هل يلزم اتباع حمية غذائية خاصة بعد فقدان الوزن؟

تشير الإحصاءات إلى أن 20% فقط من متبعي الحميات الغذائية لإنقاص الوزن هم الذين ينجحون في الحفاظ على تلك النتيجة لفترات طويلة بعد فقدان الوزن الزائد. تكون النظم الغذائية المعنية بإنقاص الوزن في أغلب الأحيان تقييدية وغير واقعية، الأمر الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى استعادة الوزن خلال مدة قصيرة من فقدانه. 

ومع ذلك، فهناك العديد من التغييرات البسيطة التي يمكن إدخالها على العادات الشخصية، بجانب الالتزام بحمية غذائية خاصة، لتصبح رحلة الحفاظ على الوزن رحلة صحية لا تحتاج الكثير من الجهد، سوى في البدء بدمج تلك العادات البسيطة في النظام اليومي.

لماذا نكتسب الوزن مجددًا بعد فقدانه؟

هناك العديد من الأسباب التي قد تجعل الفرد يستعيد الوزن بعد فقدانه، حيث ترتبط معظم هذه الأسباب بمشاعر الحرمان التي قد تتولد لدى الفرد بعد فترة من اتباعه حمية غذائية قاسية لإنقاص الوزن، ولعل أبرز هذه الأسباب:

  • الحميات المقيدة

 قد يؤدي التقييد المفرط للسعرات الحرارية إلى إبطاء عملية الأيض (التمثيل الغذائي) واختلال توازن الهرمونات المنظمة للشهية، مثل هرمون (اللبتين) وهرمون (الجريلين)، ما يساهم في استعادة الوزن بشكل ملحوظ لاحقًا. 

  • طريقة التفكير المغلوطة

يعتقد بعض متبعي الحميات الغذائية لإنقاص الوزن أن الأمر مؤقت، وأنه ينتهي بمجرد الوصول للوزن المرغوب، ويغفلون حقيقة أن الأمر يحتاج إلى المثابرة والالتزام على المدى الطويل؛ لتحقيق المنافع المرجوّة للحفاظ على الصحة العامة للجسم.

  • الافتقار إلى العادات الصحية

 تستند معظم الحميات الغذائية على الإرادة القوية، وهو أمر جيد إلى حد بعيد، لكنه يفتقر إلى تكوين العادات التي يمكن دمجها بسهولة في الحياة اليومية. فأغلب الأفراد يستطيعون بدء حمية غذائية قاسية لإنقاص الوزن، لكن الأقلية هم من يستطيعون الالتزام بها لفترة مجدية وتحويل تلك القواعد الصارمة إلى عادات بسيطة يمكن دمجها في اليوم العادي.

9 طرق تساعدك في الحفاظ على وزنك

ممارسة الرياضة وتوازن الطاقة

إن ممارسة التمارين الرياضية هي أكثر الطرق فاعلية في الحفاظ على الوزن، خاصةً إذا اقترنت بتغييرات النظام الغذائي الصحية. فوفقًا لدراسة نُشرت عام 2015 في دورية (Obesity)، فإن ممارسة الرياضة بشكل دوري تعمل على حرق المزيد من السعرات الحرارية وزيادة معدل التمثيل الغذائي، الأمر الذي يحقق (توازن الطاقة)، وهي الحالة التي يحرق فيها الجسم نفس عدد السعرات الحرارية التي يتناولها الفرد، وبذلك يستطيع الحفاظ على وزنه ثابتًا نسبيًا.

كما تشير الدراسات إلى دور ممارسة الرياضة فيما لا يقل عن 200 دقيقة أسبوعيًا، ما يعادل 30 دقيقة يوميًا، للحفاظ على الوزن. حتى إن بعض الدراسات الأخرى تشير إلى احتياج بعض الأفراد لأكثر من نصف ساعة يوميًا؛ حيث خلصت إلى أن ساعة يومية من النشاط البدني هي المدة الأمثل لأولئك الذين يحاولون الحفاظ على وزنهم على المدى البعيد. 

بالطبع اتباع حميات غذائية يوصلك إلى أهدافك في الحصول على الوزن المناسب، لكن في أثناء تلك الرحلة، قد تحدث بعض التغيرات التي قد تساهم في اكتسابك للوزن الذي فقدته بعد مدة قصيرة، ولعل أبرز تلك التغيرات هي انخفاض إجمالي كتلة العضلات بالجسم. إن انخفاض كتلة العضلات يؤدي إلى بطء عملية الأيض، ما يعني الحد من عدد السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم خلال اليوم.

تُظهر الدراسة التي نُشرت في المجلة الدولية للتغذية السلوكية والنشاط البدني، أن أولئك الذين يمارسون تمارين المقاومة، مثل رفع الأثقال، حققوا نتائج أفضل في الحفاظ على الوزن من خلال الحفاظ على كتلة العضلات، لكن ذلك لا يتعارض مع التأثير الإيجابي للتمارين الهوائية في الحفاظ على الوزن، فالأفضل هو تحقيق التوازن بين أنواع التمارين المختلفة ومزجها معًا لتحقيق أفضل نتائج في الحفاظ على الوزن والصحة عمومًا.

حقيقة أهمية تناول وجبة الإفطار

إن تناول وجبة الإفطار يوميًا أحد أكثر السلوكيات شيوعًا في الأفراد الذين ينجحون في الحفاظ على وزنهم، حيث أشارت الدراسة التي نُشرت في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية (AJCN) أن 78% من إجمالي 2959 شخص من الذين خاضوا الدراسة واستطاعوا الحفاظ على وزنهم لأكثر من سنة بعد فقدان أكثر من 14 كيلوجرام، كانوا يلتزمون بتناول وجبة الإفطار يوميًا على مدار تلك السنة. ما يعني أن وجبة الإفطار قد تمثل عاملًا رئيسيًا في تحقيق ذلك النجاح. 

اقرأ أيضاً:  اللقاحات لن تقتلك، ولكن الفيروس قد يفعل

كما تشير الدراسات إلى أن معظم الذين يلتزمون بتناول الإفطار يوميًا، يتبعون الكثير من العادات الصحية في الإجمال، كممارسة الرياضة وتناول الأغذية التي تحتوي على الألياف والمغذيات الدقيقة، مثل المعادن والفيتامينات. 

وفي حين تشير معظم الدراسات إلى أهمية تناول وجبة الإفطار للحفاظ على الوزن الصحي، إلّا أن بعض الدراسات الأخرى -على عكس ما نعتقد- خلصت إلى أنه ليس هناك صلة مباشرة بين عدم تناول وجبة الإفطار واكتساب الوزن. 

حتى إن الدراسة التي نشرتها دورية (فروتيرز) في الصحة العامة، أشارت إلى أن تخطي وجبة الإفطار قد يساعد بعض الأفراد في تحقيق أهدافهم المتعلقة بالحفاظ على الوزن، كما ألقت الضوء على الفوائد الصحية المحتملة لتخطي وجبة الإفطار التي تشبه فوائد الصيام المتقطع المعروفة بالحد من الشهية وخفض الاستهلاك اليومي للفرد من السعرات الحرارية.

نادرًا ما يُنظر لتناول وجبة الإفطار من هذا المنطلق، لكن هذا يشير إلى اختلاف تأثير تلك الوجبة باختلاف طبيعة كل فرد. لذا، فالأمر يعتمد على التجربة الشخصية، فإذا لاحظت أن التناول اليومي لوجبة الإفطار يساعدك في التمسك بتحقيق أهدافك المتعلقة بالحفاظ على الوزن، فعليك -بالتأكيد- الاستمرار في ذلك. أما إذا كنت لا تحبذ تناول وجبة الإفطار أو إذا شعرت أنها لا تساعد في الحفاظ على وزنك، فليس هناك ما يثبت ضررًا من تخطي تلك الوجبة.

تأثير تناول البروتينات في الحفاظ على الوزن

إن إضافة المزيد من البروتين للنظام الغذائي اليومي يساعد في الحفاظ على الوزن، عن طريق الحد من الشهية وتعزيز الإحساس بالشبع. تشير الدراسات إلى أن التأثيرات الإيجابية لتناول البروتينات تظهر واضحةً عندما يمثل البروتين 15-30% من إجمالي السعرات الحرارية التي يتناولها الفرد في نظامه الغذائي اليومي.

 يعمل البروتين على رفع مستويات هرمونات الشبع مثل هرمون (اللبتين)، كما يعمل على خفض مستوى الهرمونات التي تثير الشعور بالجوع عند الإنسان، مثل هرمون (الجريلين)، ما يعني أن البروتينات تعمل على خفض عدد السعرات الحرارية التي يستهلكها الفرد يوميًا، الأمر الذي يمثل عاملًا مهمًا في الحفاظ على الوزن. فضلًا على ذلك، تتطلب البروتينات كميات كبيرة من الطاقة لهضمها، ما يعني أن تناولها بانتظام يرفع عدد السعرات الحرارية التي تحرقها أجسادنا خلال اليوم.

تأثير النوم في الحفاظ على الوزن

يؤثر عدد ساعات النوم وجودته في التحكم بالوزن بشكل كبير، حيث تشير الدراسات إلى أن قلة عدد ساعات النوم يمثل عاملًا رئيسيًا لزيادة الوزن خاصًة في الشباب. يرجع ذلك إلى حقيقة تأثير النوم على مستويات الهرمونات المتحكمة في شهية الفرد؛ (اللبتين) و(الجريلين). زيادةً على ذلك، فإن الأفراد الذين ينامون لساعات أقل من المطلوب يكونون منهكين خلال اليوم، ما يجعلهم أقل حماسةً لممارسة الأنشطة الرياضية واتخاذ القرارات الغذائية الصحية بشأن الحفاظ على وزنهم. ووفقًا للدراسة التي نشرتها دورية (Sleep)، فإن النوم ليلًا لسبع ساعات في الأقل، يساهم بشكل فعّال في التحكم بالوزن والحفاظ على الصحة العامة.  

الانتكاسات ليست فشلًا!

في رحلة الحفاظ على الوزن، لا مفر من حدوث بعض الانتكاسات التي قد تستسلم فيها شهيتك لأغذية غير صحية، أو تضعف إرادتك لتجعلك تتخطى بعض أيام التمارين، ما يدخلك في تلك الدائرة المفرغة التي تجعلك تشعر بالفشل. إن حدوث الزلات العارضة في رحلة الحفاظ على الوزن أمر طبيعي، لا ينبغي أن يجعلك ترمي بأهدافك عرض الحائط. فلا تستسلم لتلك الزلات وامضِ قدمًا في الالتزام بالخيارات الأفضل التي تمكنك من الحفاظ على وزنك وصحتك العامة. 

أخيرًا، فإن سر الحفاظ على الوزن يكمن في المثابرة في اتباع العادات الصحية التي قد تكون شاقة في البداية، لكنك تعتادها مع مرور الوقت لتصبح نمطًا صحيًا لحياتك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share