صدف في تاريخ العلم - 10 اختراعات اكتشفت بالصدفة نستخدمها في حياتنا اليومية

10 اختراعات نستخدمها في حياتنا اليومية اُكتشفت بالصدفة

صدف في تاريخ العلم

"الحاجة أم الاختراع" ولكن.. أحيانًا ما يخالف العلم هذه القاعدة، وتؤدي المصادفة لاكتشافات جديدة غير متوقعة على الإطلاق. في هذا المقال نستعرض بعض المواد والأجهزة التي نستخدمها في حياتنا اليومية، واكتشفناها بالصدفة. 

10 اختراعات نستخدمها في حياتنا اليومية

صدف في تاريخ العلم - اختراعات اكتشفت بالصدفة

1- فرن الميكروويف

في نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945، كان المهندس "بيرسي سبينسر" يعمل على تطوير الرادار، وفي أثناء عمله اكتشف أن قطعة الشوكولاتة التي وضعها في جيبه قد ذابت تمامًا، ما دفعه للتفكير في سبب ذوبانها بهذه السرعة، ورجح أنه ربما تكون أشعة الميكروويف التي يعمل عليها هي السبب. 

اختبر "سبينسر" أطعمة أخرى، بما في ذلك حبوب الذرة، التي تحولت بفعل أشعة الميكروويف إلى فشار، فأنشأ صندوق معدني ومرر بداخله موجات الميكروويف، ليكتشف أنها موجات دقيقة لا تستطيع المرور عبر المعدن، ما يجعل فرن الميكروويف يطهو الطعام أسرع من الأفران التقليدية التي تستخدم الحرارة.

في نفس العام، حصل "سبينسر" على براءة اختراع فرن الميكروويف، ليخضع للتجربة العامة في عام 1947، وعلى الرغم من توجس البعض خيفة من هذه الأفران التي تستخدم الإشعاع، فإنه وفي خلال 50 عام فقط، استطاع أن يغزو مئات الملايين من المنازل حول العالم، ليصبح أحد أكثر الأجهزة التي نستخدمها لتسهيل حياتنا اليومية.

2- التيفلون

في عام 1938، كان الدكتور "روي بلونكيت" يعمل على بحث متعلق بغازات التبريد، وكان غاز رباعي فلورو الإيثيلين (TFE) أحد هذه الغازات التي يُجربها في بحثه. بعد تخزين الغاز في أسطوانة مفتوحة، اكتشف "بلونكيت" ومساعدوه وجود مسحوق أبيض غريب داخل الأسطوانة، أطلقوا عليه اسم (PTFE) أو التيفلون.

بفحص هذا المسحوق وجدوا أنه مقاوم للحرارة، ولديه احتكاك سطحي منخفض، ولا يتفاعل مع الأحماض المسببة للتآكل، وهو إلى ذلك أحد أكثر المواد الانزلاقية في الوجود، ما يجعله أحد أكثر المواد التي تدخل في العديد من المجالات والصناعات، مثل الفضاء والاتصالات والإلكترونيات والهندسة المعمارية.

فضلًا على ذلك، فإن التيلفون يُعد مادة مثالية لصناعة أواني الطهي، حيث أحدث ثورة في صناعة الأواني، بحيث لا يلتصق الطعام بها، ما جعلها أحد أشهر أنواع الأواني وأكثرها انتشارًا حول العالم. 

3- المُحليات الصناعية

عند الحديث عن إعداد الطعام وأواني الطهي، لا يمكن أن ننسى المصادفة التي أدت إلى اكتشاف ثلاث من أشهر أنواع المحليات الصناعية في العالم. كانت الصدفة الأولى في عام 1879، عندما اكتشف "قسطنطين فالبيرج" الباحث بجامعة جونز هوبكينز أول محلي صناعي في العالم وهو السكارين. 

في أثناء عمل "فالبيرج" على بحث جديد عن مشتقات قطران الفحم، ذهب لتناول الغداء، ليُفاجئ بأن كل الطعام الذي يتناوله له مذاق حلو، فيكتشف أنه لم يغسل يديه قبل تناول الطعام، ويعود إلى معمله، ليجد أن المادة الموجودة على يديه هي كبريتيد البنزويك المشتق من قطران الفحم، الذي يفوق السكر من حيث المذاق الحلو بـ300 مرة. 

تكررت هذه الصدفة للمرة الثانية في عام 1937، ليكتشف طالب دراسات عليا بجامعة إلينوي، في أثناء عمله على بحث مرتبط بأحد أدوية علاج الحمى، أن السيجارة التي يشربها لها مذاق حلو، لأنه أيضًا لم يغسل يديه قبل تناولها، فيعود سريعًا لمعمله، ويكتشف مادة سيكلامات الصوديوم، التي دخلت في تصنيع أول مياه غازية بدون سكر في العالم. 

العجيب في الأمر، أن هذه الصدفة المرتبطة بالمحليات الصناعية، قد تكررت للمرة الثالثة في عام 1965، عندما اكتشف الكيميائي "جيمس شلاتر" مادة الأسبرتام، في أثناء عمله على تطوير علاج جديد لقرحة المعدة. 

4- رقائق الذرة

في أواخر القرن التاسع عشر، كان الدكتور "جون هارفي كيلوج" المشرف على مستشفى باتل كريك في ولاية ميتشيجان الأمريكية، وهي أحد أشهر المنتجعات والفنادق الصحية على مستوى العالم، يبحث مع شقيقه "ويل" عن أطعمة صحية يقدمونها لعملائهم، ولا سيما تلك المرتبطة بصحة الجهاز الهضمي، حيث رأي "جون" أن الكثير من مرضاه يعانون اضطرابات معوية. 

في أحد الأيام، تركت عجينة مصنوعة من حبوب القمح حتى تخمرت، وبدلًا من التخلص منها، اقترح الأخوان فردها وتحويلها إلى رقائق طويلة من العجين، وبعد تحميصها وتقديمها للعملاء، فوجئ الأخوان بنجاح التجربة وبرد الفعل الرائع، وبذلك حصلوا على براءة الاختراع. على مر السنين

جرب الأخوان المزيد من أنواع الحبوب، حتى استقروا في نهاية الأمر على أن حبوب الذرة هي الأفضل، ولتكون رقائق الذرة (الكورن فليكس) أحد أشهر وجبات الإفطار عالميًا. 

5- المطاط المقوى

في أثناء عمل الكيميائي الأمريكي "تشارلز جوديير" بشركة إيجل إنديا للمطاط، قضى نحو 5 سنوات في محاولة تحويل المطاط إلى مادة مقاومة لتغير درجات الحرارة، بحيث لا تتجمد  بفعل البرودة ولا تذوب بفعل الحرارة، وبعد سنوات من المحاولة المستمرة، وتجربة الكثير من الطرق، قرر "جوديير" استخدام مادة الكبريت. 

لم يدرك "جوديير" وقتها أن الأمر قد ينجح، فألقى بالمطاط المخلوط بالكبريت في الهواء، ليسقط على موقد مشتعل، وبدلًا من أن يذوب المطاط، فقد احترق مكونًا مادة جلدية ومقاومة للحرارة والماء، ليكتشف "جوديير" بالصدفة أنه صنع المطاط المقوى، الذي أخذ به براءة الاختراع، التي جعلت منه أحد أشهر المليونيرات في التاريخ الحديث. 

اقرأ أيضاً:  كيف يؤثر الصيام على صحة الفم والأسنان؟

جعلت مميزات مقاومة الحرارة والماء والملمس الجلدي من المطاط المقوى، مادة مثالية لصنع إطارات السيارات، التي نستخدمها يوميًا في حياتنا، دون أن ندرك أثر الصدفة علينا.

6- البلاستيك

في عام 1846، اكتشف الكيميائي السويسري "تشارلز شونباين" بالصدفة أحد البوليمرات، عندما سكب خليط من حمض النيتريك وحمض الكبريتيك على بعض القطن، ليكتشف حدوث تفاعل كيميائي بين مادة السليلوز الموجودة بالقطن ومجموعة النيترات، ولينتج عن التفاعل بوليمر النيتروسليلوز. 

في عام 1870، استخدم الكيميائي "جون هيات" بوليمر النيتروسليلوز في تفاعل كيميائي مع الكافور، لينتج عن هذا التفاعل مادة السليلويد، وهي أحد بوليمرات البلاستيك المستخدمة في أفلام التصوير الفوتوغرافي وكرات البلياردو والبينج بونج، وبذلك أصبحت الصدفة جزءًا من تاريخ صناعة البلاستيك وتطوره.

7- أعواد الكبريت

في عام 1827، كان الصيدلاني الإنجليزي "جون والكر" يعمل على تركيبة كيميائية، فاستخدم عصا خشبية في تقليب المواد الكيميائية داخل وعاء يحتوي على كبريتيد الأنتيمون وكلورات البوتاسيوم، وعندما انتهى من التقليب، لاحظ تكوّن كتلة جافة في نهاية عصا الخلط، وعندما حاول حك هذه الكتلة الصلبة للتخلص منها، فوجئ باشتعال النار فيها، لتصبح بذلك النموذج الأولي لأعواد الكبريت المستخدمة حتى الآن في كل أنحاء العالم. 

8- الزجاج غير القابل للكسر

هل تساءلت يومًا عن سبب عدم تحطم الزجاج الأمامي للسيارات عند تعرضها لحادث ما؟ الإجابة في الزجاج غير القابل للكسر أو ما يُعرف بزجاج الأمان، وهو نوع من الزجاج الذي يحافظ على تماسك أجزاءه، حتى وإن تعرض للكسر، ولذلك أصبح هذا الزجاج أحد أهم اختراعات السلامة والأمان المسجلة في تاريخ السيارات. 

اكتشف العالم الفرنسي "إدوارد بينيديكتوس" زجاج الأمان بالصدفة عام 1903. في أثناء تواجده بمعمله، سقط دورق اختبار من يديه دون قصد، لينكسر ولكن دون أن يتحطم تمامًا وتتفرق شظاياه في كل مكان كما هو متوقع، فقد ظل الدورق على حاله متماسكًا بالرغم من انكساره. 

ليكتشف "بينيديكتوس" أن مادة نترات السليلوز التي تركها في الدورق، جفت وحافظت على الزجاج من التحول إلى شظايا متناثرة، ما دفعه لتكرار التجربة عدة مرات، ومحاولة تطوير زجاج الأمان لاستخدامه في صناعة السيارات بحلول عام 1910. 

9- الفازلين

في عام 1859، سافر الكيميائي "روبرت شسبرو" إلى حقول النفط بولاية بنسلفانيا، للبحث عن المواد الجديدة التي يمكن الاستفادة منها كمنتج ثانوي للوقود، وعند وصوله علم بوجود مادة تُسمى "شمع القضبان"، وهي بقايا لعملية استخراج البترول، تعلق بآلات ومضخات النفط، فتعيق العمل بها، ولذلك يضطر العمال إلى إزالتها بشكل دوري. 

الغريب في الأمر، أنه علم باستخدام العمال لهذه المادة في علاج الجروح والحروق، فأخذ عينة منها وتوجه إلى بروكلين، حيث استطاع دراسة الفوائد العلاجية لهذه المادة، ما أثار اندهاشه وجعله يعمل على تنقية هذه المادة للوصول إلى هذه المادة الهلامية الشفافة والخفيفة التي نعرفها اليوم باسم "الفازلين"، ليحصل "شسبرو" على براءة الاختراع عام 1865، ويبدأ تصنيع هذه المادة، لتغزو كل أنحاء العالم.

10- الصمغ الفائق 

يُعد الصمغ الفائق (super glue) أحد أكثر المواد التي اخترعها البشر انتشارًا على مستوى العالم، ومع ذلك فإن اكتشافه لم يكن وليد الحاجة، ولكنه وليد الصدفة. في الحقيقة، استغرق اكتشاف الصمغ الفائق صدفتين وليست واحدة، ففي عام 1942، كان "هاري كوفر" يحاول تصنيع منظار تصويب فائق الشفافية لاستخدامه في البنادق خلال الحرب العالمية الثانية، باستخدام فئة من المواد الكيميائية تُسمى "الأكريلات". 

وجد "كوفر" أن المادة التي صنعها لم تكن جيدة بما يكفي لصنع المنظار، ولكنه لاحظ أنها  ممتازة في لصق الأشياء ببعضها، ومع ذلك، لم يتوقف "كوفر" عند ذلك الأمر، واعتبر أن اختراعه فشل. 

مرت بعد ذلك 9 سنوات، قبل أن تتكرر الصدفة مع "كوفر"، ففي عام 1951، عمل "كوفر" كمشرف في مشروع إنشاء مظلات مقاومة للحرارة لاستخدامها في الطائرات النفاثة، بالتعاون مع "فريد جوينر"، ليعملوا سويًا على صنع طلاء مقاوم للحرارة باستخدام الأكريلات.

في أحد الأيام، وضع "جوينر" أحد هذه الأكريلات بين عدستين لفحص معامل إنكسارها، ولكنه لم ينجح في ذلك، حيث التصقت العدستان ببعضهما تمامًا، ولم يتمكن من فصلهما، ما جعله يأسف على إهدار هذه المعدات المعلمية الباهظة دون فائدة، او هكذا كان يعتقد، حتى رأى "كوفر" أنهم ومن دون قصد، قد توصلوا لمادة لاصقة فائقة القوة، نعرفها اليوم باسم "سوبر جلو" 

في النهاية، قد يرى البعض أن هذه الاختراعات لم تكن سوى مصادفة، حظي بها بعض المحظوظين في تاريخ العلم، ولكن تبقى الحقيقة الراسخة، أنه لولا اجتهاد هؤلاء الباحثين والعلماء، لما استطاعوا حتى إدراك هذه المصادفات والبحث وراء ما يلاحظون، ليتوصلوا في النهاية إلى اختراعات واكتشافات لم يكونوا يتوقعوا الوصول إليها أبدًا. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات مرتبطة
Total
0
Share