أبورتيونيتي, فضاء, ناسا, مركبة فضائية

وفاة المسبار «أبورتيونيتي» على سطح المريخ

بحلول منتصف العام الماضي، ضربت عاصفة ترابية شديدة كوكب المريخ بأكمله. ولعدة شهور غطت الأتربة سماء الكوكب الأحمر مما منع وصول أشعة الشمس للسطح، كما اختفت التضاريس من صور الأقمار الصناعية التي تدور حول الكوكب نتيجة هذه العاصفة القوية.

وفي تلك الفترة، وبالتحديد يوم العاشر من يونيو، انقطع الاتصال عن مسبار «أبورتيونيتي - Opportunity»، أطول مركبة في تاريخ الاستكشاف الفضائي تعيش على كوكب آخر.

ولمدة 8 أشهر، قام الفريق المسؤول عن المهمة بمختبر الدفع النفاث بمحاولات عديدة لاسترجاع الاتصال بعد ذهاب العاصفة، آملين أن يرجع المسبار للعمل بعد أن تتعرض ألواحه الشمسية للضوء من جديد، ولكن دون جدوى. حتى أعلنت وكالة ناسا يوم الأربعاء 13 فبراير/شباط 2019 عن إنتهاء المهمة التي دامت لأكثر من 14 عام.

تاريخ من الاكتشافات

هبط مسبار أبورتيونيتي وقرينه «سبيريت» بنجاح في عام 2004 على المريخ بهدف معرفة إن كان الكوكب الأحمر صالحًا للحياة في الماضي. كان من المخطط لهم العمل لثلاثة شهور فقط، ولكن كلاهما تخطيا المدة المتوقعة، ليصل سبيريت إلى 6 سنوات قطع فيها مسافة 8 كيلومترات بينما عمل أبورتيونيتي لأكثر من 5000 يوم، وقطع فيها أكثر من 45 كيلومتر.

قدمت لنا مهمة ابورتيونيتي رؤية قوية عن ماضي الكوكب. فبينما يشتهر المريخ اليوم بمناخه شديد البرودة وأرضه الجافة الصحراوية، أظهرت الدراسات التي قام بها المسبار أن مناخ الكوكب سابقًا كان دافئًا ورطبًا، بل و عثرت على دلائل قوية على ماضي مليء بالمياه.

مع أولى أيام المهمة بعد الهبوط مباشرة في فواهة النسر، استطاع المسبار دراسة صخور رسوبية تشكلت في مسطحات مائية من مليارات السنين. ومع أن هذه المياه كانت حمضية وشديدة الملوحة، إلا أن الاكتشاف كان بمثابة انطلاقة بارزة لوكالة ناسا بعد سلسلة المهام الفاشلة في 1999.

اقرأ أيضاً:  لماذا يتغير صوتنا عند استنشاق غاز الهيليوم؟

واستطاع المسبار فيما بعد اكتشاف معادن طينية في فوهة «أنديورنس»، ومنه توصل العلماء إلى أن المياه الصالحة للحياة كانت متوفرة على الكوكب الأحمر. فقد ساعدنا مسبار ابورتيونيتي على التعرف على ماضي المريخ الغامض، وأضاف إلينا معرفة مكنتنا من تطوير المهمات المستقبلية للكوكب.

كما أظهر لنا هذا المسبار الذي لا يتعدى حجمه عربة الجولف، كيف أنه من الممكن للبشر بناء وإرسال مهمات أكبر وأعقد عن ذي قبل للكوكب الأحمر.

والآن، يقبع المسبار وحيدًا على سطح المريخ، لا يتحرك وغير متصل برفاقه في وحدة التحكم على الأرض. وسيبقى على هذه الحالة حتى تغطيه العواصف بالأتربة وتمحي الرياح آثار عجلاته التي عبر بها فواهات ووديان المريخ، ولن يبقى منه إلا إرث يحثنا على المضي قدمًا في الاستكشاف والبحث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share