لطالما حذّرنا العلماء من خطر التغير المناخي وضرورة تصرّف الحكومات حيال هذا الشأن، واليوم يضعون لنا موعدًا نهائيًا للتصرف قبل أن نصل لنقطة اللاعودة، حيث سيصبح احتمال تجنب الآثار المدمرة لأزمة التغير المناخي بعيد المنال.
تلك هي رسالة التحذير التي حملها لنا فريق بحثي من «جامعة أكسفور» بالتعاون مع أقرانهم في جامعة «أوتريخت الهولندية»، في دراستهم التي نشرت مؤخراً في دورية « Earth System Dynamics».
ويوضح الباحثون، أنه في حال لم تتّخذ الحكومات إجراءات صارمة بحلول عام 2035، فالإنسانيّة ستكون على وشك بلوغ نقطة حاسمة، بحيث يصبح الحفاظ على ارتفاع معدل الحرارة أقل من 2 درجة سيليزية عن معدلات ما قبل الثورة الصناعية، أمرًا بعيد المنال.
كما أضاف الباحثون أن الوقت الحاسم للحفاظ عليها أقل من C 1.5 قد انقضى بالفعل، إلا لو قمنا على الفور باتخاذ إجراءات جذرية لعلاج الأزمة، وهو أمر غير متوقع، وبذلك تكون الحدود الآمنة التي نصت عليها اتفاقية المناخ التي جرى توقيعها في باريس عام 2015 قد ذهبت أدراج الرياح.
إطار زمني للكارثة
نقطة اللاعودة، حسب تعريف الباحثين في الدراسة هي السنة القصوى لنبدأ بقطع انبعاثات الغازات الدفيئة بنسب مؤثرة، قبل فوات الأوان وتطور أزمة المناخ لحد مدمر.
يقول «ماتايس آيننهيستر» المؤلف الرئيس للدراسة: «مفهوم نقطة اللاعودة يتميّز باحتواء معلومات زمنيّة، والتي نعتبرها مفيدة للغاية عند النقاش حول الضرورة الملحّة لاتّخاذ إجراءات مناخية عاجلة».
ويوضح الباحثون أن هناك ما نستطيع الاعتماد عليه لنزيد احتمالية الوصول إلى 2°C في عام 2100 لتصل لنسبة نجاح تقارب 67%، وهو السرعة في الحدّ من انبعاثات الغازات الدفيئة باعتماد أكبر على الطاقة المتجددة؛ بافتراض أننا نستطيع زيادة معدل استهلاك الطاقة المتجددة بنسبة 2% سنويًا، فسيكون علينا البدء في ذلك قبل عام 2035.
وإن استطعنا تخفيف الانبعاثات بصورة أكبر، وذلك بزيادة استهلاك الطاقة المتجددة بنسبة 5% سنويًا، فسنربح بذلك عشر سنوات إضافيّة!
إلا أن رفع الآمال لا يبدو فكرة جيدة، حيث أن أكثر السيناريوهات تواضعًا للبدء في اتّخاذ اجراءات ملزمة في الأزمة المناخية، يعد طموحًا في الوقت الحالي، وفقًا للباحثين.
على كل حال فإن المضي في اتخاذ أي إجراء متواضع قد يحدث فرقًا كما يقول أستاذ الإحصاء في جامعة اوكسفورد «ريك فان دير بلوج».
ويضيف بلوج: «إن حصة الطاقة المتجددة تعزى إلى حصة كل الطاقة المستهلكة. ارتفع هذا في العقدين الأخيرين من لاشيء تقريبًا في آخر التسعينات إلى 3.6% في 2017 بحسب إحصائيات شركة "بريتيش بتروليم BP" الدورية، لذلك فإن الزيادة السنوية في زيادة حصّة الطاقة المتجددة كانت ضئيلة للغاية».
إن استخدام تقنيات حديثة للتقليل من انبعاثات الغازات الدفيئة مثل «تقنية الانبعاثات السلبية» - تكنولوجيا ترتكز على اقتناص غاز ثاني أكسيد الكربون وحبسه- يمكنها جلب المزيد من الوقت، ولكن حسب الدراسة، فإن ذلك الوقت الإضافي لن يزيد عن 10 سنوات، قبل أن تدركنا نقطة «اللاعودة» الكارثية.