصوديوم مرتفعة، ولكن يتطلع المنتجون إلى الوصول إلى الإنتاج واسع النطاق لتقليل التكلفة. وحينها سيرتفع الطلب على البطاريات عمومًا في قطاع السيارات الكهربائية من 0.6 تيراواط في الساعة في العام الجاري 2022 إلى 2.8 تيراواط في الساعة بحلول عام 2030، وهي طفرة قوية جدًا وداعمة لسوق بطاريات أيونات الصوديوم. 

إذا استمر سعر الليثيوم في الارتفاع، فقد تصبح خلية أيون الصوديوم قريبًا أكثر جاذبية نسبيًا وقادرة على تأمين حصة أكبر في السوق، وبسرعة أكبر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share