بيل جيتس, ميكروسوفت, مراحيض, بيئة, صحة, الصرف الصحي

بيل جيتس: من البرمجيات إلى المراحيض

خلال مؤتمر إعادة تدوير المراحيض، قدم بيل جيتس عرضًا غير مسبوق، حين قدم لكبار الزوار عينة من الفضلات البشرية، فماذا كان يود إخبارهم من خلال ذلك؟

في خطوة غير مسبوقة، قام الملياردير «بيل جيتس - Bill Gates»، مؤسس شركة مايكروسوفت، وأحد أغنى رجال العالم، بحمل جرة زجاجية مليئة بالفضلات البشرية، أمام كبار رجال الأعمال والمستثمرين والمسؤولين الحكوميين من جميع أنحاء العالم، وكشف النقاب عن ما وصفه بشكل مهذب بأنه «عرض بسيط - little Exhibit».

كان ذلك خلال خطاب ألقاه في العاصمة الصينية بكين، ضمن فعاليات منتدى «إعادة تدوير المراحيض»، الذي أقيم يوم الثلاثاء الماضي بتاريخ السادس من نوفمبر/تشرين الثاني، كجزء من نداء للتخلص الآمن من النفايات البشرية، ولفت الانتباه إلى عدم وجود مراحيض في جميع أنحاء العالم.

ويعتقد «بيل جيتس» أنه من غير العملي أن يعتمد العالم بأكمله على المراحيض الدافقة بالماء، لذلك فهو ينفق 400 مليون دولار لتمويل الأبحاث في المراحيض التي لا تتطلب نظامًا للصرف الصحي.

أزمة صحية تهدد العالم

استخدم جيتس تلك الجرة للفلت الانتباه إلى أزمة صحية عالمية، لم تحظى بالاهتمام الكافي، في الأماكن التي لا توجد بها أنظمة صرف صحي أو صرف صحي مناسبة، هناك ما هو أكثر بكثير من مجرد نفايات بشرية غير صحية بالجرة، مشيرًا إلى الصلة بين سوء المرافق الصحيةن  وانتشار الأمراض وسوء التغذية.

فقد كانت كلمات «بيل جيتس» واضحة عندما تحدث في المؤتمر قائلًا:

ربما تخمن ماذا يوجد في هذه الجرة، وأنت على حق. إنه براز بشري! من الجيد تذكيرك أن هذه الكمية الصغيرة من البراز تحتوي على أكثر من 200 تريليون جسيم من فيروسات الروتا، 20 مليار من بكتيريا شيجيلا، 100000 من بيض الدودة الطفيلية. لقد اخرجتها للفت الانتباه إلى قضية خطيرة تقتل أكثر من 500000 شخص كل عام: سوء الصرف الصحي.

جادل «جيتس» بأن مشكلة الصرف الصحي العالمية التي تكلف ما يقدر بنحو 223 مليار دولار (170.3 مليار جنيه استرليني) في العام، من حيث الأجور المفقودة والرعاية الصحية الإضافية، وسوف تزداد سوءًا إذا لم نفعل شيئًا حيال ذلك.

حيث تؤدي خدمات الصرف الصحي السيئة، في الأماكن التي لا توجد فيها مرافق صحية آمنة، وغيرها من مسببات الأمراض وتوابعها في أمراض إلى وفاة 525000 طفل دون سن الخامسة كل عام، وتساهم في سوء التغذية وانتشار الأمراض، مثل الإسهال والكوليرا والتيفوئيد.

وأضاف جيتس:

ما لم نفعل شيئًا، فسوف يتم تسريع دورة المرض.

لتوضيح حجم الأزمة، أوضحت تقديرات منظمة الصحة العالمية في تقرير لها يعود إلى عام 2015، أن 39% فقط من سكان العالم (2.9 مليار شخص) يستخدمون خدمات صرف صحي «مُدارة بأمان»، بمعنى استخدام مرحاض غير مشترك مع الأسر الأخرى، مع وجود نظام لضمان معالجة الفضلات أو التخلص منها بأمان.

بينما مانسبته 27% فقط من سكان العالم (1.9 مليار شخص) لديهم مرحاض منزلي يرسل النفايات إلى المجاري، أو مرافق الصرف الصحي الخاصة المتصلة بالمجاري، ثم إلى محطة معالجة.

اقرأ أيضاً:  كيف يؤثر الصيام على صحة الفم والأسنان؟

كما توضح البيانات، أن ثلاثة أشخاص من كل 10 أشخاص ليس لديهم مراحيض. وإنهم يدفعون الثمن اليومي في المرض وفقدان الكرامة.

تكنولوجيا جديدة للمراحيض

يسعى جيتس لحل تلك الأزمة العالمية من خلال ابتكار مبدع، حيث أن مجرد تعميم نموذج العالم الغني في المراحيض إلى البلدان الفقيرة لن ينجح، لعدة أسباب، فهي بشكل أساسي تستهلك كمية كبيرة من المياه.

يضاف إلى ذلك فإن المدن الكبرى سريعة النمو في الدول النامية، عادة ما تفتقر إلى شبكات الصرف الصحي ومحطات معالجة النفايات، حتى في المناطق التي توجد فيها بنية تحتية جيدة، لا يوجد في كثير من الأحيان مال للكهرباء أو الصيانة.

وهذا يترك قرابة 892 مليون شخص في العالم، يستخدم الشوارع وخلف الشجيرات، أو الأماكن المفتوحة عامة لقضاء حوائجهم، بحسب تقرير منظمة الصحة العالمية.

وللتصدي لهذه المشكلة، بدأت مؤسسة «بيل وميليندا جيتس» في إعادة تنظيم دورة مياه المرحاض في عام 2011، وضخت المؤسسة ما تصل قيمته إلى 200 مليون دولار في شكل منح للجامعات في جميع أنحاء العالم؛ لتطوير مراحيض متطورة، تعمل بنظام معالجة النفايات الذي لا يلزم ربطه بشبكة الصرف الصحي.

الأنظمة الجديدة التي تم إنشاؤها باستخدام هذه المنح تحول ما نضعه في المرحاض من فضلات بشرية، إلى أسمدة أو طاقة أو مياه معاد تدويرها – بل أن بعضها قد يعد صالحًا للشرب، مما ساعد في تمويل الأبحاث والتطوير في نماذج جديدة ثورية من المراحيض.

وتعتزم المؤسسة الآن استثمار مبلغ إضافي قدره 200 مليون دولار في الأبحاث التي يمكن أن تسفر عن طرق إضافية للتعامل مع النفايات البشرية من المنبع.

فقد أوضح جيتس خلال المنتدى:

عندما تفكر في احتياجتنا الأساسية، في أعلى القائمة مع الصحة والأمن الغذائي، أعتقد أن وجود مرحاض معقول ينتمي بالتأكيد إلى تلك القائمة.

ولكن الآن، وبعد 7 سنوات، و200 مليون دولار من الاستثمارات، وبفضل «جيتس» إلى حد كبير، فإن الشركات على وشك البدء في بيع ما وصفه بـ «المراحيض المعاد تدويرها»، ليكون الجيل الأول من المراحيض الخالية من مياه الصرف الصحي موجود هنا، ويجري اختبار الدفعة الأولى من منتجات «Reinvent the Toilet Challenge» في مواقع حول الهند وأفريقيا والصين، لكنها ليست رخيصة بعد.

وتكمن الفكرة في جعل هذه المراحيض تعمل في أحياء فقيرة، لا توجد فيها فرصة لبناء نظام صرف صحي، وسيكون الإصدار الأول المعروض للبيع عبارة عن مراحيض عامة متعددة الوحدات، يمكن أن تحل محل المراحيض العامة القذرة الشائعة في الأحياء الفقيرة.

ويرى «جيتس» إن المراحيض التي أعيد ابتكارها تمثل حل، خاصة بالنسبة للنساء والأطفال، خاصة في الليل، عندما يمثل الخروج إلى المراحيض المجتمعية مشكلة. وأكد إنه فخور بمرحاضه الذكي الجديد نفس قدر فخره بنظام التشغيل Microsoft Windows الذي جعله من أثرياء العالم.

يُذكر إن مؤسسة «جيتس» لا تصنع المراحيض. وقد تصبح الشركات الصينية أول منتج لها، تبيع معظمها في أفريقيا والهند. يمكن أن تصل قيمة السوق العالمية إلى ستة مليارات دولار سنويًا، بحسب تقدير مجموعة بوسطن الاستشارية في عام 2016.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share