يبدو أنه وقت الفيزياء الفلكية؛ فقد كانت جائزة نوبل الفيزياء 2019 من نصيب ثلاثة علماء لاسهاماتهم الثورية التي ساعدتنا على فهم تاريخ نشأة وتطور الكون، ومكان الأرض فيه. 🌏
حيث حصل جيمس بيبلز على نصف الجائزة عن اكتشافاته النظرية في الفيزياء الفلكية، بينما تشارك كل من (ميشيل مايور - ديدييه كيلوز) الذين نصف الجائزة الآخر لاكتشافهم كوكب يدور حول نجم شبيه بالشمس خارج المجموعة الشمسية، إلى جانب اكتشاف حوالي 4 آلاف من الكواكب الأخرى غير الشبيهة بنظامنا الشمسي؛ الأمر الذي ساعد على إفهامنا المزيد عن نشأة الكواكب.
اكتشافات بيبلز
في بدايته، كان يمكن تشبيه الكون بكتلة ساخنة شديدة الكثافة، استغرقه الأمر حوالي 400 ألف سنة حتى يبرد ويتمدد إلى غاز شفاف يسمح بانتقال الفوتونات الضوئية في الفضاء بحرية. تلك الأشعاعات الأولي لازالت تجوب الكون إلى الآن ولكن تمدد الكون فيما بعد أدى إلى تمدد موجات الضوء المرئي معه إلى أن انتهى بها المطاف كموجات ميكروويف ذات تردد لا يتعدى بضعة ملليميترات. وهذا النوع تحديدًا من الأشعاعات هو ما ترتكز عليه أبحاث بيبلز في الفيزياء الكونية.
عالما الفضاء الراديوي الأمريكيين آرنو بنزياس وروبرت ويلسون استطاعا رصد ما أسموه ضوضاء كونية بالصدفة أثناء عملهما، وفي ضوء أعمال بيبلز قاموا بتفسير هذه الموجات وتمكنا من الفوز بجائزة نوبل عام 1978. الآن وبعد ١٤ مليار عام وصلت درجة حرارة الكون إلى صفر سيليزيوس تقريبًا وهنا بالتحديد يأتي إبداع بيبلز، حيث استخدم درجة حرارة تلك الإشعاعات في حساب كمية المادة التي تكونت خلال البيج بانج واستطاع من خلالها أيضًا تفسير كيف أمكن لها التكتل فيما بعد لتكوين المجرات.
وبهذا فقد ساعدتنا أبحاث بيبلز في تفسير تلك الإشعاعات الأحفورية _ إن صحت لنا التسمية_ وتفسير نشأة المادة والكون، ولكنه لم يكن وحده من ينصت إلى الكون.
اكتشافات مايور وكيلوز
حسنًا، قصتنا تبدأ في زمن ليس ببعيد.. عام 1995 وبالتحديد في فلورنسا - مؤتمر لعلوم الفضاء حين أعلن ميشيل مايور وديديه كيلوز عن اكتشافهم كوكب بيجاسي B51، لكن الأمر الجديد حول هذا الكوكب أنه أول كوكب مرتبط بنظام نجمي شبيه بالمجموعة الشمسية نكتشفه خارج المجموعة الشمسية.
نعم مثلنا، لكن هناك اختلافات عديدة أهمها أن درجة حرارته تصل إلى 1000 درجة سيليزية وهذا بالنسبة لنا غير مناسب للحياة على الأطلاق، كما أنه كوكب غازي كبير الحجم جدًا - حتى أنه أكبر من المشترى الذي بدوره يبلغ 1300 مرة حجم الأرض و300 مرة ضعف وزنها.
تبلغ المسافة بين كوكب بيجاسي والنجم المُضيف له 8 مليون كيلومتر فقط ويكمل دورة كاملة حول النجم التابع له في غضون 4 أيام أرضية.
إبداع مايور وكيلوز في أنهما اكتشفا أول كوكب ذو مدار محدد مرتبط بنجم شبيه بالشمس نعرفه، أما الآن لدينا حوالي 4000 كوكب من هذا النوع؛ فقد سار العلماء علي نهج مايور وكيلوز للإجابة على أحد أهم الاسئلة التي أنتجتها الحضارة البشرية "هل توجد حياة خارج الأرض، وأين يمكن أن تكون؟
لقد وضعا الطريق أمام الحضارة البشرية للإجابة على هذا السؤال، بعد أن أخبرونا بالضبط كيف وأين نبحث عن حيوات جديدة.