هناك أكثر من 50 مليون شخص يعانون من الصرع في جميع أنحاء العالم، ولعل أقسى ما بالأمر هو عدم القدرة على التنبؤ بنوباته.
هل نتمكن يومًا من التنبؤ بنوبات الصرع؟
يبدو أن عالمة الأحياء الجزيئية ماريون هوغ من معهد FutureNeuro - وهو معهد أبحاث تستضيفه الكلية الملكية للجراحين في أيرلندا - قد تمكنت من حل تلك المعضلة؛ فقد أعلنت هوغ عن توصل فريقها إلى الكشف عن جزيئات معينة تتغير مستوياتها في مجرى الدم قبل النوبة وبعدها؛ مما يعني أننا أصبحنا بعد على بعد خطوات من التوصل إلى إجراء يتيح لنا التنبؤ الدقيق بوقت حدوث النوبات عن طريق اختبار بسيط للدم، بل وربما تؤدي نتائج الدراسة الجديدة إلى تطوير أدوية وقائية سريعة المفعول يمكن للمرضى تناولها قبيل التعرض لنوبات الصرع، كما يُنتظر أن تمدنا الدراسة بالمزيد من الأدلة حول أسباب الصرع.
قام الباحثون خلال الدراسة بتحليل عينات البلازما من دماء المصابين بالصرع ولاحظوا زيادة كمية شظايا الحمض النووي الناقل tRNA - وهو جزيء يشارك في ترجمة الحمض النووي إلى بروتينات - في البلازما بصورة كبيرة قبل ساعات من النوبة ثم تعود إلى المستوى الطبيعي بعد ذلك. وتتشكل هذه الشظايا عندما تقطع الإنزيمات الحمض النووي الريبي كرد فعل على الإجهاد الناتج عن زيادة نشاط المخ في الفترة التي تسبق النوبة.
وبحسب ما أفاد به عالم الأعصاب مارك كوك من مستشفى سانت فنسنت في ملبورن، أستراليا_ والذي لم يشارك في الدراسة، فأن تقلبات الحمض الريبي النووي الناقل ترتبط بإيقاعات الساعات البيولوجية، حيث تتكرر تلك الدورات لدى البالغين المصابين بالصرع المزمن خلال فترات تتراوح ما بين 7 ل 28 يوم وحتى 40 يومًا"، وتتحكم هذه الأنماط في استثارة الدماغ، مما يجعل المصاب أكثر أو أقل عرضة للنوبات". وبالتالي فإن النتائج الجديدة قد تؤدي بالنهاية إلى فهم أفضل لأسباب الصرع.
يضيف البروفيسير كوك "لم نكن نعرف السبب وراء تلك الدورات، ولربما أصبح لدينا الآن دليل على وجود جينات تتحكم في ذلك النظام وتولد هذه الشظايا، مما ييجعلنا نطمح في أن نمتلك يومًا ما القدرة على التنبؤ الدقيق بموعد النوبة، والمثير في الاكتشاف الجديد أنه لا يقتصر فقط على زيادة معرفتنا بالصرع، بل يعمق معرفتنا بكيفية عمل الدماغ."
جهاز بسيط للتنبؤ بنوبات الصرع
قام الدكتور كوك وفريقه سابقًا بمحاولة التنبؤ بنوبات الصرع من خلال مراقبة نشاط المخ، لكن ذلك تطلب إجراء عملية جراحية، بينما يعمل باحثو FutureNeuro على تطوير جهاز للتنبؤ بالنوبات عن طريق اختبار دم بسيط يمكن إجراؤه في المنزل على غرار جهاز مراقبة مستوي السكر في الدم.
وفي حين احتاجت الدراسة التي نحن بصددها إلى كميات كبيرة نسبيًا من البلازما مفصولة عن الدم، فإن التحدي القادم للعلماء يتمثل في تطوير جهاز يعمل مع عينات صغيرة من الدم، وربما هذا الجهاز متاحًا للمرضى لاستخدامه في السنوات الخمس المقبلة بحسب توقع دكتور هوغ.
وبالأخير،
يمكن للتحذيرات المسبقة أن تحدث فرقًا كبيرًا في حياة المرضى؛ فعند تلقي تحذير مسبق باقتراب نوبة الصرع حينها لن تذهب إلى العمل أو تقود السيارة أو تذهب للسباحة". على الرغم من أن بعض أدوية الصرع سريعة المفعول، إلا أن معظمها يقوم بعمله على المدى الطويل وحوالي ثلث المرضى لا يستجيبون لتلك الادوية، بينما يمكننا التنبؤ الدقيق بالنوبات من تطوير أدوية للاستخدام الفوري، مما يقلل من الآثار الجانبية.
هل تعلم ما هي التقنيات المفيدة في العزل الصوتي؟ شاهد الصوف الصخري.