بلوتو, كوكب قزم, كوكب بلوتو, المجموعة الشمسية

هل يعود «بلوتو» إلى قائمة الكواكب؟

مر 88 عام على اكتشاف بلوتو لأول مرة، إلا أن المجتمع العلمي لايزال في جدل حول ماهية الكوكب المتجمد، هل يجب علينا تصنيفه مثل بقية الكواكب الأساسية الثمانية أم خفض رتبته لكوكب قزم؟

صُنف بلوتو على أنه كوكب مع بداية اكتشافه، إلا أنه خسر صفته كـ «كوكب» حقيقي وصُنف قزمًا، بعد اجتماع حضره أكثر من 2500 عالم فلك على كوكب الأرض عام 2006، لينتهي بتصويت الأغلبية على طرد الكوكب البعيد من قائمة كواكب المجموعة الشمسية، إلا أن الجدل لم ينتهي بعد. فقبل أيام نُشرت دراسة حديثة في دورية «Icarus»، تنتقد القرار المسبق الاتفاق عليه، وتدعوا إلى إعادة صفة «كوكب حقيقي» إلى بلوتو.

مؤهلات كوكب حقيقي

بدأت رحلة اكتشاف بلوتو عام 1906، عندما قرر رجل الأعمال وعالم الفلك الأمريكي «بيرسفال لويل» إطلاق مشروع البحث عن «الكوكب التاسع». توفي لويل عام 1916 بدون الوصول إلى مبتغاه، رغم أن مرصده الواقع في ولاية أريزونا كان قد التقط بالفعل بعض الصور غير الواضحة للكوكب البعيد.

إلا أن المشروع لم يفشل، فبحلول عام 1929 وصل إلى مرصد «لويل» شاب صغير بطموح كبير، وهو عالم الفلك «كلايد تومبو»، الذي استطاع في غضون عام واحد تحقيق الاكتشاف، وإرسال نتائج أبحاثه عن اكتشاف «كوكب تاسع» إلى مرصد جامعة هارفارد.

احتفظ بلوتو بهذا المركز لأكثر من 70 عام إلى أن بدأ علماء الفلك بالتشكك في الأمر، بعد اكتشاف أجسام أخرى شبيهة به من حيث الحجم وشكل المدار. أشهرها هو «ايريس» الذي تم اكتشافه عام 2005، وهو جسيم فضائي أكبر من بلوتو نسبيًا، يدور في حزام الكويكبات الواقع بين مدار المريخ والمشترى.

حُسم الجدل عام 2006 من قبل «الإتحاد الدولي للفلك IAU»، حيث تم تغيير تصنيف بلوتو من كوكب حقيقي إلى تصنيف مستحدث أسموه «كوكب قزم»، ليشمل بلوتو وسايرس وغيرهما.

وكان تعليل الاتحاد أن بلوتو لا يستوف كامل الشروط -المؤهلات- التي تسمح بتصنيفه ككوكب حقيقي، والتي تشمل:

  • أن يدور في مدار حول الشمس
  • أن يكون ضخمًا كفاية لتتمكن جاذبيته من جعله يأخذ شكل شبه كروي
  • وأخيرًا  التمتع  بمدار غير متقاطع مع أي كوكب آخر، أو فيما معناه أن يكون أقوى قوة جذب في مداره.

وعلى الرغم أن بلوتو يستوف أول شرطين، إلا أن مداره المتداخل مع حزام كويبر يتقاطع مع كوكب نيبتون، وهو كوكب «حقيقي»، وبذلك أصبح بلوتو قزمًا.

اقرأ أيضاً:  أهم 10 أحداث علمية عربيًا وعالميًا في 2018

شرط قاسٍ

انتقد «فيليب متزجر» عالم الكواكب بمعهد فلوريدا للفضاء، والمؤلف الرئيسي للدراسة المنشورة بتاريخ السابع من سبتمر في دورية  «ايكاروس»، الشرط الثالث الذي اعتمد عليه الاتحاد الدولي لإقصاء بلوتو.

فبمراجعة مجمل التقارير العلمية والدراسات التي تناولت قضايا تصنيف الكواكب على مدار المائتي عام الماضية، يشير ميتزجر أنه لم يجد إلا ورقة علمية واحدة – تعود إلى عام 1802 - استخدمت ذلك الشرط في تصنيفها للكواكب، وأن تلك الدراسة القديمة استندت على استنتاج غير دقيق علميًا.

يقول ميتزغر: «إن هذا التصنيف الذي وضعه الاتحاد الدولي للفلك سيحدد الكواكب على أساس مفهوم لا يستخدمه أحد في أبحاثه»، مضيفًا «سيُستثنى بذلك ثاني أكثر الكواكب تعقيدًا وتشويقاُ في نظامنا الشمسي».

بلوتو, كوكب بلوتو, كوكب قزم, المجموعة الشمسية, ناسا
Photo credit: NASA's Marshall Space Flight Center on VisualHunt.com / CC BY-NC

وفقًا للدراسة، بدأ التقسيم الحقيقي بين الكواكب والأجرام السماوية الأخرى مثل الكويكبات في أوائل الخمسينات، عندما نشر عالم الفلك «جيرارد كويبر» ورقة بحثية أشارت إلى أن التصنيف يعتمد على كيفية تشكل الجسم وليس على شكل مداره، وهو ما يتنافى مع ما اعتمده الإتحاد الدولي للفلك في اجتماعه السادس والعشرون عام 2006.

ويعلق ميتزغر على الشرط الذي وضعه الإتحاد الدولي للفلك بأنه «تعريف غير محدد، فإن أخذناه بالمعنى الحرفي، فلن يكون هنالك كواكب، لأنه لا يوجد كوكب له مدار فارغ».

ما الحل إذا؟ ما هي أفضل طريقة لتصنيف الكواكب؟

من وجهة نظر ميتزغر، تعريف الكوكب يجب أن يستند على خصائصه الجوهرية، وليس الخصائص التي يمكن أن تتغير، مثل الديناميكا الخاصة بمداره. يقترح ميتزغر أن الكواكب يجب أن تصنف على أساس ما إذا كانت كبيرة بما فيه الكفاية بحيث تسمح جاذبيتها بأن تصبح كروية الشكل.

مضيفًا  أن بلوتو على سبيل المثال به محيط تحت الأرض، وغلاف جوي متعدد الطبقات، ومركبات عضوية، ودليل على وجود بحيرات قديمة وأقمار متعددة، إنه أكثر حيوية من المريخ، بل إنه الكوكب الوحيد الذي لديه جيولوجيا أكثر تعقيدًا بعد الأرض.

من الطريف أنه بينما يظل الجدل حول بلوتو مستمرًا، فإن الكوكب -أو الكوكب القزم- لم يكمل حتى الآن دورة كاملة حول الشمس منذ اكتشافه، والتي يتوقع أن تكتمل عام 2178. لنأمل أن ينتهي هذا الجدل قبل ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share