مستشفى 57357

57357 تشارك في ابتكار آلية لمهاجمة سرطان الدماغ

هذه الدراسة تم سحب الورقة البحثية الخاصة بها بعد تحقيقات واتهامات بالتزوير. يمكنك قراءة الخبر من هنا:

سحب ورقة بحثية من «نيتشر» بعد اتهامات بالتزوير


على شكل نجمة بأذرع أخطبوطية متعددة، توجد الخلايا النجمية عميقًا داخل دماغك، تمد أذرعها العديدة في مختلف الاتجاهات لتقدم الدعم المستمر لخلايا الدماغ العصبية، حيث تنقل لها الغذاء و تحافظ على توازن نسب الأيونات. كذلك تساهم الخلايا النجمية في إصلاح وترميم الأعطاب التي تصيب الدماغ على مدار الحياة، إلا أن بعض الأعطاب قد تصيبها، فتحولها إلى حالة جنونية من الانقسام غير المنضبط، لتُشكل بذلك كتلاً ورمية خبيثة سريعة النمو، تضغط على الخلايا العصبية وتعطل عملياتها الحيوية، مما قد يؤدي إلى الوفاة في أقل من 14 شهرًا فيما يُعرف بحالة الجليوبلاستوما glioblastoma.

يصيب سرطان الجليوبلاستوما أقل من 10 أشخاص من أصل 100 ألف حول العالم، إلا أن معدلات النجاة المنخفضة لمصابيه تجعل منه قضية صحية طارئة.

قبل أيام نجح فريق بحثي من «مستشفى 57357» بالتعاون مع باحثين من جامعة «بايلور الأمريكية» و «مستشفى تكساس للأطفال»، في تطوير آلية لمهاجمة سرطان الجليوبلاستوما، تعتمد على تعزيز قدرة الخلايا المناعية على الوصول إلى خلايا الورم واستهدافها، حسب ما وضحت دراستهم المنشورة في الخامس من سبتمبر في دورية «نيتشر».

تأشيرة عبور

في أواخر عام 2015، حملت «هبة سماحة» أحد الباحثين المشاركين في تلك الدراسة، معداتها وتذكرة سفر في رحلة إلى الولايات المتحدة، حتى تعمل ضمن مشروع بحثي يهدف إلى ابتكار وسيلة لمنح الخلايا المناعية «تأشيرة عبور» تمكنها من التسلسل عبر «الحاجز الدموي الدماغي»؛ وهو تكوين مميز لجدران الأوعية الدموية يمنع الخلايا المناعية من الوصول إلى الدماغ، لما قد تحدثه من التهابات ضارة.

مستشفى 57357
الدكتورة هبة سماحة، أحد الباحثين الرئيسين المشاركين بالدراسة

تقول «هبة سماحة» في تصريحها لـ ساينتفك عرب: «في حالة وجود أورام دماغية فتاكة كالجليوبلاستوما، قد يمثل تسلسل تلك الخلايا - غير المرغوب فيها - الحل الأمثل لمواجهة الخلايا السرطانية».

توضح «شاهيندا النجار» مديرة إدارة البحث العلمي في مستشفى 57، وأحد المشاركين في الدراسة في حديثها لــ ساينتفيك عرب أن التأسيس للمشروع بدأ منذ فترة طويلة من خلال علاقات تعاون مع الدكتور «نبيل أحمد»  المؤلف الرئيسي للدراسة أثناء تواجده بالمعهد القومي للأورام قبل سفره لاستكمال أبحاثه في تطوير علاجات مناعية للسرطان  في «مستشفى تكساس للأطفال». أثمر ذلك التعاون عن هذا المشروع، الذي اُختيرت «سماحة» للمشاركة فيه نظرًا لتميزها، وبهدف نقل الخبرات والتطورات الحديثة في مجال العلاج بالخلايا المناعية.

مستشفى 57357
الدكتور نبيل أحمد، المؤلف الرئيسي للدراسة

العلاج بالخلايا المناعية

بالحديث عن العلاج بالخلايا المناعية، تشير «سماحة» إلى أن تلك الوسيلة العلاجية أظهرت نجاحًا في علاج سرطانات أخرى مثل اللوكيميا -سرطان الدم-، حيث يمكن من خلال الهندسة الوراثية لـ «الخلايا المناعية التائية» تعزيز قدراتها على التعرف على جزيئات مميزة  تتواجد على الخلايا السرطانية ومن ثم استهدافها. إلا أنه في حالة الأورام الدماغية مثل الجليوبلاستوما، فإن تلك الخلايا المناعية تقف عالقة غير قادرة على الوصول للورم، بسبب الغشاء الدموي الدماغي، ولذلك «كان علينا منحها تأشيرة عبور».

من أجل تدبير معبر آمن لتسلل الخلايا المناعية، قام الباحثون بدراسة حالة مرضية يكون فيها عبور تلك الخلايا إلى الدماغ أكثر سلاسة، وهي حالة «الالتهاب الدماغي».

اقرأ أيضاً:  الكاتينج | إيذاء النفس غير الانتحاري

والمعبر الآمن في حالة الالتهاب وفقاً لسماحة، هو توافر عدد من الجزيئات المميزة مثل  «ALCAM» ،«ICAM-1» و «VCAM-1» على سطح الخلايا المبطنة للأوعية الدموية في الدماغ. تلك الجزيئات لها القدرة على الارتباط بمركب استثنائي يوجد على سطح الخلايا المناعية المارة في الوعاء الدموي  يُعرف بـ «CD6»، وهو ما يترتب عليه سلسلة من التغييرات في شكل الخلايا المناعية، يسمح لها بالانبعاج بين جدران الخلايا المبطنة، والمرور من الحاجز المنيع إلى خلايا الدماغ.

على خلاف ذلك في حالة الجليوبلاستوما، فإن جزيئات تسهيل عبور الخلايا المناعية من «ICAM-1» و «VCAM-1» تكون نادرة للغاية أو غير موجودة مما يعني إشارة حمراء أمام عبور الخلايا المقاتلة، إلا أنه ولحسن الحظ تتوافر جزيئات مركب «ALCAM» بكثرة، وهنا يأتي دور الدراسة خاصتنا.

استهداف الخلايا السرطانية

عمد الباحثون في الدراسة على ابتكار نسخة مطورة من جزيء «CD6» الموجود على سطح الخلايا المناعية التائية، تلك النسخة التي حملت اسم «HS CD6» لها قدرة فائقة على الالتحام بالخلايا المبطنة للأوعية الدموية والارتباط بجزيئات «ALCAM»، لتنال  المرونة المناسبة التي تعينها على التسلل بين ثنايا الخلايا المبطنة. ولم يكتف الباحثون بذلك، حيث دُعمّت الخلايا المقاتلة بمستقبِل استخباراتي يُعرف بـ «HER-2»، يمكنه تمييز جزيئات محددة توجد بكثرة على سطح الخلايا السرطانية، ومن ثم استهدافها وقتلها. وفقًا لـ «سماحة» فإن الدكتور «نبيل أحمد» قد اختبر فعالية ذلك الجزيء ونتائجه من خلال أبحاثه السابقة.

لتقييم مدى فعالية الآلية المطورة، كان على الباحثين حشو أدمغة فئران المعمل بخلايا سرطانية بشرية، ثم حقنها بالخلايا المتسللة المقاتلة، وتتبعها للتأكد من وصولها لموقع الورم في الدماغ.

كانت تلك أكثر اللحظات حماسةً

هكذا وصفت سماحة الموقف، واستكملت حديثها موضحة أنه  «بمنح الخلايا القدرة على الضيائية الحيوية مثل الخنافس المضيئة، تسنى لنا أن نراها تمامًا حيث يجب أن تكون من خلال تتبعها بتقنية تصوير متطورة تعرف بـ «IVIS»، وقد تأكدنا مجدداً من نتائجنا خلال مرحلة مراجعة الدراسة، إذ تم تصوير أدمغة الفئران وهي حية، بينما كانت خلايا المناعة وخلايا السرطان تلمع بألوان مختلفة تحت مجهر متقدم في معامل جامعة هارفرد»

ماذا بعد؟

وفقًا لسماحة، فإن الخطوة القادمة أمام المشروع  هي تقديم مذكرة لإدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA، حتى يتسنى دخول تلك الآلية إلى مرحلة التجارب السريرية.

ومن ناحيتها أضافت «النجار» أن مستشفى 57357 ستسعى في المستقبل إلى تأسيس وحدة أبحاث للعلاج المناعي بمساعدة الدكتور «نبيل» لتنضم إلى البرامج البحثية الحالية التي تشمل أبحاث بيولوجيا الأورام، والأبحاث الجينومية والبروتيومية وغيرها.

ومن جانبه علق الدكتور «سامح سعد علي» مدير برنامج بيولوجيا الأورام بمستشفى 57357 في تصريحه لـ ساينتفك عرب: «بالرغم من أن العلاج لن يُستخدم على الأغلب في وقت قريب، إلا أنه دليل قوي أن مستشفى 57 ليست فقط تجربة طبية فريدة، بل لها دور بحثي قوي تشارك فيه العالم حربه الشاملة ضد السرطان».

4 comments
  1. أجمل الأمنيات وأصدق التهاني لانطلاق موقعكم الجديد والتقرير الرائع الذى تستهل به اول كتاباتك على هذا الموقع أتمنى لك دوام التوفيق والتميز يامعتصم.

  2. تقرير رائع واسلوب سلس يفهمه غير المتخصصين بما لا يخل بمضمون وجوهر المحتوى بالتوفيق دايما وربنا يسدد خطاك

  3. ما شاء الله دائما كاتب متميز مجتهد ذو أسلوب مشوق يجمع بين منطقية العلم و انسيابية اللغة ننتظر موضوعاتك المشوقة و نتابع موقعكم كل يوم صباحا علنا نجد موضوع جديد مشوق ككل موضوعاتكم المميزة و لا زالت أذكر منها وادي الحيتان فقد ذكرتني بأسلوب دكتور أحمد خالد توفيق رحمه الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share