«معدتنا تستطيع هضم شفرة حلاقة» حقيقة أم خرافة؟

«معدتنا تستطيع هضم شفرة حلاقة» حقيقة أم خرافة؟

من حين لآخر نرى على شاشات التلفاز ما يقدم عليه البعض من أمور غريبة كتناول الزجاج أو البلاستيك والمعادن، وربما أيضًا لاحظت كيف يخرج مجرمي الأفلام شفرة الحلاقة المخبأة بأفواههم لمجابهة المواقف الخطرة! لكن ابتلاع شفرة حلاقة؟ هل تظن حقًا أن معدتنا البريئة قادرة على هضم وإذابة شفرة حلاقة؟ هل من الممكن لأحدهم العيش بعد ابتلاع إحداها؟

شاع لسنوات طويلة أن "معدتنا تستطيع أن تهضم شفرة الحلاقة"، تحديدًا منذ عام 1997 بعد نشر نتائج دراسة مثيرة بدورية Pubmed، والتي خلصت إلى أن حمض الهيدروكلوريك الذي تفرزه معدة الإنسان قوي جدًا لدرجة مكنته من إذابة شفرة الحلاقة. لكن هل نستنتج من ذلك أننا قادرون على ابتلاع شفرات الحلاقة لأن معدتنا ستهضمه اعتمادًا على قوة الحمض؟ ربما تخبرنا كواليس وظروف التجربة رأي آخر..  

كواليس التجربة

في محاولة استكشاف قوة حمض الهيدروكلوريك، وما إذا كان بإمكانه هضم بعض الأغراض المعدنية -من بينها شفرة حلاقة- أم لا؟ قام العلماء بتهيئة بيئة مشابهة لبيئة معدة الإنسان، من درجة الحرارة والضغط.. إلخ؛ ثم وضعوا شفرة الحلاقة في حمض هيدروكلوريك بنفس تركيزه داخل معدتنا لمدة 24 ساعة. 

( _____ ) تشير إلى عدم وجود أي تغيير

والنتيجة؟ وُجد أن شفرة الحلاقة أصبحت هشة جدًا وسهلة الكسر، كما أنها فقدت حوالي 37 % من كتلتها الأصلية - ومن هنا هرعنا للاستنتاج "معدتنا تستطيع هضم شفرة الحلاقة" وانطلقت شرارة الإشاعة، لكن دعني أخبرك بالأدلة المنطقية أنها بالفعل مجرد إشاعة، والحقيقة أن معدتنا "لا تستطيع هضم شفرة حلاقة أبدًا".

إذن لماذا لا نستطيع هضم شفرة الحلاقة؟ 

أولًا: رغم أن الأس الهيدروجيني لحمض الهيدروكلوريك في المعدة حوالي 1 - 2 (وهو تركيز قوي جدًا)، إلا أن المعدة لا تفرز حمض الهيدروكلوريك بشكل منفرد، وإنما يُفرز ومعه العديد من المواد الأخرى والإنزيمات التي تشترك معًا في عملية هضم الطعام.

اقرأ أيضاً:  جولة إلى مصر القديمة؛ الطب عند الفراعنة

ثانيًا: في التجربة غُمست الشفرة في الحمض لمدة 24 ساعة، وفي الواقع لا يبقى الأكل في المعدة لكل هذه المدة، بل أن المعدة تفرغ محتوياتها في الأمعاء تقريبًا كل 4 - 6 ساعات على الأكثر، والأمعاء لا تحتوي على هذا الحمض، لذا لن يستطيع الحمض إذابة الشفرة ضمن الوقت المُحدد.

ثالثًا: بعد 24 ساعة من وجود الحمض مع الشفرة لم يذيبها بالكامل، بل فقط أذاب حوالي 37 % من كتلتها، فهذا يدل على احتياجنا لوقت أطول لإذابة كل كتلة الشفرة.

رابعًا: في الواقع تناولك لشفرة حلاقة سيكون سبب وفاتك، لأن الشفرة سوف تؤذي وتدمر كل خلية تمر بها بدايةً من فمك وصولًا إلى معدتك. فالطعام لا يُقذف مباشرةً للمعدة بل يمر بفم وبلعوم ومرئ. 

خامسًا: في نفس التجربة لم يستطع الحمض أن يؤثر على العملات المعدنية في نفس الفترة الزمنية، وهذا يدل على أن قلة سمك الشفرة وخفتها قد لعبا دورًا في قدرة الحمض على إذابة الشفرة.

سادسًا: لا يمكن المخاطرة بحياة إنسان وتعريضه لتجربة ابتلاع شفرة حلاقة لندرس تأثير الحمض عليها، لذا اضطر العلماء لإجراء هذه التجربة  معمليًا، ومن حينها إلى الآن لم تجرؤ دراسة تجربتها على أرض الواقع قط. 

أخيرًا، نحن لسنا خارقين، أجسامنا ليست قوية جدًا كما نظن، بل إننا ضعاف مقارنةً بالعديد من الكائنات من حولنا، لكننا سيطرنا على هذا الكوكب بكل الكائنات الحية الأقوى الموجودة عليه، فتذكر أن سيطرتنا وهيمنتنا ليست بسبب قوة أجسامنا بل بسبب قوة عقولنا.

شاهد أيضاً التلاعب بالعقول.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share