بدأ توزيع أولى جوائز نوبل عام 1901، ومنذ ذلك الحين منحت الجائزة 585 مرة في مجالاتها الخمس الأساسية: الكيمياء، الفيزياء، الطب، والأدب والسلام -إضافة إلى الجائزة المستحدثة في علوم الاقتصاد. وبينما يصل عدد الفائزين بتلك الجوائز -فردًا كان أو مؤسسة- إلى 923 فائز، فإن عدد الإناث منهم لا يتعدي 48 فائزة، أي ما يقرب من نسبة 5% فقط.
مشاركة النساء في جوائز نوبل إلى أقل من 3% من الفائزات الإناث، عند الحديث عن الجوائز العلمية وحدها، فمنذ انطلاق الجائزة حتى العام الحالي، وصل عدد الفائزات بالجائزة في مجال الكيمياء والفيزياء والطب إلى 17 فائزة، بمجمل 18 جائزة، حيث حازت عالمة الفيزياء «ماري كوري» بشكلٍ استثنائي على جائزتين في مجالين مختلفين. في السطور التالية نتحرى سريعًا أهم الإنجازات التي قدمتها سيدات نوبل للعلم.
1. سيدات نوبل في الفيزياء
أولى سيدات نوبل في مجال الفيزياء هي «ماري كوري» التي حصلت عليها عام 1903 تكريمًا لأبحاثها في مجال الإشعاع. وحازت على الجائزة الثانية «ماريا جوبرت ماير - Maria Goeppert Mayer» عام 1963, وذلك تقديرًا لجهودها في اكتشافات تتعلق بالأبحاث النووية، حيث أدخلت نموذج الغلاف النووي للنواة الذرية.
تعد في الفيزياء هي الأضعف مقارنة بالمجالات العلمية الأخرى، فمن أصل 207 جائزة وزعت في الفيزياء منذ بدأ الجائزة عام 1901، لم تصعد عالمات فيزياء إلى منصة التكريم إلا في المرتين الآنف ذكرهم.
2. سيدات نوبل في الكيمياء
افتتحت ماري كوري كذلك أولى جوائز الكيمياء للسيدات عام 1911، تكريمًا لإكتشافها عنصري الراديوم والبلونيوم، وتقديم دراسات مفصلة عن عنصر الراديوم في الطبيعة وفي بعض مركباته.
لم يتوقف الإشعاع عند كوري الأم، حيث حازت «إيرني جوليت - كوري Irene Joliot-Curie» ابنة ماري كوري على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1935، بعد أن تمكنت لأول مرة من تخليق عنصر مشع معمليًا.
بعد مرور قرابة 30 سنة عادت السيدات إلى منصة الكليمياء بفوز «دوروثي كروفوت هودكين - Dorothy Crowfoot Hodgkin» بالجائزة عام 1964، بعد تمكنها من فك التركيب المعقد لجزيئات حيوية هامة مثل البنسلين.
أضيفت آخر جائزة لنوبل الكيمياء في قائمة السيدات عام 2009، والتي حصلت عليها «أدا يوناه - Ada E. Yonath»، لقاء أبحاثها عن الريبوسوم وتركيبه، ليرتفع عدد سيدات نوبل الكيمياء إلى 4 عالِمات حصلن على 4 جوائز مختلفة.
3. سيدات نوبل في الطب
تعد جائزة نوبل في الطب أو الفيسيولوجي، هي الأكثر حظًا من حيث مشاركة السيدات، حيث يصل عدد الجوائز الممنوحة فيها للسيدات إلى 12 جائزة، وعلى الرغم من ذلك، لم تمنح الجائزة إلا بعد مرور قرابة نصف قرن على بدايتها.
ففي عام 1947 حصلت أول عالمة على جائزة نوبل في الطب وهي «جرتي كوري»، وذلك على أبحاثها فيما يعرف الآن بـ«دورة كوري»، وهي الدورة المعقدة الخاصة بتكسير الجليوكوجين إلى سكر الجلوكوز ومن ثم إلى حمض اللاكتيك في العضلات.
كما حصلت «باربرا ماككلينتوك - Barbara McClintock» على جائزة نوبل في الطب، لإسهاماتها الهامة في مجال الوراثة، وكان ذلك عام 1983. توالت السيدات في حصد جوائز نوبل، حيث تلقت «ريتا ليفي-مونتالسيني - Rita Levi-Montalcini» جائزتها عام 1986 نظير اكتشافاتها لعوامل النمو.
منذ بداية الألفية الجديدة توالت الجائز التي نالتها السيدات في مجال الطب، ففي عام 2004 توصلت «ليندا باك - Linda B. Bulk» إلى اكتشافات تتعلق بمستقبلات الرائحة وتنظيم النظام الشمَي، لتنال بها الجائزة.
وبعد مرور 5 أعوام فقط، تشاركت سيدات لأول مرة نوبل في الطب، حيث تم تكريم كل من «كارول جريدر - Carol W. Greider» و«اليزابيث بلاكبرن - Elizabeth H. Blackburn» عام 2009 لمشاركتهما في اكتشاف ماهية الحماية المرتبطة بالكروموسوم بواسطة «التيلوميرز - Telomeres»، وإنزيم التيلوميريز.
تلقت «ماي بريت موزر - May-Britt Moser» عام 2014 جائزة نوبل لاكتشافها خلايا بإمكانها تشكيل نظام تحديد المواقع في الدماغ. وأخر جائزة منحت للسيدات في الطب, تلقتها «يويو تو - Youyou Tu» عام 2015 لاكتشافات تتعلق بعلاج جديد ضد مرض الملاريا.
لماذا يحصل عدد قليل من السيدات على جوائز نوبل؟
بمقارنة النسب بين النساء الحاصلات على جوائز نوبل في القرن الماضي والقرن الحالي، يتبين أن معدل مشاركة العالمت الإناث يتزايد، إلا أن اتهامات عدم المساواة لازالت تلاحق مؤسسة نوبل، التي يشير مدعوها أن الأمثلة التاريخية الخاصة بتجاهل دور العالمات من السيدات عديدة و واضحة.
وجه هذا السؤال بشكل صريح إلى المؤسسة خلال الإعلان الرسمي عن الفائزين في العام السابق، الذي خلى من السيدات في المجالات العلمية، ليشير «جورن هانسون»، نائب رئيس مجلس الإدارة بمؤسسة نوبل في رده، أنه بالعودة بالزمن 20 أو 30 سنة ماضية، ستجد أن نسب العالمات من النساء أقل بكثير، وبما أن لجان نوبل لا نمنح الجائزة إلا بعض دراسة طويلة لتأثير الاكتشافات أو الاختراعات العلمية، قد يكون ذلك السبب في النسب المحبطة لمشاركة الإناث.
موضحًا أن الإناث ترأس نصف لجان نوبل، ويوجد علماء من الإناث في كل نواحي المؤسسة، إلا أن المؤسسة مازلت قلقة بحيال الأمر، مشيرًا أنه خلال العام القادم سيزيد معدل ترشيح السيدات، مع مراعاة الاختلافات العرقية والجغرافية.
من ناحيتها شملت توقعات مؤسسة «تومسون رويتروز» التسعة، 2 من العالمات الإناث في كل من مجالي الفيزياء، والكيمياء، كل ما علينا أن نفعله الآن هو أن ننتظر، ربما بالكثير من الحماس والترقب.