التريهالوز - علاج سرطان الثدي

التريهالوز.. أمل جديد في علاج سرطان الثدى

يُعد السرطان السبب الرئيسي الثاني للوفاة في جميع أنحاء العالم، والذي يتصف بالانقسامات العشوائية للخلايا وقدرة هذه الخلايا على مهاجمة الأنسجة الأخرى، مما يؤدى إلى تكوين كتلة الورم وانتشار السرطان إلى باقى أجزاء الجسم.

هناك العديد من أنواع السرطانات كسرطان القولون والمعدة والثدي والبروستاتا إلخ، وفي الآونة الأخيرة يُعد العلاج الكيميائي هو العلاج الرئيسي لكل هذه الأنواع إلى جانب بعض العلاجات الأخرى كالجراحة باستئصال الورم والعلاج الإشعاعي أيضًا. وكما يوجد أنواع مختلفة من السرطان، يوجد أيضًا أنواع عديدة من العلاجات الكيميائية. 

من مميزات العلاج الكيميائي أنه يحفز موت خلايا الأورام عندما يُعطى بجرعات عالية، إلا أنه يؤدي في الوقت ذاته إلى كثير من الآثار الجانبية مثل موت الخلايا الطبيعية المتكاثرة في الجسم كالشعر ونخاع العظام؛ مما يشكل خطورة على حياة المريض. 

لذا، من المثير للاهتمام اكتشاف دواء يقلل من الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي، وبالطبع ألا يسبب آثار جانبية، أي مركب طبيعي، ومن هذه المركبات الطبيعية مركب التريهالوز.

فما هو مركب التريهالوز وما خصائصه؟

مركب التريهالوز هو مركب ثابت ثنائي الجلوكوز، يوجد في العديد من النباتات مثل نبات عباد الشمس والفطريات مثل الخميرة وعيش الغراب وأنواع عدة من البكتريا. يمتلك التريهالوز القدرة على حماية الخلايا ضد المؤثرات الخارجية كالجفاف والبرودة والحرارة والأكسدة، وذلك من خلال المحافظة على بروتينات الخلية. كما أن له القدرة على منع الالتهابات الناتجة عن السموم الداخلية والخارجية في خلايا الجسم من خلال تثبيط انحلال البروتين في الخلايا البكتيرية وخلايا جسم الإنسان كذلك. 

يستطيع التريهالوز الحفاظ على أجنة الحيوانات في النيتروجين السائل ويزيد حيوية خلايا الثدييات المُنتجة للأنسولين. والجدير بالذكر أن التريهالوز له وظائف علاجية للعديد من الأمراض المُتعلقة بالجهاز العصبي مثل الزهايمر والخرف الجبهي الصدغي والشلل التدريجي الفوق نووي، وترجح دراسة علمية حديثة أن التريهالوز يُستخدم أيضًا كعلاج للعديد من أمراض القلب.

تأثير التريهالوز على الأكسدة والموت المُبرمج للخلايا والالتهام الذاتى

يقلل التريهالوز من الإجهاد التأكسدي للخلية عن طريق ارتباطه بالغشاء الخلوي وبالتالي إمكانية أن كبح أكسدة الأحماض الدهنية غير المُشبعة في أغشية الخلايا وأوضحت دراسة أيضًا أنه يزيد من الخلايا المناعية في الجسم.

البلعمة أو الالتهام الذاتى للخلايا: هو عملية تقوم فيها الخلايا بتحليل محتواياتها، في حالات نقص الغذاء، حيث تقوم الخلية بإعادة تدوير محتوياتها وتخليق محتويات جديدة بها عن طريق تنشيط الجينات المسؤولة. لذلك تهتم معظم أبحاث السرطان بإيجاد أدوية تقلل من الالتهام الذاتي للخلايا السرطانية مع زيادته في الخلايا الطبيعية.

يحفز التريهالوز البلعمة الذاتية للخلايا التي تقوم بالتجديد الذاتي لنفسها عن طريق إعادة تدوير المكونات التالفة داخل الخلية، وذلك لحماية الخلايا المختلفة من الظروف الضارة مثل الجفاف وارتفاع الحرارة والتبريد والأكسدة، وقد أثبتت الأبحاث أنه تحفيزه للبلعمة الذاتية للخلايا يكون من خلال  قدرته على تنشيط جينات البلعمة الذاتية مثل Atg5 و LC3-II وبالتالي يمكن استخدامه كعلاج لمختلف الأمراض، كما أثبتت دراسة أخرى أنه يقلل من نشاط خلايا الأورام عن طريق تنشيط موت الخلايا المُبرمج.

الموت المبرمج للخلايا: يحدث للخلية كاستجابة لعوامل داخلية أو خارجية من خلال تنشيط إنزيمات لتحلل المادة الوراثية وبروتينات الخلايا، وهو يتم بشكل طبيعي لإزالة الخلايا الضارة  الغير مرغوب فيها في الجسم أو نتيجة لمرض معين من خلال تنشيط الجينات المسؤولة. لذا، تهتم معظم أبحاث السرطان بإيجاد أدوية تزيد من الموت المبرمج للخلايا السرطانية مع الحفاظ على الخلايا الطبيعية.

تأثير التريهالوز على الخلايا السرطانية

على الرغم من أن التريهالوز له تأثيرات تحافظ بشكل كبير على حيوية الخلايا الخلوية، إلا أن هناك عدد من الأبحاث العلمية التي فحصت آثار التريهالوز على نمو خلايا الورم، وأثبتت إمكانية قتله للخلايا السرطانية في خنزير غينيا والفئران، وكذلك خلايا السرطان البشرية مثل الخلايا الكبدية وخلايا سرطان القولون وسرطان المعدة. 

اقرأ أيضاً:  نوبل الكيمياء 2021: لمن أبدعا في تطوير المحفزات العضوية

يمكن اعتبار التريهالوز دواء جديد مضاد للسرطان يمكن استخدامه بأمان وفعالية لعلاج أورام خبيثة فى الجسم، لكن الوضع الدقيق لهذا التأثير المضاد للسرطان لم يتم توضيحه بعد، على الرغم من ذلك  أظهرت دراسة سابقة أن التريهالوز يمكن أن يسبب موت خلايا سرطان الجلد الخبيث عن طريق تحفيز موت الخلايا المُبرمج. كما أنه قد يؤدي إلى البلعمة الذاتية في العديد من الخلايا السرطانية.

التريهالوز في علاج سرطان الثدي

أثبتت دراسة أجرتها مجموعتنا البحثية مؤخرًا أن مركب التريهالوز يمكن أن يزيد من قابلية تعرض الورم للعلاج الكيميائى "الميثوتريكسات" في الفئران التي تحمل سرطان الثدى من خلال تحريض موت الخلايا المُبرمج والإجهاد التأكسدي، وتثبيط الالتهام الذاتي في الخلايا السرطانية وهذا الاختلاف في كون التريهالوز يزيد أو يقلل من البلعمة الذاتية للخلايا السرطانية يرجع إلى نوع السرطان ومرحلته.

الخلاصة

يمكن استخدام التريهالوز كدواء آمن لعلاج العديد من الأمراض بما في ذلك السرطانات، ويختلف أسلوب عمله على حسب نوع الأنسجة والخلايا؛ ففي الخلايا الطبيعية نجده يقلل موت الخلايا المُبرمج ويعمل على الحد من الإجهاد التأكسدي، بينما في أمراض أخرى "غير السرطان"  يكون كعامل مثبط للموت المُبرمج للخلايا ويعمل كمضاد للأكسدة ومحفز للبلعمة الذاتية. 

على النقيض من ذلك، فإنه في الخلايا السرطانية يعمل على تثبيط نمو وتجديد الخلايا السرطانية عن طريق تثبيط البلعمة الذاتية وزيادة الموت المُبرمج للخلايا المسرطنة، وتعتمد النتائج على نوع الورم ومرحلته. 

وأخيرًا،

هناك حاجة إلى مزيد من الابحاث العلمية المعملية والسريرية للإشارة إلى الآلية الفعالة لعمل التريهالوز عند استخدامها لعلاج أنواع مختلفة من الأورام. من المفيد أيضًا الجمع بين التريهالوز وعلاج كيميائي آخر والتحقق مما إذا كان يمكن أن يزيد من إمكاناته المضادة للسرطان ويقلل من آثاره الجانبية كما فعل من خلال دراستنا له على سرطان الثدى

6 comments
اترك رداً على د افراح فتحى سلامه إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share