البطالة والجائحة,البطالة ضارة بالصحة

مقال مجاني

فقدان الوظائف بسبب كوفيد: هل تصبح سبباً للوباء القادم؟

رأي: قد تكون البطالة- حتى ولو لأشهر قليلة - ضارة بصحتك.

كونك عاطلاً عن العمل ليس سيئًا فقط لوضعك المالي، إنه مضر بصحتك. يدرك معظم الناس تأثير فقدان الوظيفة على الصحة العقلية: الاكتئاب والقلق والعزلة الاجتماعية، لكن فقدان الوظيفة يمكن أن يضر بصحة الشخص الجسدية أيضًا.

تظهر الدراسات المتواترة أن فقدان الوظيفة والبطالة - حتى لأشهر قليلة فقط - يرتبط بتراجع الصحة العامة وزيادة مخاطر الإصابة بالأمراض الجسدية، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية، والإقامة في المستشفيات للعلاج وصولاً إلى الوفاة، ويمكن أن تظل المخاطر في تصاعد لسنوات قادمة، وأحيانًا بعد عقود من عودة الناس إلى العمل.

خلال الأشهر الستة الأولى من كوفيد-19 ، قال 25 بالمائة من البالغين في الولايات المتحدة إنهم أو أحد أفراد أسرتهم فقدوا وظائفهم بسبب الوباء، ومن بينهم أفاد النصف بأنهم ما زالوا عاطلين عن العمل بعد مرور ستة أشهر.

 بصفتنا باحثين يدرسون الآثار الصحية لفقدان الوظائف والبطالة، نشعر بالقلق من أن الموجة التالية من المشاكل الصحية المرتبطة بكوفيد لن تأتي مباشرة من الوباء نفسه، أو الضغط الذي يفرضه على النظم الصحية - ولكن من تأثيره على سوق العمل.

ليس من الصعب أن تعرف لماذا يمكن أن يكون فقدان الوظيفة، متبوعًا بفترة بطالة، ضارًا بصحتك. قد تكون الأشهر الأولى بعد فقدان الوظيفة مخربة بشكل لا يصدق، مما يجهد الموارد المالية للأشخاص ونفسيتهم ويحد من تفاعلاتهم الاجتماعية، ما يقلل من الدعم الاجتماعي.

 إلى جانب فقدان الوظيفة، قد يفقد بعض الأشخاص تأمينهم الصحي، وبالتالي يتوقفون عن طلب الرعاية الطبية عند ظهور مرض. قد يلجأ البعض إلى الكحول أو المخدرات، ويأكلون بشكل سيء ويمارسون القليل من الرياضة، كما ربطت الأبحاث البطالة بأنماط النوم السيئة

لكن حتى إذا حصل شخص ما على إعانات بطالة أو حصل على وظيفة أخرى بسرعة نسبيًا، فإن المخاطر لا تختفي دائمًا ؛ تظهر بعض الأبحاث أن مجرد بضعة أشهر من البطالة قد تكون مرتبطة بصحة وعافية أسوأ على المدى الطويل. 

وجدت إحدى الدراسات كذلك أن معدلات الوفيات كانت أعلى بمرتين في العام بعد أن فقد بعض الأشخاص وظائفهم، بغض النظر عما إذا كانوا قد حصلوا على وظيفة جديدة ومتى، وظلت أعلى بنسبة 10 إلى 15 في المائة مما كان متوقعًا خلال العشرين عامًا القادمة. يرى الباحثون أنه إذا استمر هذا المعدل من المخاطر المتزايدة إلى أجل غير مسمى، فإن فقدان الوظيفة في سن  40 عاماً يمكن أن يقلل من متوسط ​​العمر المتوقع بمقدار 1 إلى 1.5 سنة. ربطت أبحاث أخرى فقدان الوظيفة بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم والتهاب المفاصل، ومضاعفة مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية، وليس هذا لأن الأشخاص الذين يعانون من حالة صحية سيئة يصبحون أكثر عرضة لفقدان وظائفهم: أظهر تحليلنا لعام 2007 أنه حتى بعد إزالة تأثير الحالة الصحة الأساسية والخلفية الاجتماعية، ظل الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم أكثر عرضة للإبلاغ عن حالة صحية سيئة. 

تأتي بعض المعلومات التي نبني عليها هذه التوقعات المقلقة من فترات ركود وانكماش اقتصادي أخرى، مثل فترة "الركود الكبير" (2007-2009) ، لكننا نتوقع أنه قد تكون هناك نتائج أسوأ في أعقاب كوفيد-19. بلغ معدل البطالة الذروة خلال فترة الركود الكبير 10٪ ، بينما بلغت ذروة معدل البطالة في عام 2020 حوالي 15٪

يصبح التعافي الاقتصادي متزعزعًا مع سريان القيود الوبائية، علاوة على أن بعض الأعمال قد تغيرت بشكل دائم، مما يجعل من الصعب على بعض العمال المُسرَّحين استعادة وظائفهم القديمة.

اقرأ أيضاً:  دليلك للتعرف على الحكّة الشتوية وطرق مكافحتها

علاوة على ذلك، يعاني العديد من الذين ظهرت عليهم أعراض خطيرة لـكوفيد-19 من التعافي البطيء، وقد لا يعملون بنفس طاقتهم السابقة لبعض الوقت. قد يحتاج آخرون إلى تولي مسؤوليات إضافية في تقديم الرعاية لأن أقاربهم ظلوا مرضى أو توفوا، تاركين وراءهم من يحتاج إلى الرعاية. هذه العواقب منتشرة بشكل غير متساو، حيث ينتشر فقدان الوظائف والوفيات بشكل أكبر في مجتمعات الأقليات العرقية والإثنية.  

مؤخرًا، بدأت تظهر بعض التحليلات الأولية حول الآثار الصحية المحتملة للبطالة المرتبطة بـكوفيد لا سيما بين الفئات الضعيفة من السكان.

في ورقة بحثية حديثة لم تخضع بعد لمراجعة الأقران، يقدر الباحثون أن سكان نيوزيلندا قد يفقدون إجمالي 36900 عام من حيواتهم الصحية ( السنين المتوقع أن ينعموا فيها بصحة جيدة) بسبب تزايد أمراض القلب والأوعية الدموية بعد فقدان الوظائف المرتبط بالوباء؛ ومن بين السكان الماوريين الأصليين (وهي الفئة الأكثر ضعفاً في البلاد)، كان معدل السنوات الضائعة أعلى بأربعة أضعاف مما هو عليه بين غير الماوريين.

ماذا يمكن أن يُفعل؟

من الأهمية بمكان أن يدعم صانعو القرار صحة ورفاهية العمال المَُسرَّحين وأسرهم، لا سيما أولئك الأكثر عرضة للتدهور الصحي.

 على الرغم من أن الولايات المتحدة لديها بعض خيوط شبكة الأمان الاجتماعي- مثل إعانات البطالة التي تصل إلى 26 أسبوعًا، والتي تُمنَح في معظم الولايات علاوة على المساعدة الإضافية في حالة الوباء - إلا أن ذلك لم يكن كافيًا لمنع زيادة هائلة في انعدام الأمن الغذائي واستخدام مخزونات الطعام خلال كوفيد

نحن بحاجة إلى توفير استجابة أكثر قوة للأشخاص العاطلين عن العمل، بما يشمل تغطية تأمين صحي مستمرة، للمساعدة في تخفيف العبء الاقتصادي لفقدان الوظائف، وبالتالي التخفيف من بعض عواقبها الصحية.

يعد هذا الدعم ضروريًا بشكل خاص للأشخاص الذين تضرروا بشدة من فيروس كوفيد-19 - مثل الأقليات العرقية والإثنية - الذين يواجهون أيضًا لامساواة بنيوية طويلة الأمد في ظروف المعيشة والعمل، والتي تؤثر على فرص عملهم، وقد تشكل تعافيهم المالي.

وفي العموم ، نظرًا للتأثير المحتمل على المدى الطويل لفقدان الوظائف، فإن أفضل طريقة لحماية صحة العمال هي تحفيز الشركات على عدم تسريح العمال - وإذا كان تسريح العمال أمرًا لا مفر منه ، ينبغي تحفيزهم على إعادة توظيف العمال المسرحين في أقرب وقت ممكن.  في كاليفورنيا، على سبيل المثال، عندما تصبح الوظائف متاحة، يتعين على الشركات العاملة في الصناعات التي تضررت بشدة، مثل إدارة الفنادق والفعاليات، إعادة توظيف الأشخاص الذين تم تسريحهم أثناء الوباء

يتوجب على صانعي القرارالاستمرار في توجيه الموارد نحو أصحاب العمل لمساعدتهم على استمرار الأعمال، إبقاء العمال في وظائفهم.

لمعالجة جميع العواقب الصحية للوباء، يجب أن نفكر على نطاق واسع في التدخلات والسياسات. يجب أن ندرك النطاق الواسع لفقدان الوظائف عبر الأسر والصناعات، وليس فقط في أماكن العمل التي تتصدر عناوين وسائل الإعلام، والعبء غير المتكافئ الذي يشعر به العمال المحرومون بالفعل حتى من قبل كوفيد. 

 لا يكمن الحل الحقيقي في العودة إلى العمل فحسب، بل في جعل الأمريكيين يحصلون على وظائف آمنة تدفع أجرًا معيشيًا، وتسمح بالتعافي الاقتصادي جنبًا إلى جنب مع علاج الناس، وتعافي أنظمة الرعاية الصحية.

تم نشر هذا الموضوع بتصريح من Knowable Magazine، التي تصدرها مؤسسة Annual Reviews، وهي مؤسسة غير ربحية تعنى بأمور النشر العلمي، حيث تقوم بانتاج المحتوى المعرفي الذي يسهم بتطور العلوم المختلفة وبالتالي الارتقاء بالمجتمع. سجل الآن للاشتراك في نشرة Knowable البريدية من هنا.

البطالة والجائحة,البطالة ضارة بالصحة

اقرأ أيضاً اعراض الشلل الرعاش.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share