في الثامن من يناير عام 2015 ، فوجيء المجتمع العلمي بدراسة نُشرت على موقع eLife تؤكد قدرة الحبار على تعديل تعليمات الحمض النووي الرسول R.N.A الخاصة به إلى درجة استثنائية تمكنه من التحكم في نوع البروتينات المُنتجة داخل جهازه العصبي، والمثير الذي نحن بصدده اليوم، والذي يؤكد أن الحبار يعيد كتابة علم الجينات، هو دراسة حديثة _ قام بها الباحث جوشوا روزنتال أحد المشاركين في دراسة عام 2015، توضح أن تلك التعديلات الجينية ليست قاصرة على أنوية الخلايا العصبية بل تمتد إلى داخل المحاور العصبية للخلايا. اكتشاف يهز عقيدتنا حول الجينات!
المحاور العصبية: هي تلك الخيوط الطويلة النحيلة التي تنقل النبضات الكهربائية إلى الخلايا العصبية الأخرى.
اشترك في الدراسة كل من جوشوا روزنتال مع إيزابيل سي فاليسيلو من مختبر الأحياء البحرية (MBL) في وودز هول، وتم نشرها هذا الأسبوع في دورية Nucleic Acids Research؛ لتهز بعنف "العقيدة المركزية" للبيولوجيا الجزيئية، التي تنص على أن المعلومات الجينية تنتقل بأمانة من DNA إلى RNA الرسول ثم إلى سيتوبلازم الخلية ليتم تجميع البروتينات في عضيات متخصصة "الريبوسومات".
يقول روزنتال المؤلف الرئيسي للدراسة الحالية "من خلال الدراسة السابقة توصلنا إلى اعتقاد مفاده أن عمليات تحرير الحمض النووي الريبي تحدث في في النواة، ويليها عملية انتقال الحمض النووي الريبي المُعدل إلى سيتوبلازم الخلية، لكن النتائج المبهرة لدراستنا الحالية تظهر أن الحبار يمكنه أيضًا تعديل الحمض النووي الريبي في محيط الخلية" نحن الآن بصدد الحديث عن كائن يمكنه نظريًا على الأقل تعديل وظيفة البروتين تبعًا لمتطلبات للخلية.
تلك القدرة الفريدة للحبار تمنحه الكثير من الفرص لتصميم المعلومات الوراثية، ولا يتوقف البحث الجديد عن منحنا المزيد من الإثارة! فمن خلال النتائج التي توصل إليها الباحثون، فنحن الآن متأكدون من أن عملية تحرير الحمض النووي الريبي الرسولي في محور الخلية العصبية تحدث بمعدلات أعلى كثيرًا مما يحدث في النواة.
أمل جديد للبشر؛ فهناك العديد من الاضطرابات العصبية التي يُصاب بها الإنسان نتيجة اختلال وظائف محاور الخلايا العصبية، وربما تساهم نتائج الدراسة التي عرضناها اليوم في تسريع جهود شركات التكنولوجيا الحيوية في سعيها نحو تسخير عملية تحرير الحمض النووي الريبي الطبيعي وتطبيقها على البشر وحينها نسعد جميعا بأن الحبار يعيد كتابة علم الجينات.