إدمان الهواتف الذكية

تفقد الهاتف بعد الاستيقاظ | لماذا يجب أن نبتعد عن هواتفنا؟

تستيقظ صباحًا على صوت المنبه، فتمتد يديك إلى الهاتف لتغلق الصوت، ثم تفتح الإشعارات التي وردت لهاتفك خلال ساعات نومك، فتتفقدها سريعًا، لتكتشف أنك قضيت ما يقرب من نصف ساعة ممسكًا بالهاتف، وما زلت بسريرك لم تغادره. 

من منا لا يفعل ذلك وبشكل يومي؟ اعتقد أننا جميعًا ولسبب ما، نتفقد الهاتف بعد الاستيقاظ من النوم مباشرةً، وكأننا نفعل ذلك بشكل لا واعي، فنحن لم نعد نتذكر كيف كنا نبدأ يومنا قبل انتشار الهواتف الذكية، فما الذي تغير؟ وما الذي يدفعنا لذلك؟ وكيف تؤثر علينا تلك العادة؟ 

إدمان الهواتف الذكية

إدمان الهواتف الذكية 


طبقًا لإحصائيات عام 2022، فإن عدد مستخدمي الهواتف الذكية على مستوى العالم يصل إلى 6.648 مليار مستخدم، ما يعني أن 83.7% من سكان العالم يمتلكون هاتفًا ذكيًا، حيث ازداد عدد مستخدمو الهواتف الذكية بنسبة 49.89% مقارنة بالعام 2017.

تشير هذه الزيادة في أعداد مستخدمي الهواتف الذكية على مستوى العالم، إلى الكثير من التغيرات الاجتماعية والنفسية التي أحدثتها تكنولوجيا الهواتف الذكية، حيث أصبح الهاتف جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فنحن نلعب ونذاكر ونقرأ ونتعرف إلى الآخرين ونتواصل معهم بواسطته، ليتحول الأمر من جهاز نستعمله ليسهل حياتنا، إلى جهاز ندمنه ولا نستطيع العيش بدونه. 

إدمان الهواتف الذكية

أسباب تفقد الهاتف بشكل مستمر

مؤخرًا ظهر مصطلح "النوموفوبيا - nomophobia" ليعبر عن حالة الخوف أو الهلع التي تنتاب البعض عند الابتعاد عن هاتفهم المحمول لفترة من الوقت، حيث أشارت الإحصائيات إلى أن 66% من مستخدمو الهواتف الذكية يعانون هذا النوع من الهلع، أغلبهم من فئة المراهقين والشباب. 

حتى الآن لم يستطع الخبراء تحديد أسباب بعينها للنوموفوبيا، ولكن يميل أغلبهم إلى أنها تنتج من اجتماع عدة عوامل ومنها: 

  • الخوف من العزلة: عندما يكون الهاتف هو وسيلة التواصل الوحيدة مع الأصدقاء والأهل، ما يجعل الشخص يشعر بالوحدة بدونه.
  • الخوف من فوات الشيء: حيث يشعر الكثير من الناس بأنهم إن ابتعدوا عن الهاتف ولو قليلًا، فإن حدثًا مهمًا سيفوتهم. 
  • الخوف من عدم قدرة الآخرين على التواصل: قد يبدأ الأمر بانتظار مكالمة أو رسالة مهمة، لينتهي إلى عادة يصعب التخلص منها، فيخاف البعض من ألا يكون متاحًا طوال الوقت، إذا أراد الآخرين التواصل معه. 
  • التعرض لصدمة فقدان: قد يتعرض البعض لصدمة بسبب ضياع هاتفهم في السابق، ما يجعلهم دائمي التمسك بالهاتف الجديد خوفًا من نسيانه أو سرقته دون أن يشعروا. 
  • الشعور بالقلق: قد ينتاب البعض شعورًا بالقلق إذا ابتعدوا عن الهاتف، فيزداد حرصهم على تفقد الهاتف في كل الأوقات. 

تأثير تفقد الهاتف بعد الاستيقاظ على المخ

يتكون المخ البشري من ملايين الخلايا العصبية التي تتواصل فيما بينها بصورة دائمة، لتتحكم في مشاعرنا وأفكارنا بل وبعض سلوكياتنا أيضًا.  ينشأ عن تواصل هذه الخلايا المستمر نبضات كهربائية متزامنة، يستخدمها المخ في إنتاج ما يعرف بالموجات الدماغية

تمثل الموجات الدماغية طيفًا يمكن عن طريقه تحديد درجة الوعي والتركيز والدقة، وككل الموجات فإن منها ما يحمل ترددًا عاليًا ومنها ما يحمل ترددًا منخفضًا، ولكنها جميعًا تعبر عن حالتنا، حيث تتغير الموجات من وقت لآخر على مدار اليوم وفقًا لما نقوم أو نشعر به. 

عندما نشعر بالتعب أو الكسل أو النعاس، فإن الموجات البطيئة ذات التردد المنخفض تكن السائدة، كما ترتبط عادةً حالات اليقظة والنشاط بالموجات ذات الترددات الأعلى.  

عندما نستيقظ من النوم، تتحول موجات دلتا - المرتبطة بالنوم العميق-  إلى موجات ثيتا - المرتبطة بأحلام اليقظة- ليأخذ المخ وقته قبل أن يتحول إلى موجات ألفا التي تبقينا مستيقظين ولكن دون الحاجة إلى معالجة الكثير من المعلومات في هذا الوقت. 

اقرأ أيضاً:  نجوم العلوم: عقد من الإبداع العربي

حاليًا، ومع انتشار ظاهرة تفقد الهاتف بعد الاستيقاظ مباشرةً، أصبح الجسم مجبرًا على تخطي موجات ثيتا وألفا المهمة للغاية، والانتقال مباشرة من موجات دلتا لموجات بيتا، بحيث نصبح في أقصى حالات النشاط والاستيقاظ والوعي.

يؤثر تخطي موجات ثيتا في قدرة الشخص على التفكير السليم والتعلم، كما يؤثر في الذاكرة على المدى الطويل، حيث يرتبط وقت موجات ثيتا بحالة من تدفق الأفكار خارج حدود الوعي، بشكل يسمح لك بالاستفادة من قوة عقلك الباطن وقدرته على تجاوز المخاوف والمشكلات. 

إدمان الهواتف الذكية

تفقد الهاتف سببًا للتوتر ونقص التركيز

عند الانتقال مباشرة من حالة النوم العميق إلى حالة الوعي الكامل، يتأثر المخ بشكل كبير، بحيث يتشتت الانتباه منذ اللحظة الأولى بعد الاستيقاظ، نتيجة لهذا الكم من المعلومات التي يجب على المخ معالجتها وبسرعة، وغالبًا ما تستمر هذه الحالة من التشتت على مدار اليوم كله. 

ثم أن تفقد الهاتف في هذه اللحظة، يضعنا تحت طائلة التأثر بأي أخبار سلبية، كما يحفز الشعور بالتوتر والقلق، بسبب هذا الكم الهائل من التعليقات والرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني التي يجب أن ترد عليها أو تتفقدها، ما يعطيك شعورًا بأهمية هذا وبأنك فوتت شيئًا مهمًا في أثناء نومك. 

كذلك، عند تصفح مواقع التواصل الاجتماعي في بداية اليوم، فإنها تحفز الشعور بالتوتر والسخط، حيث تشعر وكأن الجميع يستمتعون بحياتهم ويقضون أوقاتًا ممتعة في أماكن جميلة، بينما أنت وحدك المضطر للذهاب إلى العمل أو الجامعة، ما يؤثر على التركيز في العمل أو الدراسة بشكل واضح. 

كذلك، لا يؤدي تفقد الهاتف بعد الاستيقاظ مباشرة إلى تشتيت الانتباه فقط، ولكن يمتد الأمر إلى فقدان القدرة على تحديد الأولويات والمهام وإنجازها في الوقت المناسب، حيث يستحوذ الهاتف عليك لباقي اليوم، فتظل في حالة متابعة مستمرة لما يحدث، فترد على هذه الرسالة وتنشر تلك الصورة وتضع إعجابًا لهذا أو ذاك، فيتشتت انتباهك وتصبح أقل تركيزًا وأقل إنتاجية. 

كيف نتخلص من هذه العادة

نعلم جميعًا أنه من الصعب في وقتنا الحالي الابتعاد عن الهاتف، ولكن مع كل هذه الدراسات والإحصائيات التي تشير إلى الكثير من المخاطر المرتبطة بإدمان الهاتف الذكي أو الإفراط في استخدامه، أصبح لازمًا علينا الابتعاد عنه قليلًا والاستمتاع بحياتنا كما كانت في السابق، قبل انتشار هذه الهواتف. 

نصائح للتخلص من عادة تفقد الهاتف بعد الاستيقاظ

  • قبل الخلود للنوم، ضع الهاتف على وضع الطيران بحيث تتجنب الإشعارات والرسائل حتى تقرر فتح هاتفك مرة أخرى. 
  • بعد الاستيقاظ، أبق مستلقيًا لعدة دقائق دون التفكير في أي شيء. 
  • استمتع بتحضير مشروبك الصباحي المفضل، واشربه وانت تنظر من النافذة.
  • انظر إلى جدول المهام اليومي وحدد أولوياتك.
  • استمع إلى بعض الموسيقى الهادئة عقب الاستيقاظ. 
  • لا تفتح رسائلك وبريدك الإلكتروني في خلال الساعة الأولى بعد الاستيقاظ. 

في النهاية، قد يكون الغرض الأساسي من استخدام الهواتف الذكية هو البقاء على اتصال مع الآخرين، ولكن لا يمكن أن ننكر أن الأمر مؤخرًا تحول إلى سلوك إدماني لدى الملايين من البشر، لذلك وجب علينا التخلي قليلًا عن بعض عاداتنا المكتسبة والرجوع إلى الوراء لننعم بحياة أفضل وأقل توترًا. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share